U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

قصة الوجود - الخروج من الصراط -0373

   

  ٤٤- الساعة (102/114)

 

 

٤٤ز- الخروج من الصراط

قال تعالى﴿ وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون ﴾(٦١-٣٩) وبالنسبة لبني آدم ورود المؤمنين منهم جهنم هو إذن فقط مرورهم على الصراط. فلن يدخل أصحاب اليمين من أبواب جهنم أبدا. وكذلك المنافقون إلا أن هؤلاء سيهوون إلى الدرك الأسفل منها أثناء مرورهم على الصراط ( وبالتالي هذا الدرك الأسفل لا أبواب له ). ولقد وعد سبحانه المؤمنين بأنهم لن يخافوا ولن يحزنوا في ذلك اليوم العظيم﴿ لا يحزنهم الفزع الأكبر ﴾ (١٠٣-٢١) وهو موطن الظلمة الشديدة وتعذيب الكفار حينها. ولا شيء يفزع أكثر من يوم الحساب﴿ وهم من فزع يومئذ آمنون ﴾(٨٩-٢٧) وسيرحمهم سبحانه. ولا خوف عليهم في أي ديوان وفي أي موطن. ولن يحزنوا مما ينتظر الناس في الدواوين والمواقف التي لم يمروا منها بعد. أما الكافرون ففزعهم سيبدأ مع خروجهم من الأجداث إلى أن يدخلهم الله النار. قال تعالى﴿ وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ﴾(١٨-٤٠). فهو يوم عسير على الكافرين غير يسير.

وعندما يخرج المؤمنون من الصراط سيلقون محمدا على الحوض إن كانوا من أمته. وكل أمة ستلقى رسولها على حوضه بعد ذلك. في حديث أخرجه الحافظ أبو يعلى في مسنده وعن أبي كعب رضي الله عنه » وسيشربون من الحوض. قيل وما الحوض يا رسول الله ؟ قال « والذي نفسي بيده إن شرابه أبيض من اللبن وأحلى من العسل وأبرد من الثلج وأطيب ريحا من المسك، وآنيته أكثر من عدد النجوم لا يشرب منه إنسان فيظمأ أبدا ولا يصرف فيروى أبدا « فمن صرف عنه يبقى دائما في عطش شديد. وهم أصحاب النار الذين لن يبلغوا مكانه أبدا. ورأينا أنهم سيساقون إلى جهنم وردا بينما المؤمنون سيحشرون إلى الرحمان وفدا بعد شربهم من الحوض. وفي حديث غريب أخرجه الترمذي عن سمره قال: قال رسول الله « إن لكل نبي حوضا وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردة وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة « وفي حديث مسلم إن حوض النبي على الكوثر:» لما نزلت﴿ بسم الله  الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر ﴾ قال « هل تدرون ما الكوثر ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال إنه نهر وعدنيه ربي عز وجل في الجنة عليه خير كثير عليه حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء ». وعدد نجوم السماء هنا يدل على كثرة المؤمنين. وطبعا يتعلق الأمر بالنجوم التي توجد في قطرنا. ولقد رأينا معنى القطر وحدوده في الفقرة ٢١ب.

وأحواض الرسل وكل أنبياء الدنيا هي والله أعلم مبنية في أراضي عالم الآخرة المرتبطة بها أي ليست من أرض المحشر. في حديث رواه الإمام أحمد قال « وأعطاني الكوثر وهو نهر في الجنة يسيل في حوضي ». وجاء في رواية أنه سيخشب في الحوض ميزابان من السماء من نهر الكوثر.

أما شراب أحواض الرسل فربما يأتي من شراب حوض النبي ن الله خصه بنهر الكوثر والله أعلم. أي ربما ليس للأنبياء أنهارا مثله في الجنة خصوصا وشراب أحواضهم سيكون له نفس المفعول وهو أن لا يظمأ من شرب منه. فأهل الجنة كلهم يصيبهم ظمأ.

وكل من اجتاز الصراط يومئذ سيشرب من الحوض. والمقربون هم الأوائل. وبعد مرورهم من ديوان الفائزين ( أنظر الفقرة الموالية ) سيسيرون إلى الأمام، إلى الجهة التي فيها الرحمان، ركبانا كما قال تعالى﴿ يوم نحشر المتقين إلى الرحمان وفدا (٨٥-١٩) ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ﴾(٨٦-١٩). وسيساق المجرمون الذين تم الخسف بهم إلى الأرضين السبع وردا إلى أبواب جهنم. وذكر " المتقين " هنا يبين أن لا أحد معهم من الكفار أو من المنافقين. أما المقربون فسيقطعون ركبانا مسافة هائلة جدا في اتجاه الأمام حيث مقام الله. وسيقتربون منه أكثر من غيرهم. ثم يرفعون إلى مستوى طبقتهم. ذلك لأن حدود جدر الجنة مائلة من أسفلها إلى أعلاها ( وأعلاها أقرب إلى الله يومئذ من أسفلها وسبحانه حينها في أقصى الأمام ). وهذه المسافة لا تقل عن نصف عرض سقف السماء السابعة الذي يقابله في الآخرة أدنى الطبقة الثامنة من الجنة حيث أبوابها. ثم الذي يلونهم سيقطعون ركبانا مسافة أقل من ذلك ( نصف عرض سقف السماء السادسة ) ليدخلوا بعد رفعهم من أبواب أدنى الطبقة السابعة. ثم الذي يلونهم سيقطعون ركبانا مسافة أقل من ذلك ( نصف عرض سقف السماء الخامسة )  ليدخلوا بعد رفعهم من أبواب أدنى الطبقة السادسة ... وهكذا. أما الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم وخرجوا من الصراط فلن يقطعوا أية مسافة بعده لأنهم لن يرفعوا إلى أبواب الجنة. وفي نفس الوقت سينصرف كل الملائكة الذين عن اليمين والذين عن الشمال إلى الأمام أيضا وقد رفعت ارض بهم لما رفعت بالمؤمنين قبل المرور على الصراط. ملائكة السماء السابعة وملائكة سدرة المنتهى سيذهبون إلى أقصى الأمام مع المقربين من الجن والإنس الذين في وسطهم ( أي بين الملائكة الذين عن اليمين وبين الذين عن الشمال. أنظر الرسم ٢١ ). ثم ملائكة السماء السادسة سيلونهم مع المؤمنين من الجن والإنس الذين سيدخلون معهم إلى نفس الطابق من الجنة، ملائكة من جهة اليمين وملائكة بنفس العدد من جهة الشمال. ثم ملائكة السماء الخامسة وهكذا. ثم ملائكة السماء الأولى مع الجن والإنس الذين سيدخلون الطبقة الثانية من جنة الخلد. ونذكر أن بين المحاسبين من الجن وانس وبين الملائكة الذين عن اليمين والذين عن الشمال ستكون أنواع أخرى كثيرة من الجن وانس تسير أيضا في اتجاه امام ولم تكن مرت على جهنم ﻷنها ليست في طريقها وكانت تعبد الله كالملائكة. وكل الخلائق المؤمنة عليها أن تنتقل إلى أرض المحشر التي أمام جهنم لتحشر إلى الرحمان وفدا وليس فقط بنو آدم. وهذه الأرض ستكون أوسع لهم من التي تركوها خلف جهنم والتي تجزأت جزأين لكل نوع من الجن ومن معهم من الإنس. ستسعهم عندما سيجزؤون جماعات هائلة بعضها وراء بعض ( كل مجموعة لطبقة معينة ) وصفوفا عريضة بعضها " بجانب بعض" ( كل صف لباب معين ). أما الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم فلن يكون معهم ملائكة. وسيكونون بعد الصراط خلف المؤمنين الآخرين. وتنظيم الصفوف بهذا الشكل سيكون ضروريا ليرفع كل جزء بصفوفه إلى مستوى الطبقة المخصصة له في الجنة ( أنظر الرسم ٢١ ). والجنة يومئذ قد أزلفت للمتقين. وهم نفس "المتقون" الذين حشروا إلى الرحمان وفدا. وستنزل ليقترب أدناها من أعلى جهنم. وسينزل مع نزولها عرش الله ورداء الكبرياء. فالمسافات بين هؤلاء الثلاثة لا تتغير لتظل الجنة على حالها على الدوام والله أعلم. 



   



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة