١(٥٩) الله يختار
١- الله يختار ما يشاء
أ- وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨-٢٨) اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ (١٣-٤٢) نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ (٧٦-١٢)
وربك يخلق ما يشاء ويختار: استئناف في موضوع الشرك حسب السياق يبين وحدانية الله في أفعاله ينفي بها كل شرك. لا شريك له في خلقه ولا في اختياره ما يشاء لمن يشاء. ومن ذلك اختيار رسله وأوليائه. ما كان لهم الخيرة: أي في ما اختاره الله. يعني لا يختارون هم لله ما يشاءون كاختيار شركاء له افتراء عليه أو أي دين غير الذي فرضه عليهم ولا أن يختاروا نبيا ممن يشاءون هم. يجتبي: يختار ويصطفي. نرفع درجات من نشاء: فرفع الله درجة يوسف فوق درجة إخوته بل فوق دين الملك. فخالف يوسف حكم البلد دون مشكلة بمكيدة وعلم.
ب- لكل مخلوق درجته عند الله: هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ (١٦٣-٣) لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ (٤-٨) ( في الدنيا وخصوصا في الآخرة )
- كل حسب عمله: وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا (١٩-٤٦)( سواء في الجنة أم في النار )
ت- أما في الدنيا فقد فضل بعض الناس على بعض ليبتليهم: وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ (٣٢-٤٣) وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمُ (١٦٥-٦)
درجات في الرزق والعلم والقوة والجاه...
ث- والتفضيل في الآخرة أكبر: انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (٢١-١٧) والجنة مائة درجة. ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض أي خمسمائة سنة. وفي كل درجة درجات ما بين كل درجتين مائة عام. أنظر التفاصيل في كتاب قصة الوجود. وتفاضل أهل الجنة بعضهم فوق بعض أكبر بكثير من الذي في الدنيا.
- والمؤمنون سيكونون فوق الكافرين يوم القيامة: فصل يوم الحساب ١١٤-٤٩
- وستكون لهم الدرجات العلا : فصل الجنة ١١٧- ت٥٠
٢- الذين اجتباهم الله
درجة بني آدم:
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ (...) وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (٧٠-١٧)
كرمنا بني آدم: أول تكريمهم سجود الملائكة لأبيهم الذي خلقه الله بيديه ونفخ فيه من روحه وعلمه الأسماء كلها. وإبليس رفض تكريمه عليه. ثم كرمهم ببعث رسل إليهم وفضلهم على كثير من خلقه. وآخر التكريم إدخالهم جنة الخلد في أفضل مناطقها إلا من أبى أي كفر. أما سائر الحيوانات فستعود ترابا يوم القيامة. وفضلناهم على كثير ...: والتفضيل ليس هو الخيرية ويكون بما يعطيك الله من قدرات حتى وإن كنت كافرا. فأوتي الإنسان العقل والنطق والخط والقامة والقدرة على حمل الأمانة .... الخ. والتفضيل على الكثير وليس على الكل يعني أن خلائق أخرى فضلها الله بقدرات لم يعطها لبني آدم.
فضل بعضهم على بعض:
فقرة ١ت
فصل الناس٥٠- ٢٣
- تفضيل في الرزق: وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ (٧١-١٦)
- تفضيل الرجل على المرأة: فصل الرجل والمرأة ٨٨-٣
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ (٢٢٨-٢) أي لهم درجة فوق درجتهن. درجة: درجة تفرض على الزوجة إطاعة زوجها في المعروف إن أرادت رضا الله.
لقد اصطفى الإسلام كدين لخلقه:
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢-٢)( وهو دين كل الخلائق الذي يرضاه الله ) هذا من وصية إبراهيم ويعقوب لأبنائهما.
اصطفى: اختار. الدين: العقيدة. فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون: بلاغة في الإيجاز تعني: التزموا بالإسلام وهو الخضوع لله حتى تموتوا ولا تتركوه.
واصطفى من عباده من يرث كتابه العظيم القرآن:
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا (٣٢-٣٥) ← فصل القرآن ٩-٤١
وفي القدم اختار بني إسرائيل ليتلقوا رسله:
← فصل بنو إسرائيل ٥٥-٢ث (٣٢-٤٤)
- وكان هذا هو سبب تفضيلهم حينها على العالمين: فصل بنو إسرائيل ٥٥-٢
( لكنهم أغضبوه بسبب جرائمهم ثم اختار العرب لتلقي الرسالة العظيمة الخاتمة. وهو أكبر فضل من الله على عباده )
المؤمنون وعلماؤهم درجات عند الله: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ (١١-٥٨) هُوَ اجْتَبَاكُمْ (٧٨-٢٢)
يرفع الله ...: أنظر تفسير هذه الآية في فصل الله يخاطب المؤمنين ٧٣ - ٣٥ح. اجتباكم: اختاركم لدينه.
- كما يرفع درجات المجاهدين في سبيله ويفضلهم على القاعدين:
← فصل الجهاد ٨٥-٩ت
- وفضل الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا على الذين فعلوا مثلهم فقط من بعد : فصل المؤمنون في مرحلة الوحي ٦٧-١٠أ (١٠-٥٧)
وعن الرسل قال : اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ (٧٥-٢٢)( فلا رسل أنبياء من الجن ) وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ (١٧٩-٣)
- وفضل بعض النبيين وبعض الرسل على بعض : فصل الرسل ١٠-٩
- واصطفاهم على العالمين : إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣-٣)← فصل آدم ١١-٢٠
وآل إبراهيم: أي إبراهيم وأولاده وأحفاده وذريته. وآخر الأنبياء من ذريته محمد ﷺ. وآل عمران: أي عمران وزوجته التي ولدت مريم أم عيسى. وقد يدخل في هذا الآل زكريا ويحيى. ويحيى ابن خالة عيسى.
- إدريس : ← فصل إدريس ١٢-٢
- إبراهيم : اجتباه واصطفاه← فصل إبراهيم ١٧-١٠ب-١٠ت
- يوسف : وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ (٦-١٢)
وكذلك: أي بمثل ما رأيت في منامك. يجتبيك: يختارك. أنظر التفاصيل في فصل يوسف ٢٢-٧
- موسى : وَأَنَا اخْتَرْتُكَ (١٣-٢٠) قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي (١٤٤-٧)
- داوود وسليمان : حمدا الله على أن فضلهما على كثير من عباده المؤمنين← فصل داوود ٢٩-٤ (١٥-٢٧)
- يونس : فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠-٦٨)
فاجتباه: اختاره واصطفاه. فجعله من الصالحين: أي من أهل الجنة في الآخرة ونبيا رسولا في الدنيا.
- مريم : إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (٤٢-٣)
اصطفاك: اختارك. وطهرك: أي من الذنوب والآثام. واصطفاك على نساء العالمين: فهي تتميز عنهن بأنها المرأة الوحيدة التي كلمتها الملائكة وجاءها الروح من عند الله وأنجبت دون زوج نبيا.
- محمد ﷺ: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٤-٩٤) فجعل الله اسمه ﷺ مقرونا باسمه ( في الأذان والشهادة والإقامة والتشهد والخطبة ... الخ ). فرفع ذكره في الأرض وفي السماء وفي الملأ الأعلى.
- أمة محمد ﷺ: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (١١٠-٣) أي ظهرت إلى الوجود لإصلاح الناس. والخيرية منبثقة من الأمة بسبب إيمانها وأعمالها. أما التفضيل فهو من الله. أما في الدنيا فالله يفضلك بما يعطيك كنت مؤمنا أو غير مؤمن. فبنو إسرائيل فضلهم في القدم ببعث رسل منهم لكن لم يكونوا خير أمة. أما في الآخرة فسيفضلك بما عملت لوجهه. فالتفضيل يومئذ هو الأبقى لأنه هو الثواب على الخيرية.
- وقيل عن طالوت في القرآن : قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ (٢٤٧-٢)( وطالوت ملك من ملوك بني إسرائيل )
قال: أي نبي من بني إسرائيل قيل هو شمويل. بسطة: زيادة وسعة. العلم: أي علوم الدين والدنيا والتسيير والحرب.
٣- التفضيل يهم أيضا
الثمرات : فصل آيات الله ٤٢- ١٩ذ (٤-١٣)
مقارنة بين الكلام الطيب والعمل الصالح: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ (١٠-٣٥) الكلم الطيب هو كل كلام لا لغو فيه ولا تأثيم وخصوصا إذا كان لوجه الله. وكذا العمل الصالح. فالأول يصعد إلى الله في انتظار الجزاء عليه. أما الثاني فيرفعه الله مباشرة إلى درجة ثوابه. أو هذا العمل يرفع الكلم الطيب مصدقا له إلى درجة أعلى. والرفع أعظم وأسرع من الصعود. فالعمل الصالح يسبق عند الله قبوله والجزاء عليه ويدعم الكلم الطيب. إليه: أي إلى الله لا إلى آلهة أخرى لا وجود لها.
٤- أما بعد أمر الله ورسوله فليس للمؤمنين خيرة من أمرهم
← فصل الله يخاطب المؤمنين ٧٣- ٦ك٣ (٣٦-٣٣)
٥- وأوصاهم تجاه تفضيله بما يلي :
وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ (٣٢-٤) فتفضيل الله يكون بعطائه. فلا تتمنوا نفس العطاء الذي فضل الله به غيركم بل اسألوا الله من فضله. كل ميسر لما قدر له. ولا تتمنى النساء ما ميز الله به الرجال عنهن في أمور دينهم أي بما أعطاهم ولم يعطه لهن. ولا يتمنى الرجال ما ميز الله به النساء عنهم في أمور دينهن. ولكل ثواب حسب أعمالهم.
٦- وقال للمشركين:
أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣-٣٧) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤-٣٧)
أصطفى البنات على البنين: أي هل اختار البنات له وفضلهن على البنين بمعنى هل اتخذ من الملائكة إناثا كما تعتقدون وترك لكم الذكور ؟
وقال للذين ينسبون له ابنا : لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٤-٣٩)( أي لو أراد أن يكون له ولد لاصطفى من خلقه ما يشاء ( ولم يفعل ) وليس من نسل إذ لا نسل له. لم يلد ولم يولد. إنه الواحد الأحد. أما النصارى واليهود فينسبون له ابنا منه. وأما المشركون فيعتبرون الملائكة بنات الله ( مع أن ليس فيهم الذكر ولا الأنثى ). فسبحانه ليست له صاحبة ولا ولدا. تعالى عما يصفون. ( أنظر فصل الواحد ١(٣) )
الواحد : لا شريك له ولا ولد. القهار: كثير القهر ولا شيء يمنعه عن قهر ما يريد. فهو الغالب الظاهر على الكل.
٧- السلام على الذين اصطفاهم الله
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى (٥٩-٢٧)
قل الحمد لله: قل يا محمد: الحمد لله على هلاك الكفار وسلام على من اصطفاهم فنجاهم من العذاب. الحمد لله: هو الرضا بقضاء الله والشكر على نعمه في كل الأحوال. فمهما كانت حالة العبد فهو في نعم من الله.
إرسال تعليق