٤٩- الجن
(4/12)
١٢- إن الشيطان عدو مبين للناس← فقرة ٢٩
١٢أ- إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥-١٢) إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (٥٣-١٧) إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥-٢٨) عدو مبين: أي عداوته ظاهرة وحقيقية.
١٢ب- وكان عدوا لآدم: فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ (١١٧-٢٠) هذا: أي إبليس. اسم إشارة. فكان آدم يراه.
١٢ت- وأخبر الله آدم بذلك مرة أخرى عند خروجه من الجنة: وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ (٣٦-٢) اهبطوا: أي اهبطوا من الجنة إلى الأرض.
١٢ث- نصيحة الله وأمره في هذا الشأن:
١٢ث١- إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا (٦-٣٥) وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٢-٤٣) ولا يصدنكم: أي لا يصدنكم عن الصراط المستقيم المذكور في الآية قبل هذه. عدو مبين: أي عداوته ظاهرة وحقيقية.
١٢ث٢- الأمر بعدم اتباعه: وَلَا تَتَّبِعُوا خُطْوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨-٢) خطوات الشيطان: أي سبل الشيطان إلى جهنم. وتلك الخطوات ينشئها لمتبعيه.
بلاغ للمؤمنين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطْوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطْوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ (٢١-٢٤) والمنكر: كل ما ينكره الشرع بالنهي عنه. ويعم كل المعاصي.
١٢ث٣- يجب على الناس أن يتذكروا دائما قصة إبليس مع أبيهم آدم: يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا (٢٧-٧) لا يفتننكم: أي لا يضلنكم عن دين الله فتعصوا ربكم. أخرج أبويكم من الجنة: أخرجهما منها بفتنة وسوسته. ولم يقل " أخرجكم " كما هو معهود في أساليب القرآن. فذرية آدم كانت ستكون في الأرض مهما كان الأمر والله أعلم. فالله خلق الأرض لها قبل خلق آدم. ينزع عنهما لباسهما: أي تسبب في نزع لباسهما. أنظر التفاصيل في فصل آدم ١١ - ١١
١٢ث٤- وألا يتخذوه وليا: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (٥٠-١٨) أولياء: أي من يتولون أموركم فتطيعونهم. بئس للظالمين بدلا: أي من اتبعهم فهو ظالم واستبدل ولاية الله بولاية الشياطين. بئس الاستبدال ذاك.
١٢ث٥- كما قال إبراهيم لأبيه: يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَانِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (٤٥-١٩) عذاب من الرحمان: أي عذاب في الدنيا وفي الآخرة. فتكون للشيطان وليا: أي من نصيبه ومعه قرينا في النار.
١٢ث٦- يجب على المؤمنين أن يحاربوا أولياء الشيطان:← فقرة ٢٢أ
١٢ج- ويوم البعث سيقول الله في هذا الشأن: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠-٣٦) وَأَنُ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١-٣٦) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢-٣٦) ← فصل يوم الحساب ١١٤-٤٨غ٩ب-٤٨غ٩ت. لا تعبدوا الشيطان: أي لا تطيعوه. وعبادة الإنسان للشيطان هي اتباعه بترك صراط الله واتباع المحرمات. فالعصيان من وحي الشيطان. عدو مبين: أي عداوته ظاهرة وحقيقية. اعبدوني هذا صراط مستقيم: فعبادة الله هي الصراط المستقيم. جبلا: خلقا كثيرا أو جماعات كثيرة.
أ- وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (٣-٢٢)← فصل اعتقادات الكافرين ٦٠-١٧. ويتبع كل شيطان: أي يتبعه فيوحي له بما يجادل به. مريد: متمرد.
ب- وسيعاقبون على ذلك: وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (١١٩-٤) أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٩-٥٨) وليا: أي يطيعه في المعاصي. حزب: الحزب كل طائفة من الناس تجمعهم عقيدة أو مبادئ معينة. وحزب الشيطان هم متبعوه. الخاسرون: أي سيكونون في النار بخلاف الفائزين الذين سيكونون في الجنة.
١٤- ويدعوه أيضا
إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (١١٧-٤) يدعون: يعبدون. إناثا: كانت لقريش أصنام بتسمية الأنثى ويعتقدونها إناثا. أما قوله " إلا إناثا " يبين أن الذكر والأنثى من صفات الجن والإنس والحيوانات. أما الآلهة فلا يجوز ولا يليق بها أن تكون كذلك. فالملائكة مثلا ليس فيهم الذكر ولا الأنثى. فكيف بالله العظيم ؟
١٥- ويعبد الجن بصفة عامة← فصل الشرك ٥٧-١٩أ-١٩ب
أ- بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١-٣٤) هذه شهادة الملائكة يوم القيامة يتبرؤون من عبادة المشركين لهم. كانوا يعبدون الجن: كانوا يطيعون الجن الذين يوحون لهم بعبادتنا أو بعبادة غيرنا من دونك يا ربنا. بهم مؤمنون: أي مصدقون لوساوسهم ووحيهم لهم.
ب- من الناس من ينسب الجن لله: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨-٣٧) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩-٣٧) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠-٣٧) الجنة: كل خلق عاقل وخفي عن الإنسان واللفظ عام. ولقد علمت الجنة: أما هؤلاء الجنة فهم بلا شك الجن لأنهم محضرون للعذاب إلا المخلصين. جاء في آية أخرى: وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ (١٠٠-٦) فشركاء الجن يعتبرهم بعض المشركين منتسبين إلى الله. أما الملائكة فلا حساب عليهم ولا يفعلون إلا ما يأمرهم به الله. وجاء في الآيات السابقة أن المشركين يعتبرونهم بنات الله. نسبا: أي قرابة لكونهم لا يظهرون للناس. فاعتبر المشركون أن هذه الصفة من صفات الألوهية. ولقد علمت الجنة: أي بلغهم إنذار من الله: " من وسوس الشرك في الناس سيعذبه عذابا شديدا ". لكن رغم الإنذار منهم من لا يؤمن بالبعث كما جاء في آية أخرى. إنهم لمحضرون: أي للحساب العسير ومن تم إلى النار. ويتعلق الأمر بالجن والإنس إلا المخلصين منهم كما ذكر بعد هذه الآية. والمعنى الإجمالي هو أن المشركين ينسبون إلى الله مخلوقات ستحاسب مثلهم. سبحان الله عما يصفون: أي تنزه وتعالى عن هذا النسب الذي يصفونه به. إلا عباد الله ...: أي هؤلاء لن يكونوا من المحضرين للعذاب.
ت- نصيحة إبراهيم لأبيه في هذا الشأن: يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَانِ عَصِيًّا (٤٤-١٩) لا تعبد الشيطان: أي لا تعصى الله. فهذا العصيان من عبادتك وإطاعتك للشيطان لأنه هو من يوحي لك به. كان للرحمان عصيا: وبالتالي الشيطان بعصيانه للرحمان يأمر بما يبعد عن رحمته.
١٦- ومن الناس من يستعيذ بالجن فيزدادون عليهم جراءة ليرهبوهم أكثر
وَإِنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦-٧٢) قد تكون هذه شهادة من الجن أنفسهم لأنهم كانوا يخاطبون بعضهم بعضا. وقيل قد تكون من كلام الله للإنس نزل كفاصل بين كلام الجن. يعوذون ...: أي يستعيذون بهم ويستجيرون. رهقا: أي إثما وخوفا وجهلا.
١٧- إن الله هو الذي يرسل الشياطين على الكافرين
١٧أ- هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١-٢٦) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢-٢٦) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (٢٢٣-٢٦) هذه الآيات عودة إلى موضوع الشياطين الذين زعم الكفرة أنهم هم من نزلوا القرآن على النبي ﷺ. تنزل الشياطين: فالشياطين ينزلون ببعض أخبار السماء على الكهان. كل أفاك: كل كذاب كالكهنة. أثيم: كثير الذنب. يلقون السمع: الشياطين يسترقون السمع في السماء أي ما سيحدث لأهل الأرض فيلقون ما سمعوا إلى الكهان. والأفاكون الكهنة يلقون سمعهم لهم. وأكثرهم: أي أكثر الذين يلقون السمع وهم الشياطين والكهنة. كاذبون: فأكثر الشياطين يكذبون على الكهان بأخبار كاذبة أو بإضافتها إلى خبر صحيح. فهم شياطين في طبعهم. والكهان يفعلون نفس الشيء مع الناس. ونقتبس معنى آخر: الشياطين تتنزل على كل كذاب كثير الكذب كاهنا كان أو غير كاهن.
١٧ب- وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَفَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (٢٥-٤١) وقيضنا لهم: أي هيأنا وسببنا لهم وسلطنا عليهم. قرناء: أي قرناء من الشياطين. ما بين أيديهم: أي زينوا لهم المعاصي في الدنيا. أو زينوا لهم ما يعلمون أنه حرام فاتبعوه. وما خلفهم: أي زينوا لهم تكذيب أمور الآخرة. أو زينوا لهم ما لا يعلمون بأنه حرام فاتبعوه. أو ما خلفهم من سالف المعاصي فلم يتوبوا منها. وحق عليهم القول في أمم: حق عليهم قضاء الله في أن يكونوا من جملة الأمم السابقة في جهنم لأنهم يستحقونها. خاسرين: أي خسروا التمتع بأنفسهم فألقوا في النار. بخلاف الفائزين الذين سيفوزون بالجنة.
١٧ت- وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦-٤٣) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧-٤٣) حَتَّى إِذَا جَاءَانَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨-٤٣) وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمُ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩-٤٣)
نقيض: نسبب أو نتيح أو نهيئ أو نضم. وإنهم ليصدونهم: أي الشياطين. السبيل: أي سبيل الله الحق. ويحسبون أنهم مهتدون: أي أنهم على الحق. جاءانا: أي العاشي المعرض عن ذكر الله وشيطانه. المشرقين: أي مشرقي الصيف والشتاء للشمس. ولن ينفعكم اليوم: أي لن ينفعكم البعد الذي تتمنونه بينكم اليوم لأنكم ظلمتم. فأنتم في العذاب مشتركون.
١٧ث- الشيطان أسوأ قرين: وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (٣٨-٤)
١٧ج- إن الشياطين تغوي الكافرين باستمرار: أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣-١٩) ألم تر: أي ألم تعلم ؟ تؤزهم: أي تغريهم بالمعاصي وتهيجهم إليها. فكل كافر هو في قبضة شيطان. فجعل الله له سلطانا على كل من كفر.
١٧ح- والله هو الذي جعلهم أولياء لهم: إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٧-٧) فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ (٦٣-١٦)← فصل اعتقادات الكافرين ٦٠-١٧. فزين لهم: أي زين هنا للأمم قبل بعثة محمد ﷺ. وليهم: أي من يتولى أمورهم. فبتزيينه لك لشيء ينسيك أو يصدك عن الصواب. اليوم: أي في الدنيا. ولن يكون وليهم في الآخرة. بل كل العباد سيردون إلى الله مولاهم الحق.
١٧خ- مثل عن الرجل الذي انسلخ من آيات الله: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥-٧) أنظر تفسير هذه الآية في فصل الأمثال ٤٦-٣٨
إرسال تعليق