٤٤- الساعة (58/114)
٤٤ج٩- اقتراب العرش ومساحة الأرض المعمورة يومئذ:
قال أبو بكر بن عبد الله:» إذا نظر أهل الأرض إلى العرش يهبط عليهم من فوقهم شخصت إليه أبصارهم ورجفت كلاهم في أجوافهم وطارت قلوبهم من مقرها إلى حناجرهم «. قال تعالى﴿ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ﴾(١٧-٦٩) ثمانية أفراد من الملائكة. وهم اليوم أربعة يحملونه وأربعة يستريحون ( أنظر الفقرة ٢٢ت١ ). أما يوم القيامة فكلهم سيحملونه بدون تناوب. وسينزل ويقترب من الأرض المبدلة وكذا ما تحته أي جنة الخلد وجهنم. وسيتوقف نزوله على بعد معين عن الأرض. وبالضبط إلى أن تصل أقدام هؤلاء الملائكة مرة أخرى إلى حدود الأرض السابعة كما جاء في حديث الصور.
إن ملائكة كل سقف الآن يعمرون الثلثين منه اللذين من جهة العرش شبرا شبرا. أما الثلث الأسفل فخالي من الخلائق. في حديث ابن عساكر إن رسول الله ﷺ قال يوما لجلسائه » أطت السماء وحق لها أن تئط ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع أو ساجد « وهذا يدل على أنهم لما ينزلون إلى الأرض المبدلة سيعمرون منها نفس المساحة النسبية التي كانوا فيها في السماء. وهي ثلث السقف من جهة اليمين ومثله من جهة الشمال. أما الذين في العالم البيني فوق كل سقف فسينزلون بعد من كانوا فيه ليكونوا من ورائهم ( من كان أعلى من غيره نزل بعده وكان في أرض المحشر أبعد منه عن الجن والإنس ). وسيعمرون أجمعون مساحة مقدارها ثلث أعلى العالم البيني الذي فوق سقفهم من جهة اليمين ومثل ذلك من جهة الشمال. فعدد ملائكة كل سماء الذي هو ضعف عدد من تحتهم من الملائكة والجن والإنس يدخل فيه طبعا الذين فوق السقف وأيضا الذين في العالم البيني فوقه. لذلك هؤلاء الملائكة سيعمرون مساحة مقدارها ثلثي مساحة أعلى هذا العالم البيني وليس فقط ثلثي مساحة السقف. والثلث الأوسط سيعمره فوق أرض المحشر كل الذين تحتهم ( أنظر الرسم ١٣ ).
أما الجن والإنس فسيكونون في مساحة وسط منطقة الحشر العام بعد اتباعهم الداعي إلى هناك. ولن يكون لأحد منهم هم أيضا إلا موضع قدميه. وقطرها الأكبر وهو الذي من اليمين إلى الشمال سيساوي طول أعلى العالم البيني الذي فوق الأرض الأولى ( وهو أيضا طول أدنى السقف الأول يومئذ ويساوي كذلك ثلث طول أعلى الفضاء الذي فوق السماء الأولى. أي أيضا ثلث طول أدنى السقف الثاني ... الخ ). فالعالم البيني الأرضي هذا هو من عالم الأرض لأن الجن كانوا يصلون إليه قبل نزول القرآن. وتجب الإشارة هنا إلى أن الإنس في الدنيا لا يعمرون حاليا كل الحلقة الأرضية وإنما فقط بعض الكواكب التي في ثلثيها. أما ثلثها الأسفل فخالي من الخلائق تماما. لكن فوق أرض المحشر هذا الثلث سيكون متفرقا بين صفوف الإنس والجن وستعمره بلا شك الحيوانات المختلفة. أي ثلثا مساحة المحشر التي ستكون وسط الملائكة ستكون للجن والإنس والثلث الباقي للحيوانات والله أعلم. أما الفضاءات الكبيرة التي تبدو لنا خالية الآن بين الكواكب الحية وتقدر بملايين السنين الضوئية فربما ستقابلها فوق أرض المحشر مساحات خالية أيضا بين صفوف الجن والإنس والحيوانات في القسم الثاني من تلك الأرض قسم الحشر العام ( اللهم إذا كان عدد الجن كافيا لملئها كلها أو جزء منها والله أعلم ) ومساحات خالية وراء الصفوف. وبلا شك سيكون صف من نوع من الإنس بجانب صف من نوع من الجن الذين كانوا معهم من جهة وصف من حيواناتهم وحيوانات قطرهم من الجهة الأخرى ليتم الحكم بينهم. والثلاثة صفوف هذه ستكون في ممر عرضه كما رأينا سابقا لا يتعدى عرض القطر الفضائي الذي كانوا فيه في الدنيا وهو أصغر من عرض الطبقة السابعة من جهنم. وعدد الممرات المخصصة لكل الجن والإنس كعدد أقطار السماوات والأرض أي ٦٥٦١ ممرا.
وسيحيط بالكل من اليمين ومن الشمال بعد نزولهم ملائكة السماء الأولى الذين كانوا في ثلثيها ( منهم كما رأينا الذين هم حاليا فوق السقف مباشرة ومنهم الذين في أغصان سدرة تلك السماء والعالم البيني السماوي ). وعددهم ضعف عدد الجن والإنس. وبعد نزولهم سيكون طول المساحة المعمورة من اليمين إلى الشمال كطول أعلى فضاء السماء الأولى. وهو أيضا كثلث طول أعلى فضاء السماء الثانية ( أي أيضا كثلث طول أدنى السقف الثالث ) لتحيط بهم بعد نزولهم ملائكتها الذين كانوا في ثلثيها وعددهم ضعف عدد ملائكة السماء الأولى والجن والإنس ... الخ. وعندما ينزل أهل سقف السماء السادسة سيكون طول المساحة المعمورة من الأرض المبدلة من اليمين إلى الشمال كطول أعلى فضاء السماء السادسة. أما عندما ينزل أهل سقف السماء السابعة ومعهم أهل سدرة المنتهى فسيكون طول المساحة المعمورة من الأرض المبدلة من اليمين إلى الشمال كطول أعلى محيط الدائرة كلها التي فيها تلك السدرة مع العلم أن ثلث هذا المحيط ليس فيه سدرة لأنها تغطي على الأكثر الثلثين فقط من السماء السابعة. وهذا المحيط يساوي أيضا كما سوف نرى طول أعلى جنة الخلد. وبعيدا في أقصى الأمام وخارج قبة العرش سيكون كرسي الله فوق أرض المحشر الممدودة والذي له قطر أيضا كطول أعلى الجنة وكطول المساحة المعمورة بكل خلائق الدنيا. أي كعرض اﻷرض المبدلة من اليمين إلى الشمال. وسنرى دلائل حسابية عن ذلك.
وستكون صفوف ملائكة كل سماء أكبر عرضا وطولا من صفوف ملائكة السماء التي تحتها. بلا شك ثلاثة أضعاف لأن أعلى كل سقف سماوي كما سنرى يساوي في العرض والطول ثلاث مرات أعلى السقف الذي تحته مباشرة. ونفس الفرق بالنسبة لأدناهما. وبالتالي صفوف ملائكة الدنيا ستكون عن اليمين وعن الشمال مفتوحة من الأمام ومن الخلف بزاوية مقدارها تسعون درجة. ووسط المساحة تماما التي سيكون فيها الجن والإنس سيكون بعيدا عن الأمام الذي سيكون فيه جبريل وميكائيل بمسافة مقدارها على الأقل نصف عرض سدرة المنتهى. فهذان الملكان من ملائكة أوسط أعلاها ( وعرض كل سماء كما سنرى يساوي ثلث طولها ). وسيتقدم كل نوع من الخلق في طريقه إلى الأمام ولن يحتل طريق غيره. والجن والإنس كلهم سيتقدمون بهذا الشكل إلى مختلف الدواوين كما سنرى حتى يصلوا إلى جهنم في ممر عرضه كعرض المساحة التي وقفوا فيها في انتظار نزول الملائكة أي كطول أدنى سقف السماء اﻷولى والله أعلم. أما طول أعلى جهنم فهو ثلث ذلك. لذلك يجب أن يظلوا في ذلك الممر وسط ممر الملائكة. وسوف نرى ما سيحدث للأرض التي تحت أقدامهم عند اقترابهم من جهنم.
إرسال تعليق