٤٧- درجات أهل الآخرة (7/13)
أما أهل الجنة من الأنواع الأخرى من الجن والإنس فرأينا أن الذين كلهم مؤمنون أدناهم سيكون في أدنى الطبقة الثانية. وسيوزعون هم أيضا على طبقات الجنة حسب درجة نور إيمانهم وأعمالهم. وتحت أدناهم وأدنى الملائكة أيضا في الزاوية التي هم فيها يومئذ توجد فضول الجنة. ودرجات الإيمان تزداد كما رأينا مع درجات العلم والتصديق. أما المحاسبون من الأنواع الأخرى من الجن والإنس فسيوزعون كبني آدم على طبقات الجنة بدءا من أدنى الجنة.
أما الملائكة فيتفاوتون في القدر من النور الذي منحهم الله إياه. وإيمانهم لا يزيد ولا ينقص إلا أنهم ربما قد يتفاوتون في درجته حسب مرتبتهم. منهم العالون والمقربون ومنهم العاديون. وخلقهم الله كذلك. أما أعمالهم فلا تخرج عما أمرهم به سبحانه ويفعلون ما يؤمرون دون زيادة أو نقصان. وملائكة الدنيا سيكونون موزعين في الجنة كما كانوا في السماوات السبع بعضهم تحت بعض. أي كل واحد منهم ستكون له نفس الدرجة التي كانت له في الدنيا إلا أن نورهم كلهم سيزداد كما رأينا سابقا. أما المؤمنون من الناس فدرجتهم من الإيمان والنور كدرجة الملائكة الذين سيكونون معهم في طبقتهم.
تفصيل عن أحسن عمل المؤمن:
للجنة ثمانية أبواب كما جاء في صحيح مسلم. أربع منها ذكروا في حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه ومن بين ما قال : (... فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان).
والأعمال الصالحة كثيرة وليست مقتصرة على ثمانية. لذلك كل باب من أبواب الجنة مخصص لكثير من الأعمال وليس فقط لعمل واحد باستثناء باب الريان الذي كما جاء واضحا في الحديث النبوي لا يدخله إلا الصائمون. عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " في الجنة ثمانية أبواب فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون " . رواه البخاري
والحديث السابق ذكر أربعة أبواب ربما لكونها أعظم الأبواب أي الأقرب إلى وسط الجنة. فإما هذه الأبواب الأربعة ليست لها إلا هذه الأسماء وكل الأعمال الصالحة الأخرى خصص الله لها أربعة أبواب أخرى. اثنان عن يمين الأبواب الأربعة واثنان عن شمالها. وإما باستثناء باب الريان للصائمين خصص الله سبعة أبواب كلها لكل الأعمال الصالحة. ويكون لكل باب أسماء كثيرة ربما مكتوبة على واجهته ومرتبة من أعظمها إلى أدناها والله أعلم.
وفي القرآن آيات تشير إلى أبواب الجنة كما بينت في محله مثل قوله تعالى (ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)(۹۷- ۱٦) أي سيدخلهم الله من الباب الأحسن بالنسبة لعملهم (كما أن الكفار سيدخلهم جهنم من باب أسوء أعمالهم). فإن كان أحسن أعمالهم الصلاة مثلا أدخلهم من باب الصلاة.
وسنستعمل هذه الآية لنظهر هنا بعض الأعمال والأخلاق التي من قام بها يجزيه الله بأحسن ما كان يعمل.
- الصبر في سورة النحل (ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)(۹٦-۱٦)
- الشكر والتوبة في سورة الأحقاف (أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا)(۱٦-۱٥-٤٦)
- ذكر الله والصلاة والزكاة في سورة النور (ليجزيهم الله أحسن ما عملوا)(۳۸-۲٤)
- الصدق والتقوى والإحسان في سورة الزمر (ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون)(۳٥-۳۹)
- الإنفاق والصبر في الجهاد والقتال في سورة التوبة (ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون)(۹-۱۲۱)
- العمل الصالح بصفة عامة في سورة النحل (ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)(۹۷-۱٦)
أما عن أجور كل الأعمال وليس فقط أحسنها الذي يدخل من باب معين فالله يخبر كل الذين آمنوا وعملوا الصالحات أنه سيوفيهم أجورهم عنها كلها بل وسيزيدهم من فضله. (فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله) (۱۷۳-٤)
إرسال تعليق