١١٤- يوم الحساب
(19/26)
٤٥أ- لن تكون هناك شفاعة إلا بعد إذنه تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ (٢٥٥-٢) مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ (٣-١٠) وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٢٣-٣٤) يَوْمَئِذٍ لَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (١٠٩-٢٠) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠-٢٠)
من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه: أي من يقدر أن يشفع عنده يوم القيامة باستثناء من أذن له ؟ والشافع قد يكون ملكا أو نبيا أو أي إنسان مؤمن. لمن أذن له: أي لمن أذن له أن يكون شافعا عنده. والشفعاء من الناس يومئذ هم الذين اتخذوا عند الرحمان عهدا أي وعدا بالشفاعة بعد فوزهم بالجنة. وعليهم انتظار الإذن. ولن يأذن الله بها حتى يستقر أصحاب الجنة في الجنة بل حتى يدخلها أصحاب الأعراف أيضا لأن هؤلاء أفضل من الذين سيشفع لهم ويستقر أيضا أصحاب النار في النار ويصيروا فحما. حتى إذا فزع عن قلوبهم: أي زال الفزع عنها بإذن الله وأمره وهم في جهنم ينتظرون النتيجة. والضمير للمشفوعين وهم خصوصا الموحدون أصحاب الكبائر الذين ألقوا في النار. أما الشافعون الذين وعدهم الله بأن يسمع لهم فهم يومئذ في الجنة آمنين من أي فزع ينتظرون إذن الله ودورهم (فالأنبياء هم الأوائل الذين سيشفعون ثم الشهداء ثم المقربون شيئا فشيئا وكل من اتخذ عند الرحمان عهدا). قالوا ماذا قال ربكم: هذا قول الذين يرجون أن يشفع لهم. أي ماذا قال ربكم في شفاعتكم لنا ؟ ولم يقولوا " ربنا " مع أن الله ربهم أيضا ليتبين أن الشافعين هم أقرب إلى الله منهم بإطاعتهم له. قالوا الحق: أي في جميع الأحوال لا يقول الله إلا الحق. فإن رضي بشفاعة من أذن له فلأن ذلك حق. وإن لم يرض فلأن ذلك حق أيضا. وهو العلي الكبير: قد يكون من جواب المجيبين أو من كلام الله تتمة لقوله: " ولا تنفع الشفاعة عنده ...". والمعنى هنا هو أنه لا يعلى عليه في قضائه في من يستحق الشفاعة. وهو الكبير الأكبر من كل حاكم فينفذ ما حكم به. فعال لما يريد. والأعلى هو أيضا العالي فوق عرشه والكبير هو الذي لا شيء أكبر منه. فالسماوات والأرض سيكونان يوم الفناء كخردلة في يده. يومئذ لا تنفع الشفاعة ...: زمن طويل سيكون بين أحداث الآية السابقة وزمن الشفاعة. فلا يشفع من غير الملائكة والأنبياء إلا الفائزون الذين نجوا من الصراط واتخذوا عند الرحمان عهدا على ذلك أي وعدا. أنظر تفاصيل عن الشفاعة في كتاب قصة الوجود. إلا من أذن له الرحمان ....: أي لا تنفع الشفاعة يومئذ إلا من أذن له بالقول في الشفاعة.
يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم: أي يعلم ما يحدث أمامهم وما دخل في إطار علمهم وما يحدث وراءهم وما كان خارجا عن علمهم في الزمان والمكان. وهنا: يعلم أيضا ما هو ظاهر لمن يريد أن يشفع وما هو مخفي عنه. لذلك لا يأذن بالشفاعة إلا عن علم. ولا يحيطون به علما: أي لا أحد من الخلق يحيط بالله علما لا في صفاته ولا في أفعاله ولا في مشيئته. وفي هذا المقام لا أحد يعلم كيف سيتصرف الله تجاهه. هل سينجو من عذابه وهل سيشفع له إن دخل النار ؟ وهل سيمنحه حق الشفاعة إن نجا ؟ هذه الآية مطلقة تبين إحاطة الله بخلقه علما وعدم إحاطة الخلق به علما. وهذا المعنى جاء أيضا في قوله عن الرسل: " لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧-٢١) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨-٢١) "
٤٥ب- ولو تعلق الأمر بالملائكة: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (٢٦-٥٣) وكم من ملك في السماوات ...: أي مع علو منزلتهم لا يشفعون إلا بعد إذن الله. فكيف يطمع هؤلاء المشركون في شفاعة آلهتهم الباطلة ؟ لا تغني شفاعتهم: أي لا تنفع ولا تدفع شيئا من عقاب الله. يأذن الله لمن يشاء ويرضى: أي يأذن لشافع معين طبقا لمشيئته إن كان هو سبحانه راضيا عن شفاعة مشفوع معين.
٤٥ت- أو بالرسل: وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى (٢٨-٢١)
٤٥ث- قال تعالى أيضا: قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا (٤٤-٣٩) أي لا يوجد إله غيره يشفع عنده كما يعتقد المشركون. لله الشفاعة جميعا: أي هو المسؤول المطلق عن كل ما يتعلق بالشفاعة. وهو من يأذن لمن شاء من الشافعين أن يشفعوا عنده.
٤٥ج- بإمكان الذين اتخذوا عند الله عهدا أن يشفعوا: لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَانِ عَهْدًا (٨٧-١٩)( أي من سيعطيه الله من الفائزين يوم القيامة حق الشفاعة ويعده بذلك ثم ينتظر حتى يأتي الأجل ).لا يملكون الشفاعة: أي لا أحد من العباد من متقين ومجرمين يملك من تلقاء نفسه حق الشفاعة.
٤٥ح- وكذا الذين يشهدون بالحق، وليس المشركون وآلهتهم الباطلة: ← فصل المشركون ٥٧-١٥ش٩
وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦-٤٣) أي الذين يتخذهم المشركون آلهة لا يملكون حق الشفاعة باستثناء الذين شهدوا منهم بالحق أي بأن الله واحد لا شريك له وهم يعلمون بقلوبهم ما يشهدون به. فلا يشفعون إلا للمؤمنين بعد إذن الله. وهم المبرؤون من عبادة المشركين لهم كالملائكة وعيسى مثلا.
٤٥خ- سيطلب الكافرون الشفاعة بدون جدوى: فقرة ٤٨غ٣٦ر-٣٥
- سيعفو الله عن المؤمنين المستضعفين المقهورين: فصل القتال ٨٥-١٥ر (٩٩-٩٨-٤)
- ولن يغفر لعدد من الأشخاص: فصل الله لا يغفر للأشخاص التاليين ١(٧٢)
∙ والعفو محرم على من مات كافرا: فقرة ٤٨غ٣٩
∙ أما الذين يكفرون ويزدادون كفرا فلن يغفر لهم وهم لا يزالون أحياء في الدنيا: فصل الهداية ٤٨-٣٤ج (١٣٧-٤)
- قال تعالى لأصحاب النار في هذا المجال: مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩-٥٠) ما يبدل القول لدي: أي ما قلت ينفذ لا محالة ولا أبدل منه شيئا. يعني اختصامكم لدي لن يغير ما قضيت في الأزل. وهو عذاب جهنم لمن كفر بي.
إرسال تعليق