طواف العذاب وتصعيده:
بعد خروج الكافر من حفرة الجحيم الواسعة سيطوف على الحفر الثمان الأصغر منها حجما. فتلك دورة واحدة يمر عبرها على حفر الحميم وحفر الجحيم، ينزل ويصعد. ثم ينتقل إلى عذاب أشد أي إلى الحفر الثمان الصغيرة التي تحيط بكل حفرة من الحفر الثمان التي مر منها. فيدور ليمر كل دورة على ثمان حفر. وسيكون هذا الطواف بلا شك في نفس الاتجاه الذي نطوف فيه حول بيت الله الحرام. فحفرة الوسط، أي وسط، ستكون عن شمال من يطوف حولها. وعندما يصل الكافر إلى الحفر الضيقة سيدعو ثبورا كما قال سبحانه﴿ وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا (١٣-٢٥) لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ﴾(١٤-٢٥) لأن العذاب في الضيق أشد. وسيدعون ثبورا كثيرا لأن عدد الحفر الضيقة جدا أكبر من عدد التي تكبرها شيئا ما في الحجم. وعدد هذه أكبر من عدد الحفر الواسعة بعض الشيء ...الخ. وكلما انتقل الكافر إلى حفرة أضيق مما كان فيها كلما ازداد عليه العذاب. وكذلك كلما نزل إلى حفرة في مستوى أدنى مما كان فيه. لذلك يقول تعالى﴿ زدناهم عذابا فوق العذاب ﴾(٨٨-١٦)﴿ ومن يعرض عن ذكر ربه نسلكه عذابا صعدا ﴾(١٧-٧٢)( أنظر كتاب تصنيف وتفسير آيات وفصول القرآن العظيم - فصل جهنم ١١٥ ب٣٧)
كلما ابتعد عن حفرة من حفره الوسطى في الاتجاه الأفقي كلما ازداد ضيق الحفر التي حولها. وكلما نزل إلى الأسفل أي في الاتجاه العمودي كلما ازدادت حرارة النار والحميم ونقص أيضا حجم الحفرة شيئا ما لأن أعلى جهنم أكبر من أدناها. وبعد أن يمر الكافر من كل الحفر التي تشكل مقاعده في جهنم وعامة من عذاب إلى أشد منه سيعود ليمر منها من جديد لكن ربما بإحساس أليم أكثر مما مر به. وهكذا خالدا في هذا الطواف الأليم المتزايد والرهيب، حاملا أوزاره فوق ظهره. مرة يسحب في حفرة الحميم ومرة يسجر في حفرة النار. قال تعالى﴿ إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون (٧١-٤٠) في الحميم ثم في النار يسجرون ﴾(٧٢-٤٠)
والطواف قد نجده أيضا في جنة الخلد بين القصور والخيام كما رأينا. وهو طواف النعيم كما جاء في الحديث الذي رأينا سابقا أن في كل خيمة أهلون يطوف عليهم المؤمن. وجاء في الرواية أن المؤمن إذا مكث زمنا عند حوراء يدعى إلى الحور الأخريات اللاتي تنتظرنه رغم أنه لا يمل أية واحدة منهن ولا تمله أيضا. وربما للمؤمنين الاختيار في تصرفاتهم في الجنة لقوله تعالى على لسانهم﴿ الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء ﴾(٧٤-٣٩).
إرسال تعليق