٤٤- الساعة (61/114)
٤٤ج١١- نزول الله
قال تعالى﴿ وجاء ربك والملك صفا صفا ﴾(٢٢-٨٩) سينزل الله مع الكروبيين بعد نزول ملائكة الدنيا وهو سبحانه في ظلل من الغمام. سينزل من عرشه إلى كرسيه بلا شك في الجهة الأمامية من أرض المحشر الممدودة، وفي هيأة تتناسب مع مختلف الحجوم يومئذ. وسيكون في أقصى الأمام وحده فوق الكرسي وهو لا يحتاج إلى مستقر ( وطبعا له القدرة على أن ينزل إلى كرسيه دون أن تغادر صفاته مقامه فوق عرشه إن شاء كما ينزل حاليا إلى السماء الدنيا. فيوم القيامة مقداره خمسون ألف سنة أي خمسون يوما من أيام جنة الخلد. فكونه تعالى فوق كرسيه يومئذ لا ينفي وجوده أو وجود صفاته فوق عرشه في نفس الوقت إن شاء وظهوره أو ظهور نوره لمن في جنة الخلد من الخزنة والحور والغلمان المخلدين وكل ما خلق فيها. فلا يجوز أن يظلوا في ظلمة طوال يوم الحساب. فهي جنة الخلد بكل ميزاتها منذ خلقت إلى الأبد ). وسيكون جبريل وميكائيل في مقدمة ملائكة الدنيا. الأول عن اليمين والآخر بلا شك عن الشمال والله أعلم. والجهة الأمامية من كل صف من صفوف الخلق يومئذ خاوية ليس أمامه إلا الله. وملائكة كل سماء أطول من الذين دونهم. وﻻ أحد منهم سيحجب الرؤية بطوله. فالناس سيرون كل الصفوف. ويتبين ذلك من قولهم لكل منهم عند نزولهم: " أفيكم ربنا ".
وستشرق الأرض بأنوار الملائكة عند نزولهم كما جاء في الحديث » وأشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم « ثم أكثر بكثير بنور الله عند مجيئه وهو في ظلل من الغمام. قال تعالى﴿ وأشرقت الأرض بنور ربها ﴾(٦٩-٣٩)﴿ هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ﴾(٢١٠-٢). قال ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو قال: يهبط الله حين يهبط وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب منها النور والظلمة والماء فيصوت الماء في تلك الظلمة صوتا تنخلع له القلوب « وسيصعق الناس عند مجيئه والله أعلم ( أنظر الفقرة ٤٤ت١ب٣ ). وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه عن ابن مسعود عن النبي ﷺ قال » يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء وينزل الله في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي « ويعلم الله كم عرض وغلظ هذه الظلل التي ستكون بينه وبين خلقه في الرسم الأفقي أمامهم بينما حجبه الآن في الرسم العمودي فوقهم. هذا يدل على أن أرض المحشر المستطيلة الشكل ستكون ممتدة أيضا في الهواء الذي خارج قبة العرش بمقدار لا يعلمه إلا الله لتسع هذه الظلل الغليظة إضافة إلى الكرسي الذي في أقصى أمامها يومئذ.
» ثم يهتف الله بصوته فيقول يا معشر الجن والإنس إني قد أنصت لكم منذ خلقتكم إلى يومكم هذا أسمع قولكم وأبصر أعمالكم فأنصتوا إلي. فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه «( حديث الصور ). فذلك هو يوم غضب الله الذي لم يغضب قبله ولا بعده مثله. وهو أيضا يوم رحمته. رحمة خالصة للمؤمنين وغضب على الكافرين. فاللهم اجعلنا من الذين ترحمهم يومئذ. وسيكون سبحانه دائما في ظلل من الغمام يوم حساب الخلق ( ولو ظهر أثناءه حتى ولو تحملوا نوره الأعظم لنسوا ما هم فيه يومئذ لأن النظرة إليه من أعظم النعم ). ولن يكشف إلا عن ساقه بعد ذهاب الكافرين إلى الديوان العسير حول جهنم. ولن يراه الخلق على هيأته حتى يدخلوا الجنة. وكذلك حملة العرش ومن حوله حتى يستقروا في أماكنهم الأبدية.
طبقا لاتجاهات الكون ( فقرة ١١ ) وشكل السماوات والأرض ( فقرة ٣٤ج٧ ) يمكن أن نعرف منذ الآن اتجاه الأمام الذي سينزل فيه الله يوم القيامة. فهو إما في جهة القطب الشمالي أو الجنوبي لكوكبنا الأرضي ( والأرجح القطب الشمالي كما رأينا لكون المسجد الحرام يوجد فوق خط الاستواء بعيدا منه ). ولا يتغير مع دوران الكواكب حول نفسها وحول غيرها. أما ملائكة الدنيا فستكون صفوفهم من جهتي يمين العرش وشماله مفتوحة من جهتي قطبي أرضنا.
إرسال تعليق