المصائب لها أسباب محددة. بعضها من فعل الله المباشر وبعضها من فعل الخلق لكن بإذنه تعالى لقوله﴿ ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ﴾(١١-٦٤). منها ما يرضاه ومنها ما لا يرضاه ولكن يأذن به أي يترك الأمر يتصرف لحاله إلى حين كقوله عن السحر﴿ وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ﴾(١٠٢-٢). ولقد كتب في اللوح المحفوظ ما شاء وما أذن به، ما رضي به وما لا يرضاه. وبنو آدم كما رأينا في الفقرة ٢١ب هم الذين ابتلوا بأعظم المصائب.
أما المصائب التي تصيب المؤمن فكلها لصالحه سواء كانت من فعل الله أم من فعل الخلق. وهي ابتلاء له وكفارة لسيئاته. أما ما يصيب الكافر فليس لصالحه ولو كان خيرا في ظاهره كالأموال والأولاد. إنما يريد الله أن يعذبه بذلك وتزهق نفسه وهو كافر كما قال في كتابه. فعلى المؤمن أن يحمد الله على كل حال. كل حال يمر عليه هو خير له إما في الدنيا أو في الآخرة. في الصحيحين« والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن من قضاء إلا كان خيرا له: إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له، وليس ذلك لأحد غير المؤمن ». وفي حديث آخر «والذي نفسي بيده لا يصيب المؤمن هم ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله عنه بها من خطاياه ». وتأمل قصة الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام وحزن أبويه: كان ذلك لصالحهما﴿ وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا (٨٠-١٨) فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما ﴾(٨١-١٨). والصبر على الابتلاء عبادة. والله يحب الصابرين.
إرسال تعليق