U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

قصة الوجود - قصة آدم - الخلافة في الأرض -0265

   

  ٤٣- قصة آدم 

 


كل ما يقع في الأرض مكتوب في اللوح المحفوظ قبل خلقها لقوله تعالى﴿ ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ﴾(٢٢-٥٧). وخلقت لأجل الإنسان﴿ هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم ﴾(٢٩-٢). فخلافته فيها كانت في مشيئة الله الأزلية قبل خلق أي شيء. فلما انتهى سبحانه من خلق الأرض والسماوات العلا وخلق الملائكة ثم النوع من الجن الذي سيكون معنا أخبر الملأ الأعلى بأنه سيجعل خليفة في الأرض.  

٤٣أ- الخلافة في الأرض:

قال تعالى﴿ وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ﴾(٣٠-٢) إخبار الله الملائكة هذا سبق بلا شك الإخبار الآخر الذي في قوله تعالى﴿ إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين (٧١-٣٨) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ﴾(٧٢-٣٨) فلو أعلمهم في الأول بأنه سينفخ فيه من روحه وأنهم سيسجدون له ما كانوا ليعقبوا على أمره بقولهم﴿ قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ﴾(٣٠-٢) لأنهم سيعلمون بأن هذا الخلق الجديد أكرمه الله. والخليفة هنا هو خليفة الله في بعض الأمور التي أسند المسؤولية عنها إليه ليجزيه على إحسانه أو إساءته.

لقد بينا في الفقرة ٢١ب أن أنواعا كثيرة من الإنس والجن خلقها الله في كواكب متعددة في الحلقة الأرضية. بعضهم جبلوا على الإيمان وخصصت لهم الكواكب التي في الثلث الذي عن اليمين والثلث الذي عن الشمال من المنطقة المعمورة من الحلقة الأرضية ( أما الثلث الأسفل فكان مقدرا أن يظل خاليا من الخلائق إلى يوم الفناء ). ولا شك أنهم أوائل الثقلين في الخلق لأنهم سيدخلون فقط الجنة ولا يدخلون النار. فمصيرهم إذن كمصير الملائكة. وتلاهم في الخلق الذين في الكواكب التي في الثلث الذي عن اليمين والثلث الذي عن الشمال من الثلث الباقي اﻷوسط من المنطقة المعمورة من الحلقة الأرضية. وهم أيضا لا يدخلون النار. ولم يخلق الله المحاسبين حتى خلق جهنم. وهؤلاء أنواع. فعصاة النوع اﻷول، وهؤلاء ليس فيهم كفار، سيدخلون فقط الطبقة الأولى من جهنم. وعصاة وكفار النوع الثاني سيدخلون فقط الطبقة الأولى والثانية. وعصاة وكفار النوع الثالث سيدخلون فقط الطبقة الأولى والثانية والثالثة ... الخ. وبما أن خلق الجن والإنس بدأ بلا شك في الكواكب التي في الأطراف فلا شك أيضا أنه استمر تدرجيا في اتجاه الوسط ( وسط أعلى الحلقة اﻷرضية ). يعني آدم ليس أول إنسان خلق بل الأخير والله أعلم. فبعد خلق ملائكة الدنيا في ثلثي الحلقات السماوية ( والثلث اﻷسفل منها خالي أيضا من الخلائق كما بينت ) خلقت أنواع كثيرة من الجن والإنس بداية في الكواكب التي في اليمين والتي في الشمال ونهاية بخلق آدم الذي سيكون في الوسط تماما. أي بعد خلق ملائكة الدنيا خلق سبحانه الجن والإنس الذين سيكونون بجانبهم فوق أرض المحشر ويشكلون كما رأينا ثلثي المنطقة المعمورة ثم خلق الذين يلونهم في اتجاه الوسط وكلهم مؤمنون ثم بدأ خلق الجن والإنس المحاسبين الأقل شرا وابتلاء ثم الذين يلونهم أكثر شرا وابتلاء ثم الذين يلونهم أكثر فأكثر في ذلك ... الخ. وكلما كان الكوكب قريبا من الوسط كلما قل فيه عدد المؤمنين وازداد عدد الكافرين والمجرمين الذين يسفكون الدماء ويفسدون ولا يصلحون إلى أن أخبر الله ملائكته بخلق خلق جديد للأرض. فعلموا بهذا المنطق الذي جعله الله في الحلقة الأرضية بأن هذا الخلق ستكون له حرية التصرف الكاملة وسيكون الأكثر شرا والأكثر ابتلاء لأنه سيكون في أصعب مقام وهو وسط أعلى الحلقة الأرضية. ذلك لأن فيه ستكون مجموعة كل أنواع النعم والنقم والمصائب والمشاكل والاختبارات وكل الأشياء القبيحة والأشياء الجميلة التي خلق الله. لذلك قالت الملائكة  " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ". ورأوا أيضا من الجن ما رأوا نتيجة حرية تصرفهم بل السماء الدنيا جعلت رجوما للشياطين مما يدل على أن الشر كان موجودا قبل آدم. فتعجبت الملائكة من أن يتولى بنو آدم المقام الأعظم في الدنيا كلها مع أن أكثرهم سيكونون مفسدين بينما هم يسبحون بحمد الله لا يفترون. فرد عليهم الله﴿ قال إني أعلم ما لا تعلمون ﴾(٣٠-٢). فكانوا أولا لا يعلمون بأن الغاية الكبرى من خلق الأرض والدنيا والآخرة هي خلق هذا الإنسان لقوله تعالى﴿ هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء ...﴾(٢٩-٢). وربما لم يكن في علمهم أيضا حقيقة الأمانة بالضبط مع علمهم بوجودها والتي أشفقت منها السماوات والأرض والجبال قبلهم وأن خلافة الله في الأرض متعلقة بحملها وتحمل عواقبها وأن الإنسان خلق مؤهلا لها. أي لم يكونوا يعلموا بأن الأمانة جعلت قبل كل شيء لامتحان القلوب ذوات نجدين وليس لإصلاح الأرض فقط. واعتقدوا أن الأمر متعلق فقط بالتسبيح والتقديس واللذين كانا سهلا عليهم لكونهم جبلوا عليهما دون مشقة. وبالتالي يبدو أن هذه كانت أول مرة يعلمون منها الفائدة الحقيقية من إتيان يوم الحساب ( وهي الجزاء على الإيمان بالغيب وعلى الأعمال الناتجة عنه ) رغم علمهم بأنه حق وآت وإلا لما تعجبوا. فإخبار الله لهم كان علما ضروريا بالنسبة لهم.

ولم يكونوا يعلموا أيضا أن الإنسان خلق مؤهلا لفهم جميع ما في الأرض على حقيقته ( وهي الأسماء التي علمه الله إياها ) وأن أعظم مؤمني بني آدم هم أعظم مؤمني كل الجن والإنس لأنهم في الوسط كما أن أشرارهم هم أعظم أشرار الدنيا. لقد خلق الله غيرهم من الإنس والجن في الكواكب الأخرى في مختلف الأقطار الفضائية دون أن يعلم الملائكة بأمرهم قبل خلقهم. فرأوا منهم ما رأوا. ثم أخبرهم بخلق بشر من طين يكون هو الخليفة في الكوكب الأوسط. فظنوا أن هذا المقام يستحقه من لا يعصى الله أبدا وطمعوا فيه. فتفاجؤوا لما عرض الله عليهم الأسماء لأنه لم يمتحنهم بشيء من ذلك من قبل. فردوا أن لا علم لهم إلا ما علمهم هو سبحانه. أي لا يعلمون إلا ما تعلموا ورأوا بإذنه في الكواكب الأخرى. وذلك قليل مقارنة بما هو كائن وسيكون في الأرض " الوسطى ". فقد بث فيها من كل دابة وأخرج منها كل أنواع الثمرات. فتبين عجزهم خصوصا لما أنبأهم آدم بما كانوا يجهلون. فذكرهم الله أنه يعلم غيب السماوات والأرض أي ما كان يغيب عنهم مما هو كائن وسيكون في الأرض والسماوات.

أما الرسل والأنبياء فكانوا بلا شك يبعثون في إنس الكواكب الأخرى لأنهم محاسبون وينتظرون الساعة أيضا. فالساعة ثقلت في السماوات والأرض.

سؤال: هل حمل الجن الأمانة قبل الإنسان ؟

يمكن القول بأن الجن لا يحملون الأمانة كالإنسان لأنهم يعلمون علم اليقين بوجود الله. فهم في عالم خفي بعضه مكشوف لهم يرون ما لا يراه الناس بل كانوا يسمعون أخبار السماء تنزل على ملأ السماء الدنيا. أما منذ نزول القرآن فيجدونها ملئت حرسا شديدا وشهبا. وبالتالي هم يوقنون بوجود ما لا يراه الناس في نشأتهم الأولى. أي بكثير مما وجب على الناس أن يؤمنوا به بالغيب. أما عن المستقبل وغيبه فهم كانس مطلوب منهم الإيمان بالبعث والحساب لكن بعضهم لا يؤمن بذلك كمشركي قريش. فظنوا مثلهم أن لن يبعث الله أحدا.

أما عن باقي أنواع الإنس فحمل بعضهم ( أي الذين سيحاسبون ) جزءا من عبء الأمانة حسب ما آتاهم الله من قدرات روحانية وحسب القدر من الابتلاء الذي خصصه لكل منهم ( أنظر تصنيفهم في الفقرة ٢١ب ). ولم يحمل العبء  كله إلا بنو آدم.


   



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة