U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

قصة الوجود - أصحاب الأعراف -0381

   

  ٤٤- الساعة (110/114)

 

 

٤٤ض- أصحاب الأعراف

قال تعالى﴿وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم﴾(٤٦-٧). أصحاب الأعراف هم بلا شك من الموحدين الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم في الميزان. لذلك لن يحملوا أوزارا بعده. وسيكونون في مسيرتهم خلف أصحاب اليمين. وسيساقون إلى الصراط أيضا. ولن يقضي الله فيهم قبله ولن يبدل سيئاتهم حسنات بل سيمنحهم فقط نورهم على قدر حسناتهم ليتمكنوا من المرور عليه. وهو نور يوقد مرة وينطفئ مرة. أي بحسناتهم وسيئاتهم. وسيمرون بعد الذين ثقلت موازينهم ويخرجون منه مخدوشين يحبون. أما المنافقون فهم آخر من سيمر عليه من كل أمة ثم يكورون إلى الدرك الأسفل من النار.

أما الذين ثقلت موازينهم فسيذهبون بعد الصراط إلى الرحمان وفدا، إلى الأمام. وإن كان بين أحد من هؤلاء وبين الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم غل قضي بينهم قبل ذلك. وإذا كان السابقون وأصحاب اليمين سيرفعون إلى أبواب الجنة ويدخلونها فالذين استوت حسناتهم وسيئاتهم لن يرفعوا إليها لأن الله لم يقض فيهم بعد. لكن بعد دخول أهل الجنة الجنة سيدخلون هم إلى الفضاء الذي بينها وجهنم وقد ردت إلى مكانها المعتاد فوق الجحيم. وهناك سيكونون فوق الأعراف. وهي بلا شك على شكل مدرجات ليتمكن كل من عليها من أن يرى ما تحته. مدرج لكل نوع من الجن أو الإنس. لذلك ذكرت بالجمع والله أعلم. ونشير هنا إلى أن المسافة بين أسفل روضة في الجنة وبين أعلى حفرة في جهنم هي بنفس المدة الزمنية كالمسافة بين أية روضة والتي فوقها مباشرة. يعني إن جهنم بحفرها تتم عالم الآخرة تحت الجنة بروضاتها ليس بينهما إلا حجاب. وسميت الأعراف بهذا الإسم ربما لأن بمكانها المرتفع عن جهنم تمكن من كان عليها من أن يتعرف على من في الجنة ومن في النار. والحجاب الأفقي الذي بينهما لا يحجبهما عن أصحاب الأعراف. ولا يوجد بلا شك إلا فوق الثلث الأوسط من طول الطبقة العليا من جهنم. أي لا يوجد فوق ثلثها الذي عن اليمين ولا فوق ثلثها الذي عن الشمال لأن ليس فيهما أحد. أما عرضه من الأمام إلى الخلف فكعرض الطبقة الأولى من جهنم دون حافتيها.

إن الجن والإنس لن يحتلوا كما سنرى إلا الثلث الأوسط من عالم الآخرة. وعندما ترسم الحدود بين الجنة والنار ( أنظر الرسم ٢٧ في آخر الكتاب ) سترى أن أصحاب الأعراف بإمكانهم أن يروا من في الجنة ومن في النار. والحجاب الذي بينهما يوجد في الوسط أي ليس تماما فوق رؤوسهم في الرسم العمودي الذي هم فيه. وأصحاب النار تحته في ظلمة ولا يرون ما فوقهم. أما أصحاب الجنة فلا يرون جهنم تحتهم تلقائيا لكيلا ينزعجوا بمنظرها. فالحجاب يحجب عنهم ذلك لكن من أراد أن يطلع على من في النار اطلع عليهم كما جاء في القرآن. أما الأعراف فموقعها من الحجاب كما قلت يمكن أصحابها وكل من وقف عليها من التعرف على من في النار ومن في الجنة بسيماهم. فلأهل النار سيمات تختلف باختلاف جرائمهم ولأهل الجنة سيمات تختلف باختلاف أعمالهم الصالحة. فالمتكبرون لهم سيمة تميزهم عن غيرهم والمشركون لهم سيمة مختلفة وآكلوا الربا أيضا ...الخ. فيعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام. هذا إضافة إلى السيمة الرئيسية التي تميز أهل النار عن أهل الجنة وهي سواد الوجوه. أما أهل الجنة فيتميزون عنهم ببياض وجوههم وبأنوارهم. وربما لكل منهم سيمات تميز بعضهم عن بعض. فالصائمون قد تكون لهم سيمة والمقاتلون في سبيل الله قد تكون لهم سيمة مختلفة والمتصدقون... الخ والله أعلم.    

وأهل الأعراف بلا شك درجات أيضا. فالذين منهم من أمة محمد أفضل من غيرهم. وبالتالي سيرفعون فوق الآخرين كل حسب ملته. وهم بلا شك ثمانون صفا كما رأينا ثم أربعون صفا من الأمم الأخرى. وفوق الأعراف سينتظرون رحمة الله. وهم آخر من سيحكم فيهم من العباد كما جاء في حديث قاله سعيد بن داود. وسيحكم فيهم وهو فوق عرشه وليس فوق كرسيه.

وسينادون أهل الجنة فوقهم للسلام عليهم ﴿ ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون (٤٦-٧) وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ﴾(٤٧-٧). أما قوله تعالى: " لم يدخلوها وهم يطمعون " فلأنهم يرون فضاء الجنة مفتوحا مباشرة فوق رؤوسهم لكنهم لن يستطيعوا أن يرتقوا إليها لأن ليس لديهم نور ليرفعهم. حسناتهم وسيئاتهم متساوية. والآية قد توحي أيضا بأن ربما من هناك سيرفعون إلى الجنة دون أن يخرجوا من عالم الآخرة ليرفعوا إلى أبوابها. ويتبين أن كلام أصحاب الأعراف يصل إلى أهل النار رغم المسافات الهائلة التي قد تقاس عندنا بملايير السنين الضوئية. بل أصحاب الجنة التي عرضها السماوات والأرض يصل كلامهم إليهم أيضا. وهذا من عجائب عالم الآخرة لقوله تعالى﴿ ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار .... ﴾(٤٤-٧)

وسيمكث أهل الأعراف في أماكنهم ما شاء الله من الزمن حتى ييأس أهل النار من رحمة الله لهؤلاء. وهو انتظار شديد على النفوس. ثم يأذن سبحانه لهم بدخول الجنة. وسيكونون في الطبقة الثانوية العليا من الطبقة الرئيسية الأولى. سيقول تعالى في آن واحد لأهل النار﴿ أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ﴾(٤٩-٧) ولأصحاب الأعراف﴿ ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ﴾(٤٩-٧). فله القدرة على أن يكلم في نفس الوقت مخلوقات متعددة لا تحصى في السماوات والأرض في مواضع عديدة وبألسنة مختلفة. فيرفعون مباشرة من الأعراف إلى مقاعدهم في الجنة والله أعلم ( أنظر الآيات في ذلك في كتاب تصنيف وتفسير آيات وفصول القرآن العظيم - فصل ١١٦-٥ ). وجاء في حديث أنهم مساكين أهل الجنة.  



   



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة