U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==
AMAZON       APPLE  
banner

قصة الوجود - الخلق في السماوات والأرض - مفهوم معنى الجن والإنس في القرآن -0086

   

٢١- الخلق في السماوات والأرض


 

خلق الله سبع سماوات ومن الأرض مثلهن. لماذا ؟ قال تعالى﴿ وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون﴾(٢٢-٤٥)﴿ ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ﴾(٣١-٥٣) فخلق خلائق كثيرة في هذه السماوات والأرض ليجزي الذين أساءوا منهم بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.

الأدلة على وجود أنواع كثيرة من الجن والإنس في الكواكب:

إن السماء الدنيا مليئة بالشموس والأقمار والمجرات العظام. ووجود ناس آخرين كثيرين ممكن خصوصا والحديث النبوي يخبرنا بأن عدد ملائكة السماء الدنيا وهي كبيرة جدا ضعف من تحتهم من الجن والإنس ( فقرة ٣٤ج٧ ). 

أولا: عدد ملائكة السماء الأولى ضعف من تحتهم من الجن والإنس. وهؤلاء الملائكة يعمرون ثلثي السقف شبرا شبرا وأيضا أغصان وأوراق سدرة تلك السماء. وهم كما سنرى أصغر طولا من الناس. والثلث الأسفل خالي من الأحياء. والسقف هذا حلقة صلبة تحيط بحلقة العالم الكوكبي بكل مجراته الذي يقدر عرضه بملايير السنين الضوئية لا يعلم عددها إلا الله. وهو أكبر منه ( بثلاث مرات كما سنرى. وإن تعجبت من صلابة سقف يحيط بالسماء الدنيا فالعرش صلب أيضا وهو كالقبة فوق كل الكون الموجود). ما من موضع قدم في السقف إلا عليه ملك. ثم إن عددهم كما سنرى في ازدياد مستمر مع توسع السماء. أما كوكبنا فهو كنقطة في مجرة هائلة من بين الملايير من المجرات داخل الحلقة الأرضية. فهل يعقل أن يكون عدد بني آدم وجنهم نصف عدد كل هؤلاء الملائكة. كوكب الأرض ليس إلا كنقطة في بحر هائل الذي هنا يمثل سقف السماء الدنيا. فعدد بني آدم وبني إبليس كلهم إلى يوم الفناء لا شيء بالنسبة لعدد ملائكة السماء الأولى. وبالتالي وجود أعداد كثيرة من أنواع أخرى من الجن والإنس لا شك فيه ليكون مجموعهم كلهم نصف عدد هؤلاء الملائكة. أنظر تفاصيل عنهم في الفقرة ٢١ب.

ثانيا: في السماء دواب كما ذكر في القرآن ﴿ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير﴾(٢٩-٤٢). ودواب كل كوكب هي آيات لإنس ذلك الكوكب. ولا يحتاج لتلك الآيات إلا العقلاء مثلنا الذين يؤمنون بالغيب وهم لا يزالون في حياتهم الدنيا كالجن والإنس. أما الملائكة فلا يحتاجون لها ليؤمنوا بربهم. وقوله (وهو على جمعهم إذا يشاء قدير) تعني خصوصا الدواب الذين ليسوا ملائكة (مع العلم أن الملائكة تطير وتدب أيضا) لأن الملائكة جلهم دائما مجموعين في أماكنهم. والآخرون يعودون إليها ويظلون فيها إلى قيام ساعة الفناء. ثم يبعثون في أماكنهم وينزلون إلى أرض المحشر صفا صفا. إذن الجمع هنا يخص الجن والإنس والحيوانات لأنهم متفرقون ويموتون كل في مكان ما وينسون لكن الله سيحشرهم جميعا بقدرته ولن ينسى منهم أحدا. 

ثالثا: قوله تعالى ﴿يسأله من في السماوات والأرض﴾ (٢٩-٥٥) يدل على أن كل الخلق محتاج له. وأيضا على وجود أنواع كثيرة من الجن والإنس والحيوانات تسأل الله إضافة إلى وجود الملائكة. وهذه الآية جاءت في سورة الرحمان تخاطب الجن والإنس. أي هم المقصودون فعلا الذين يسألون الله حاجاتهم.

رابعا: كلهم ينتظرون الساعة كما قال سبحانه عنها ﴿ ثقلت في السماوات والأرض﴾ (١٨٧-٧). أي إنها أمر عظيم على كل من أخبروا بأمرها. وكثير من الخلائق ستحاسب باستثناء الملائكة. فالساعة ليست ثقيلة على الملائكة لأن لا خوف عليهم منها ولا هم يحزنون. هم يخافون فقط الله وعظمته كما قال في سورة الرعد ﴿ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته﴾(١٣-١٣). فالساعة ثقلت في السماوات والأرض على الجن والإنس. المؤمنون في حياتهم الدنيا مشفقون منها كما فال تعالى في سورة الأنبياء ﴿ الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون﴾(٤٩-٢١). أما الكافرون فمشفقون منها فقط بعد موتهم في قبورهم. فالآية تعني إذن عقلاء في السماوات والأرض أي في الكواكب. كل الإنس في مختلف الكواكب تلقوا بلا شك رسلا منهم يخبرونهم عنها. وكلهم سيفنون حينها ثم يبعثون على أرض واحدة.

خامسا: قال الله أيضا في سورة الزخرف ﴿وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله﴾ (٨٤-٤٣) وفي سورة الأنعام ﴿وهو الله في السماوات وفي الأرض﴾(٣-٦) أي المعبود من كل الخلق الذين في السماوات والذين في عالم الأرض أي الكواكب. وهو الله في كل هذه العوالم أي تتجلى صفاته كلها في هؤلاء الخلق. أما على الملائكة فلا تتجلى صفاته كلها عليهم بل بعضها فقط أو مع صفات أخرى لا نعلمها نحن لأن لله أسماء لا يعلمها كل الخلق. والعبادة بالغيب هي أعظم من عبادة الملائكة لأنها ليست جبرية تلقائية. والملائكة لا يتنعمون كالإنس لا في الدنيا ولا في الآخرة. وصنف الله العابدين أن منهم من يعبده طوعا ومنهم من يعبده كرها ﴿وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون﴾(٨٣-٣) وهذا يعني الجن والإنس في مختلف الكواكب لأن الملائكة جبلوا تلقائيا على عبادة الله لا طوعا من أنفسهم ولا كرها.

سادسا: إنسان بني آدم إلى يوم الفناء لن يرى إلا جزءا صغيرا من الحلقة الأرضية. فهل سيخلق الله ملايير من المجرات لا يمكن لنا حتى رؤيتها لبعدها الكبير عنا ويتركها دون أحياء وعقلاء وهو الذي عنده كل شيء بمقدار.

سابعا: كون كوكبنا فيه من كل دابة كما جاء في القرآن يدل على وجود دواب في الكواكب الأخرى ليس فيها كل الدواب.

ثامنا: لا يمكن تفسير وجود فضول في الجنة إلا بوجود أنواع من الجن والإنس جبلت على الإيمان كما سنرى في محله.

تاسعا: وجود أقطار متعددة في الفضاء يدل على وجود جن وإنس فيهن. فالله خاطب كل الجن والإنس بأن يخرجوا من أقطار السماوات والأرض. ولا يمكن لصنف واحد منهم، مثلا بنو آدم، أن يخرج من أقطار متعددة وإنما من قطر واحد.

عاشرا: جهنم والآخرة هما على شكل هرم واسع مقلوب. هذا يوحي لنا أيضا بوجودهم بل وبطبيعة أنواعهم وقدر إيمانهم. وعدم الإيمان بوجودهم لا يضر أحدا. لكن الإيمان بوجودهم يزيد في فهمنا للوجود ولشكل الكونين ويزيد في إيماننا. وهذا سنراه مفصلا في هذا الكتاب.

لكن بني آدم لن يروا أبدا في دنياهم الخلائق الأخرى من الجن والإنس لأن لا أحد منهم يستطيع الخروج من قطره كما جاء في القرآن. ولن يروا في حياتهم الدنيا لا العرش ولا الكرسي لأنهما خارج عالم المجرات. ولن يروا سقف السماء الأولى لأنه مرفوع وليس منيرا بنور مادي. ولن يروا مركز الكون الدنيوي أولا لأنه ليس منيرا وثانيا لأن عوالم أخرى تحول بيننا وبينه. ونفس الأمر بالنسبة للأرضين السفلية والعوالم البينية. وحتى عالم المجرات لن يروا منه إلى يوم الفناء إلا جزءا صغيرا لأن مسافة رؤيتهم لا يجب أن تتعدى أسفل الحلقة الأرضية لأن من تحتها عالم ممنوع عنا وهو العالم البيني بين الحلقة الأرضية الأولى والحلقة الأرضية الثانية. وأسفل هذه الحلقة الأرضية أقرب منا من يمينها وشمالها. لذلك لن يروا إلا جزءا صغيرا من عالم المجرات.

  

٢١أ- مفهوم معنى الجن والإنس في القرآن: أنظر الفقرة ٢٠أ٢

قال تعالى﴿ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ﴾(٥٦-٥١) أي ليطيعوا الله وبالغيب. وذرية آدم وذرية إبليس من المحاسبين الذين جعل الله فيهم حرية الاختيار بين الإيمان والكفر وبين الطاعة والمعصية وألهم نفوسهم فجورها وتقواها. ويوجد غيرهم كما سنرى في الفقرة الموالية. أما الملائكة والحيوانات والجمادات وبعض أنواع الإنس والجن فيسبحون بحمد الله تلقائيا وليس أمامهم نجدين كما للإنسان مثلنا. لذا لن يحاسبوا. ولن يعذب في النار إلا الظالمون من أنواع معينة من الجن والإنس لقوله تعالى﴿ ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس ﴾(١٧٩-٧). وذرأنا هنا بمعنى " كثرنا " مثل تكثير الذرية وليس تماما " خلقنا " كما قيل لأن قوله تعالى﴿ وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون ﴾(٧٩-٢٣) يبين أن ذرأ لا تعني بالضبط خلق لأن الإنسان خلقه الله في السماء ثم ذرأ ذريته في الأرض. بالتالي " ذرأنا كثيرا " أي " كثرنا كثيرا " من الجن والإنس ربما لا تعني فقط كثرة عددهم بل أيضا كثرة أنواعهم والله أعلم. وقوله تعالى﴿ سنفرغ لكم أيه الثقلان﴾(٣١-٥٥) يدل على أن المحاسبين هم منهم فقط.



   



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة