٤٦ت- أهل النار وانزواء جهنم:
باستثناء من في النار من الخزنة والزبانية فالملائكة لا يدخلونها. والسائق والشهيد سيدخلانها مع صاحبهما إلى قناطرها فقط لإلقائه في حفرته ثم يخرجان منها. أما أهل النار فمنهم من سيخلد فيها أبدا ومنهم من سيقيم فيها زمنا كل حسب أعماله ثم يدخله الله الجنة بشفاعة الشافعين أو برحمة منه سبحانه وحده.
وشموليا مع أن الكفر درجات متعددة ومتشعبة فالطبقة الأولى وفي الوسط تماما هي مخصصة للموحدين العاصين من بني آدم أصحاب الكبائر، والثانية في الوسط تماما ربما للمغضوب عليهم من اليهود والثالثة في الوسط تماما ربما للضالين من النصارى والرابعة في الوسط تماما للصابين أصحاب الكبائر والخامسة في الوسط تماما للمجوس والسادسة في الوسط تماما للمشركين والسابعة في الوسط تماما لأئمة الكفر. والمنافقون في الدرك الأسفل من النار. وهو الطبقة الثانوية السفلى من الطبقة السابعة. ورواية جويبر عن الضحاك تؤكد تقريبا ذلك ( أنظر تفاصيل أكثر في الفقرة ٤٧: درجات أهل الآخرة ). ويتبين أن النفاق في دين الله هو أعظم جرم عنده سبحانه.
وسيدخل جهنم كثير من الجن والإنس أكثر من الذين سيدخلون الجنة كما جاء في بعض الأحاديث. ورأينا أصنافا كثيرة منهم غير بني إبليس وبني آدم توجد في الحلقة الأرضية. كفار كل صنف سيدخل من أبواب معينة مخصصة له. وبنو آدم سيدخلون من التي في الوسط. وبالتالي كل طبقات جهنم مخصصة لهم بما فيها الدرك الأسفل لأنه في الوسط أيضا. وكلما كان أهل كوكب بعيدين عن الوسط في الحلقة الأرضية كلما كان شياطينه وكفاره من الجن والإنس في أطراف الطبقات العليا من جهنم بعد أن يخسف بهم إلى الأرضين السفلى قبل دخولهم النار. كلما كانوا بعيدين عن الوسط كلما قل عدد الأرضين الخاصة بهم التي سيخسف بهم إليها. فلو خسف مثلا بنوع بعيد جدا عن الوسط إلى الأرض السابعة فلن يجد أمامه إلا الهواء لأن جهنم على شكل هرمي والمسافات هائلة. بينما إن خسف به إلى الأرض الثانية مثلا سيجد أمامه أبواب الطبقة الخاصة به في جهنم.
بالتالي من أهل النار من سيكون فقط في أطراف الطبقة الأولى وهم شياطين وعصاة الكواكب التي في الثلث الذي عن اليمين والثلث الذي عن الشمال من منطقة الجن والإنس المحاسبين ( وهي في وسط المنطقة المعمورة من الحلقة الأرضية في زاوية مقدارها حوالي ٦ , ٢٦ درجة من المركز ). ومنهم من سيكون فقط في أطراف الطبقتين الأولى والثانية وهم شياطين وعصاة وكفار الكواكب التي في الثلث الذي عن اليمين والثلث الذي عن الشمال من الثلث الباقي الأوسط من منطقة الجن والإنس المحاسبين. ومنهم من سيكون فقط في أطراف الطبقات الأولى والثانية والثالثة وهم شياطين وعصاة وكفار الكواكب التي في الثلث الذي عن اليمين والثلث الذي عن الشمال من الثلث الباقي الأوسط مما تبقى من منطقة الجن والإنس المحاسبين ... الخ ( ولتتمكن من فهم هذا التصنيف وهذا التوزيع أنظر تفاصيل عن أنواع الجن والإنس في الفقرة ٢١ب ). بالتالي سيكون كفار بني آدم وكفار كل الجن والإنس موزعين في طبقات جهنم مع شياطين الأرضين السبع. منهم من سيكون مع شياطين الطبقة السابعة. وهؤلاء الشياطين هم الآن في الأرض السابعة. ومنهم من سيكون مع شياطين الأرض السادسة ... الخ. أما المؤمنون من الجن والإنس فسيكونون في الجنة مع الملائكة. فمن كان مؤمنا كان قدر نوره كقدر نور الملائكة الذين سيكونون في درجته. ومن كان كافرا كانت ظلمات قلبه كقدر ظلمات الشياطين الذين سيكونون معه في نفس دركته. كل شيطان في جهنم أظلم جسما من الذي فوقه كما أن كل ملك في الجنة أعظم نورا بنفس النسبة من الذي تحته.
ولن يكون في جهنم كما قلت ملائكة من ملائكة الدنيا. فهؤلاء سيعمرون الثلثين من كل طبقة من طبقات الجنة إلا الطبقة الأولى كما رأينا. أما في جهنم فالكافرون من الإنس والجن سيعمرون الثلث الأوسط منها كما أن المؤمنين منهم سيعمرون الثلث الأوسط من الجنة. ويبقى الثلثان من كل طبقة من جهنم أي في اليمين والشمال فارغين ( يعني دون مدرجات أو حفر ) وهي تطلب المزيد حتى يضع رب العزة قدمه فيها فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط وعزتك وكرمك. أي ستتقلص من اليمين ومن الشمال في اتجاه الوسط فينضم بعضها إلى بعض لكيلا يبقى إلا الثلث الأوسط المعمور يومئذ. وبما أن طبقاتها مقوسة بالشكل الذي يجعلها متوازية مع قبة العرش فسيضع الله قدمه فيها. ومعنى ذلك هو ربما لكيلا يزداد تقوسها بانزوائها ولا يرتفع أوسطها تحت الضغط. وبهذه العملية سينقص طول الطبقات أي من اليمين ومن الشمال في اتجاه الوسط والله أعلم. وبالتالي لن يبقى جدارا جهنم اللذان عن اليمين والشمال في نفس الرسوم التي فيها جدارا جنة الخلد. وستصبح زاوية التقائهما ٣. ٤٨ درجة فقط ( أي ثلث ١٤٥ درجة ) أو أقرب حسب درجة الانزواء. أما جدار جهنم الأمامي والخلفي فسيظلان في مكانهما في نفس الرسوم التي فيها جدارا الجنة الأمامي والخلفي أي ٩٠ درجة. وعندما يتم الانزواء لن يصبح تحت ثلث أدنى الجنة الذي عن اليمين وثلثه الذي عن الشمال إلا الهواء الذي خارج الآخرة بينما كان تحتهما قبل ذلك يمين جهنم وشمالها. لذا كان لا بد من سد هاذين الثلثين من أدنى مستوى في الجنة كما رأينا ببناء منبسط ليقي الخلق الذي سيخلقه الله هناك في فضول الجنة. وبعد الانزواء ستصبح جهنم أطول من الأمام إلى الخلف ( تقريبا ضعف المسافة الأفقية تماما بين اليمين والشمال ) بينما هي الآن أطول من اليمين إلى الشمال وعرضها ثلث طولها في الرسم الأفقي تماما. وبهذا الانزواء أيضا ستطبق على أهلها بالسد الذي يغطي الآن ثلثها الذي عن اليمين والسد الذي يغطي ثلثها الذي عن الشمال. أي سيتحركان لسد الثلث الأوسط منها الذي فوقه الحجاب الذي بينها وبين الجنة. فهذا الحجاب يوجد في الثلث الأوسط بين أدنى درجات الجنة وأعلى جهنم. وهو ثلث طول أدنى الجنة من اليمين إلى الشمال ( فهذا الحجاب في فضاء أدنى الجنة. فعندما تنزل جهنم لوحدها إلى أرض المحشر سيظل مكانه في أدنى الجنة ). وانزواء جهنم سيقرب جداريها الأيمن والأيسر من بعضهما البعض حتى يصلا إلى حدود هذا الحجاب. أما من جهتي الأمام والخلف فالحجاب عرضه فقط كعرض الفضاء الذي فيه حفر جهنم العليا. ولن يحجب نور أدنى الجنة عن أصحاب الأعراف وهم فوقها بين الجنة والنار في الجهة الأمامية.
إرسال تعليق