U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

قصة الوجود - العقاب الدنيوي -0259

   

٣٩العقاب الدنيوي




 

إن الله يعاقب عباده في الدنيا وفي الآخرة. وعقاب الآخرة أوجده فقط لمعاقبة الكافرين والمجرمين والظالمين والعاصين. أما العقاب الدنيوي فجعله أيضا ليصلح به أمور الدنيا ولكيلا يطغى فيها الفساد. وينزل بإرادته ( أنظر الآيات في كتاب تصنيف وتفسير آيات وفصول القرآن العظيم - فصل العقاب في الدنيا ١٠٧ - ٤ ). لذلك لا يعاقب القرى الصالحة وإنما التي عم فيها الفساد وطغى الظلم وأصبح إصلاحها غير ممكن من طرف أهاليها لبعدهم عن الدين. قال تعالى﴿ وما كان ربك ليهلك القرى وأهلها مصلحون﴾ (١١٧-١١)﴿ وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون ﴾(٥٩-٢٨)﴿ وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا ﴾(٥٩-١٨)(أنظر الآيات في كتاب تصنيف وتفسير آيات وفصول القرآن العظيم - فصل العقاب في الدنيا ١٠٧-١١ ) والظلم هنا هو الابتعاد عن تعاليم الله. وهو درجات وأعظمه الشرك به: أعظم ظلم مذكور بكثرة في القرآن. وأول درجات الظلم الغفلة عن تلك التعاليم بعد التخلي عنها عمدا ثم محاربتها بشتى الوسائل والمكر فيها وضد من يلتزم بها. وعقاب الله يمكن أن ينزل في كل مرحلة من مراحل الظلم تبعا لمشيئته وحكمته. أما في مرحلة المكر ضد الإسلام والمسلمين فينزل حتما عاجلا أو آجلا﴿ قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ﴾(٢٦-١٦)﴿فانظر كيف كان عاقبة مكرهم إنا دمرناهم وقومهم أجمعين ﴾(٥١-٢٧)

والمراد بالغفلة هنا هو إذن لما يكون الناس غافلين عن كتاب الله وهو بين أيديهم. أما الذين ليس لديهم كتاب من الله وليس بينهم من ينذرهم فهؤلاء الغافلون لا يهلكهم الله﴿ ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ﴾(١٣١-٦)﴿ وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ﴾(٢٠٨-٢٦).

إن الله أخبرنا بأن كل قرية سيتم إهلاكها أو تعذيب أهلها عذابا شديدا قبل يوم القيامة. وهذا تنبؤ عظيم ووعيد دنيوي خطير يبين أن الفساد الكبير سيظهر في كل قرية﴿ وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا ﴾(٥٨-١٧). فكل قرية تمر عليها أجيال عديدة. وعندما يطغى فيها الفساد وأعظمه الشرك والمكر ضد الإسلام يهلكها الحق سبحانه أو يعذبها عذابا شديدا طبقا لما قضى في الأزل لأجل الحفاظ على التوازن الحكيم الذي أراده في الأرض. فيأمر مترفيها بالرجوع إلى دينه بعد إرسال الرسل إليهم أو الذين يأمرون الناس بالقسط فيعلنون كفرهم وفسقهم فيحق عليهم العذاب. قال تعالى﴿ وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون (١٢٣-٦) (...) سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون ﴾ (١٢٤-٦)﴿ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ﴾(١٦-١٧)   

والمحن التي تصيب القرى قد تكون عذابا من الله للكافرين كقرية قريش التي كفرت بأنعم الله﴿ فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ﴾(١١٢-١٦) أو ابتلاء حسنا للمؤمنين عاقبته الجزاء الحسن لقوله تعالى﴿ ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ﴾(١٥٥-٢). والمحن قد تصيب الفرد أو القرية أو البلد أو الأمة كلها أو في بعض الأحيان كل البشرية. والأمثلة عن تعميم العقاب بدأت مع طوفان نوح وتستمر متى شاء الله بالكوارث العامة المختلفة والحروب العالمية المدمرة والأمراض الجائحة والانهيارات الاقتصادية والمجاعات القاتلة ... وآخرها جل أهوال أشراط الساعة، منها الدخان الذي ستأتي به السماء يغشى كل الناس فيه عذاب أليم. والسبب الرئيسي للعقاب العام هو طغيان الكفر بأعماله الخبيثة والعدوانية في كل الأرض خصوصا وقد علموا بالنبي الخاتم محمد رسول الإنسانية جمعاء. كفر عدواني ومنتشر لقول الناس مثلا في زمن الأهوال بعد عودتهم قهرا إلى الإيمان﴿ ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون (١٢-٤٤) وقول الله لهم حيث لا توبة تقبل حينها﴿ أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين (١٣-٤٤) ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون ﴾(١٤-٤٤). فالعقاب يكون على قدر انتشار الرسالة ومحاربة أكثر الناس لها ظلما ( في القدم كان الله يعاقب كل قوم رسول كفروا به ومكروا ضده وضد من آمن به. وعقاب كل الناس في آن واحد يخضع أيضا لنفس الأسباب. والله أعلم بمواقيت عذاباته العامة أو الخاصة. إنه هو العليم والسميع البصير ). وساعة الفناء ستكون أكبر عذاب لكل الناس وهم كلهم يومئذ في قمة الكفر والشر. وأهوالها رهيبة قبل موت الكل﴿ وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ﴾(٢-٢٢).

علينا أن نفرق بين عقاب الله وابتلائه ولو أن العقاب قد يكون في بعض الأحيان ابتلاء أيضا لقوله تعالى﴿ ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ﴾(٧٦-٢٣). فليعمل المؤمنون وأهل القرى بصفة عامة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكيلا تحق عليهم كلمة الله في القرى ( أنظر كتاب تصنيف وتفسير آيات وفصول القرآن العظيم - فصل العقاب في الدنيا ١٠٧ ). ولن تجد لسنة الله تبديلا. وعلى الناس أن يعلموا هذه السنن. ( أنظر آيات عن عاقبة الظلم والفساد والإجرام والكفر وتكذيب الحق في كتاب تصنيف وتفسير آيات وفصول القرآن العظيم - فصل القرون القديمة ٥٣- ٩ث )

وعلى الناس بالتالي أن يستغفروا لذنوبهم ليغفر الله لهم ولا يعذبهم في الدنيا أو في الآخرة ﴿والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون (١٣٥-٣) أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين (١٣٦-٣) قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين﴾(١٣٧-٣)

أنظر تفاصيل أخرى عن العذاب الدنيوي في الفقرة التالية ٤٠


   



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة