٤٤- الساعة (22/114)
٤٤ت١ب٣- الاستثناء:
أثناء نفخة الفناء التي ستطول سيفزع ثم يصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله. والاستثناء يخص الشهداء كما جاء في الحديث الذي رواه أبو يعلى عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال » سألت جبريل عليه الصلاة والسلام عن الذين لم يشأ الله أن يصعقهم ؟ قال هم الشهداء يتقلدون أسيافهم حول عرشه تتلقاهم ملائكة يوم القيامة إلى المحشر بنجائب من ياقوت نمارها ألين من الحرير مد خطاها مد أبصار الرجال يسيرون في الجنة يقولون عند طول النزهة انطلقوا بنا إلى ربنا لننظر كيف يقضي بين خلقه يضحك إليهم إلهي. وإذا ضحك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه «. عندما تبدأ أهوال الساعة والمور الشديد سيرتفع الشهداء بدون شك عن جنة المأوى الدنيوية الفانية. وسيأوون إلى مواضع حول العرش متقلدين أسيافهم كما قيل في الحديث ينتظرون ساعة البعث آمنين من أي شيء والله أعلم.
أما الأنبياء الذين هم أيضا أحياء في مختلف السماوات إذا لم يدخلوا في الاستثناء أي الذين منهم لم يقتلوا في سبيل الله فسيغمى عليهم فقط. وتلك صعقتهم وقد ذاقوا الموت لما كانوا في الأرض ( أنظر كتاب تصنيف وتفسير آيات وفصول القرآن العظيم - فصل الموت ١١٠- ٢٦ ). وصعقة ساعة الفناء والتي ستهم كل من في السماوات والأرض يومئذ إلا من شاء الله هي غير صعقة كل الناس يوم القيامة عند مجيء الله لفصل القضاء بين العباد. أخرج الإمام أحمد حديثا عن أبي هريرة: لما استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود قال رسول الله ﷺ » لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا موسى ممسك بجانب العرش فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله عز وجل « أخرجاه في الصحيحين من حديث الزهري به. وفي رواية » فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة يوم الطور« أي يوم تجلى الله للجبل.
أما الذين في جنة الخلد فلن تعنيهم النفخة في الصور. فلن يفزعوا ولن يصعقوا. فهم في نشأة أبدية منذ خلقوا. وقد نص الإمام أحمد على أن الحور لا يمتن عند النفخ في الصور. أما الأموات فلا يعلمون بشيء من أهوال الساعة كما جاء في حديث الصور إلا أنهم سيخرجون من حيث كانوا ثم يجعلهم الله في اﻵخرة إلى أن يبعثهم في أجسادهم الأصلية يوم القيامة. فجنة المأوى ستنشق وكذا السقوف. وروي عن النبي ﷺ أنه قال : " المؤمنون ( يعني أرواحهم ) وقت التبديل في ظل العرش ( أي تبديل الأرض والسماوات )". وروي أيضا أنه قال: " الناس وقت التبديل على الصراط " كما قال لعائشة رضي الله عنها لما سألته أين يكون الناس حينئذ قال " على الصراط " ( أخرجه الترمذي ). وروي أنه قال كذلك: " الناس حينئذ أضياف الله فلا يعجزهم ما لديه " وفي صحيح مسلم من حديث ثوبان في سؤال الحبر: " يا محمد أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال ﷺ: « هم في الظلمة دون الجسر » ". يتبين من هذه الروايات أن أرواح الناس ستغادر مستقراتها في جنة المأوى التي في أعلى الدنيا بالنسبة للمؤمنين والتي في سجين في باطن الدنيا بالنسبة للكافرين فتخرج من جوف الكرسي لتكون في عالم الآخرة في أمان من اﻷهوال. المؤمنون في ظل العرش كما جاء في الحديث أي تحت جوانبه وربما حيث كانوا يأوون إلى القناديل المعلقة هناك. أما الكفار فربما سيكونون وحدهم والله أعلم على الصراط في ظلمة أي تحت الحجاب الذي بين الجنة والنار ( أو تحت الجسر الذي سينطلق منه الصراط ). أي ربما لن تكون أرواح المؤمنين وأرواح الكافرين في نفس المستوى والله أعلم. وجاء في حديث الصور أن ملك الموت سيصعد إلى الجبار عز وجل ويقول: يا رب قد مات أهل السماوات والأرض إلا من شئت فيقول الله وهو أعلم بمن بقي فمن بقي ؟ فيقول يا رب بقيت أنت الحي الذي لا يموت وبقيت حملة العرش وبقي جبريل وميكائيل وبقيت أنا «
ونرى هنا مكانة وعظمة جبريل وميكائيل عند الله. فرغم أن لهما مستقرا في وسط السدرة فلن يموتا حتى يموت كل من في السماوات والأرض ويأذن الله. فهما أعظم ملائكة الدنيا كلها. أما الذين استثناهم الله فعلا فهم الشهداء وقد ذاقوا الموت من قبل.
أما حملة العرش ومن حوله فليست لهم مستقرات. ولن تعنيهم زلزلة الكواكب والسقوف في أي شيء. لذلك سيموتون بعد الذين في الدنيا. وإسرافيل من هؤلاء العالين العظام. سينفخ في صور عظم دارة فيه كعرض السماوات والأرض. وجاء في حديث الصور عندما يموت حملة العرش سيأمر الله العرش ليقبض الصور من ذلك الملك. ويتبين هنا أن للعرش جاذبية.
إرسال تعليق