١٦- ذو القرنين
كان ذو القرنين ملكا عظيما من نوع خاص طوافا بجيشه إلى أقوام مختلفة ومحاربا في سبيل نشر الإسلام فجال الأرض من المحيط إلى المحيط. ومكنه الله في الأرض أعظم تمكين. ونبيا من نوع خاص أيضا يتلقى الوحي الذي يرشده في رحلاته ومواقفه كما هو واضح في خطاب الله له. وأيضا تنبؤه بخروج يأجوج ومأجوج. ولا يعلم بذلك إلا نبي. وأعظم من ذلك معجزته أنه أوتي من كل شيء سببا بلا شك عن طريق الوحي. وهذا جعله رسولا من نوع آخر كالخضر عليه السلام. وكونه كان محاربا ربما يدل على أنه كان بعد موسى عليه السلام وليس قبله. وما فرض القتال إلا بعد التوراة ( اللهم إن كان الله قد خصه به قبلها لكن هذا الاحتمال ضعيف والله أعلم ). وهذا ينفي أنه كان في زمن إبراهيم عليه السلام كما ذكر الأزرقي.
وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (٨٣-١٨) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (٨٤-١٨)
ويسألونك: دفع اليهود قريش لسؤال النبي ﷺ عن ذي القرنين. ذي القرنين: ربما لضفيرتين في شعره أو لقرنين في تاجه أو لعمره ... وهذا لقب اشتهر به قبل أن يتم رحلاته كما يتبين من خطاب الله تعالى له " قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (٨٦-١٨)". ولما بلغ بين السدين نودي أيضا بهذا اللقب: "قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ... ". منه: من للتبعيض. أي سأتلو عليكم بعضا من قصته. ذكرا: أي ما يذكر به. مكنا له: وأسباب التمكن في الأرض هي العلم والحكمة والقوة بكل أشكالها في ذلك الزمان والغنى والملك والنبوة. من كل شيء سببا: والسبب هو الحبل وهو هنا كل مسلك معلم من أوله إلى آخره ليؤدي ذا القرنين إلى ما شاء الله له. ومن كل شيء سببا يعني أوتي أسبابا كثيرة عليه أن يتتبعها وأيضا كل ما يستعان به ليبلغ أي شيء. فكانت حياته منذ إتيانه تلك الأسباب رحلات لاستكشاف مراد الله فيها وتنفيذ أوامره. ولا شك أنها وصلته بوحي منه والله أعلم. وكان أهم ما ذكر القرآن عنه هو رسالته لحبس يأجوج ومأجوج. وقبل ذلك تلى علينا ذكرا منه يبين أن الناس في زمانه كانوا منتشرين من المحيط إلى المحيط والشرك أيضا.
إرسال تعليق