(5/7)
١٦- أما الحواريون فآمنوا به ونصروه
أ- فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِيَ إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢-٣) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣-٣) أحس: أي تحقق بإحساسه. أي لم يكن مجرد خبر تلقاه عنهم. بل رأى وسمع منهم واستشعر بنفسه كفرهم. منهم: أي من بني إسرائيل. من أنصاري إلى الله: أي من ينصرني في دعوتي إلى الله. الحواريون: قيل كانوا اثني عشر رجلا. وقيل سموا كذلك لأنهم كانوا قصارين صباغين يصبغون الثياب بالأبيض. وأصل الحور في اللغة البياض. وربما من تم أصبح لفظ "الحواريين" كأنه يعني أنصار النبي والله أعلم. الشاهدين: أي الشاهدين لك بالألوهية والوحدانية وبصدق ما جاء به عيسى من عندك.
ب- وكان ذلك بأمر من الله: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (١١١-٥) وإذ أوحيت: هذا استمرار خطاب الله لعيسى وتذكيره بتأييده له. معطوفة على قوله تعالى: "وإذ كففت بني إسرائيل عنك". أوحيت إلى الحواريين: أي ألهمتهم إذ طلبوا أن تنزل عليهم مائدة من السماء بأن يؤمنوا. فالآية بعد هذه توحي بذلك. وكما هو مبين في آيات أخرى فالله هو من يهدي للإيمان ولا يهدي إليه إلا من يستحقه. ما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذنه. والوحي المذكور هنا ما هو إلا الطريقة التي يدفع بها الله من يشاء إلى الإيمان. فبه يأذن للعبد أن يؤمن.
ت- ونصرتهم له تبقى أسوة حسنة للمؤمنين بمحمد ﷺ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَاراً للَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (١٤-٦١) من أنصاري إلى الله: أي من ينصرني في دعوتي إلى الله. فأيدنا: فقوينا. على عدوهم: أي على الكفار المعتدين. ظاهرين: غالبين. أي بعد فترة من رفع عيسى عليه السلام أيد الله المؤمنين به.
ث- لقد طلب الحواريون من عيسى أن يحقق لهم معجزة معينة: إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٢-٥) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (١١٣-٥) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (١١٤-٥) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (١١٥-٥) إذ قال الحواريون: هذا تفصيل عن قصة الحواريين تجاه عيسى المذكورين في الآية السابقة. طلبوا منه أن يحقق لهم معجزة معينة ليزداد تصديقهم به عليه السلام. وهذا بخلاف إبراهيم ﷺ الذي لم يرد إلا رؤية كيفية إحياء الموتى. هل يستطيع ربك – ونعلم أن قد صدقتنا: هذا يبين أن إيمانهم لم يكن قويا في أول الأمر. فلما نزلت المائدة قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون كما جاء في الآية التي قبل هذه وفتحت هذا الموضوع. فأمام رؤيتهم لمعجزات عيسى وميلهم إلى الإيمان به وقول الكافرين إن ذلك سحر مبين ( الآية (١١٠-٥)) اتفقوا على أن يطلبوا منه أن يحقق لهم معجزة من طلبهم تأتي هذه المرة من السماء. هل يستطيع ربك ...: فهم لم يشكوا في قدرة الله لكن المراد هو هل يستطيع أن يلبي طلبنا نحن ويستجيب لنا. ونعلم أن قد صدقتنا: أي أنك فعلا رسول من الله. من الشاهدين: أي نشهد لك أمام الناس بأن المائدة نزلت من السماء. تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا: أي عيدا خاصا بنا نحن الذين نزلت عليهم المائدة دون سوانا ممن لم يشاهدوا هذه المعجزة ونحتفل بذكراها كل سنة حتى يموت آخرنا. فاحتفل الحواريون بها بلا شك حتى ماتوا. ولا شك أن عيسى عليه السلام سيحتفل أيضا بذكراها حتى يموت عندما ينزل إلى الأرض والله أعلم. وهذا المعنى قد يتطابق مع الذي يقول أن هذا العيد تحتفل به أول أمة عيسى وآخرها. وكلاهما من المسلمين. وأنت خير الرازقين: الثناء على الله في الدعاء يقرب من الاستجابة. عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين: أي لن أعذب أحدا من الناس مثل عذاب من كفر بعد رؤيته لهذه المائدة والأكل منها. بعد ذلك أصبح إيمان الحواريين راسخا قويا حتى أصبحوا أنصارا لله يضرب بهم المثل. ← السورة رقم ٥ تحمل اسم" المائدة ".
١٧- والذين اتبعوه لهم عند الله مكانة رفيعة← فصل النصارى ٥٦-أ٢(٥٥-٣)
١٨- صفات الذين اتبعوه← فصل النصارى ٥٦-أ١ (٢٧-٥٧)
١٩- بعد نزول عيسى وقبل موته لن يبقى فوق الأرض من أهل الكتاب إلا الذين آمنوا به ← فصل أهل الكتاب ٥٤-٦ت (١٥٩-٤)
٢٠- لقد اتخذه الجاهلون إلها. وآخرون ظنوا أنه الله← فصل النصارى ٥٦ ب٧-ب٨ (١٧-٥)(٧٢إلى٧٦-٥) وفصل أهل الكتاب ٥٤-١٧ج (٣١-٩)
٢١- وآخرون اعتبروه ابنا لله← فصل النصارى ٥٦ ب (١إلى٦)
٢٢- واختلفوا في أمره عليه السلام
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٦٥-٤٣) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧-١٩) فاختلف الأحزاب: فاليهود لم يؤمنوا به. والنصارى تفرقوا شيعا في شأنه: المؤمنون به كنبي. وآخرون جعلوه ابنا لله. وآخرون جعلوه ثالث ثلاثة. وآخرون ظنوا أنه الله. فويل ...: تهديد بالويل أي بحلول الشر والهلاك والشقاء. ظلموا: أي هنا أشركوا وكفروا. مشهد: أي ما سيشهدونه ويحضرونه. والمعنى عذاب يوم عظيم.
٢٣- لم يؤمن به العرب المشركون بل فضلوا أصنامهم عليه← فصل العرب ٥٩-١٣ت (٥٨-٥٧-٤٣)
إرسال تعليق