(3/3)
١٧- تقسيم الميراث بعد الوصية والدين
مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ (١١-٤) ... مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ (١٢-٤)
١٨- الوصية
١٨أ- الوصية المفروضة للورثة الشرعيين وهم الوالدان والأقربون فريضة على كل مسلم وطبقا لما شرع الله في سورة النساء: ( أنظر فصل تطبيق قواعد النسخ ٨أ )
كُتِبَ عَلَيْكُمُ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠-٢) كتب عليكم: أي صار فرضا عليكم. إذا حضر أحدكم الموت: أي حضرت أسبابه وعلاماته. وذلك يعني أن من مات فجأة فلا إثم عليه في هذا الموضوع. خيرا: أي مالا. والأقربين: هم هنا الورثة الشرعيون الذين فرض الله على الإنسان أن يوصي لهم عند حضور الموت. وليس كل أولي القربى. والأقربون هنا هم الذين يرثون بعضهم من بعض كما قال تعالى﴿ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ ﴾(٣٣-٤) فبما أنهم يورثون فهم يرثون. وبينهم الله في سورة النساء وأعظمهم باختصار الزوج أو الزوجة والأولاد والإخوة. موالي: أي عصبة من الورثة. بالمعروف: والمعروف في القرآن هو ضد المنكر الذي ينكره الشرع. بالتالي هو أيضا الذي لا يتناقض مع تعاليم الله. حقا على المتقين: أي ذلك واجب على المتقين.
نزلت هذه الآية قبل آية المواريث ولم تنسخها كما يعتقد معظم المفسرين. ولو نسختها لحرم على الإنسان طبقا لقواعد النسخ أن يوصي للوالدين والأقربين بالمعروف إذا أخذنا الآية بكاملها. لكن المعروف هنا أصبح ما شرع الله في تقسيم الميراث في سورة النساء. وبالتالي لا تناقض بين هذه الآية وآية المواريث. فلا يجوز بعد هذه الأخيرة أن توصي بمعروف غير الذي أمر به الله. والآية تبقى مفروضة وصالحة أولا لتحديد مبلغ الميراث في الوصية وثانيا لتحديد عدد كل الورثة الشرعيين ونوع قرابتهم الذين في بعض الأحيان وبعض الظروف لا يعلمهم إلا الهالك. ثم إن الوصية تمنع أن يأخذ شخص ما من الميراث شيئا لا يعلم بوجوده الورثة الآخرون. ثم أيضا تبقى صالحة على سبيل المثال في ظل حكم غير إسلامي أو في مناطق بعيدة عن السلطات الإسلامية. لذا فرض على الإنسان أن يوصي وبما شرع الله لوالديه وأقربيه ليتبرأ مما قد يحدث بعده. أما السلطة الإسلامية إن وجدت فواجب عليها أن تقضي بما أمر الله في آية المواريث وتستعين بتفاصيل أية وصية شرعية تركها الهالك إن وجدت ( سواء تعلق الأمر بالوصية المفروضة عليه كهذه التي نحن بصددها أم التي تركها بإرادته لغير الورثة الشرعيين ) دون إبطال أي شيء من شرع الله وأي حق من حقوق الورثة فرضه الله.
١٨ب- لا يجوز تحريف الوصية: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨١-٢) بدله: أي بدل المعروف المذكور في الآية قبل هذه. يعني غير الذي أوصى به الهالك بعد أن سمعه منه. سميع عليم: سميع لمن أوصى ولمن بدل عليم بقلوب عباده وأعمالهم.
١٨ت- الوصية أمام شاهدين: ( أنظر فصل تطبيق قواعد النسخ ٨ت )
١- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمُ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمُ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ (١٠٦-٥)
ذوا عدل: أي أمينان على العدل. منكم: أي من المؤمنين. من غيركم: أي من غير ملتكم لعدم وجود عدلين منكم في السفر. ضربتم في الأرض: أي سافرتم.
٢- تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦-٥) تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم: أي إن شككتم في إخلاص الشاهدين فقفوهما بعد صلاة الجماعة وليحلفا. فبعد الصلاة مباشرة يكون الإنسان عادة لا يزال متخشعا راغبا في ربه عز وجل. وقد يمنعه ذلك من أن يحلف كذبا في ذلك الوقت. لا نشتري به ثمنا: بمعنى لا نستغل شهادتنا لغرض ما. ولو كان ذا قربى: أي لا نخون في الشهادة وإن كان المستفيد من قرابتنا.
٣- إمكانية تغيير الشاهدين: فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٧-٥) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (١٠٨-٥) فشهادة أولياء الميت المتضررين تجوز ليردوا بها شهادة الخائنين.
فإن عثر على أنهما استحقا إثما: أي إن اكتشف أن الشاهدين حق عليهما الإثم بخيانة شهادتهما فكتما وبدلا أو ظلما بعض الورثة على حساب آخرين .... واستحقا الإثم أي أصبح إثم خيانتهما واضحا. فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان: أي آخران من هما أولى بالشهادة وهما الأوليان من الورثة ( لقرابتهما وعلمهما بمال الميت ورشدهما ) الذين ظلماهم الشاهدان الآثمان بحجب حقهم بالزور والكذب يقومان بالشهادة بدلهما. ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها: ذلك أقرب أن يأتي الكل بالشهادة على وجهها دون تحريف أو تزوير. أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم: أي أو يخافوا أن يفضحوا بين الناس فيصبح قسمهم باطلا أمام قسم آخر بسبب كذبهم. واتقوا الله واسمعوا: واتقوا الله في الشهادة وفي كل شيء واسمعوا أمره بالطاعة. الفاسقين: أي الخارجين عن إطاعة الله وهم هنا الذين يشهدون الزور ويحلفون عليه كذبا.
١٨ث- الإصلاح أثناء الوصية:
فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨٢-٢) فمن خاف: هذا خطاب للوصي ولكل من حضر الوصية. أي من توقع أن الموصي سيعتدي في وصيته. جنفا: أي ميلا عن الحق أو خطأ. إثما: وهو هنا الاعتداء في الوصية عمدا. فأصلح بينهم: أي أصلح بين الموصي وورثته وهم الوالدان والأقربون المذكورون في الآية قبل السابقة طبقا للشرع. غفور رحيم: غفور لمن تدخل وقت الوصية إن كان يريد الإصلاح طبقا لشرعه سبحانه وغفور للموصي ورحيم به إن تراجع عن ظلمه رحيم بعباده إذ أذن بهذا التدخل المفيد.
١٨ج- لا يجوز أن تضر الوصية بالورثة:← فقرة ١٥ (١٢-٤)
١٨ح- الوصية للمتوفى عنها زوجها بالسكن مدة سنة: وهذا حق لها فوق ما تأخذه من الميراث والله أعلم← فصل الأرامل ٩١-١
١٨خ- الوصية لغير الورثة:
وفيها يقول ﷺ « إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث »( أي لا يحق للوالدين والأقربين أن يأخذوا بها فوق ما أخذوه ) ومقدارها لا يتعدى الثلث لقوله ﷺ « الثلث والثلث كثير ».
١٩- الصدقة أثناء توزيع الميراث
وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٨-٤) أولوا القربى: أولوا القربى ليسوا من الأقربين المذكورين في آية المواريث. أي لا يرثون. واليتامى والمساكين: أي اليتامى والمساكين من الأجانب. فارزقوهم منه: أي من النصيب المذكور في الآية قبل هذه. يعني على الورثة أن يعطوا شيئا منه لهؤلاء. قولا معروفا: أي قولا حسنا لا يناقض الشرع حسب المقام دون من أو استعلاء أو تذليل.
إرسال تعليق