٣٣- الله نور السماوات والأرض (5/13)
٣٣ب- خلق الحجب:
أول ما خلق من الحجب رداء الكبرياء الذي هو حجاب مميز ودائم. وشكله كالقبة دائري. ثم بعد العرش والكرسي خلقت حلقات الحجب فوق جوانب العرش. كل حجاب خلق قبل الذي فوقه تحت أضعف أنوار الرداء مباشرة. ولو خلق بعده لما تحمل الزيادة المستمرة في النور بكشف الله لحجبه ولاحترق أو لظل ينتفخ والله أعلم.
- في المثل القرآني عن نور الله ذكر وجود النار في المصباح. ومن صفاتها أنها لا تبقي شيئا مما تحرقه. فالحجب تحترق بلا شك من أعلاها ( أي أعلى الحجاب اﻷعلى هو الذي يحترق. ثم بعد احتراقه كليا يحترق الذي يليه. فإذا كانت الحجب خلقت من أسفلها إلى أعلاها فهي تختفي باحتراقها من أعلاها إلى أسفلها ). وبنقصانها يزداد النور على الذين في الأسفل.
- حملة العرش وهم مباشرة تحت الحجب نفذت أقدامهم في تخوم الأرض السابعة. والسماوات والأرضون في توسع دائم. وهذا يدل على أن طولهم يزداد لتظل أقدامهم في نفس المستوى ويوحي بأن النور يزداد عليهم، بلا شك باحتراق الحجاب الأعلى. وفي جوف الكرسي يزداد النور على السماوات والأرضين حتى ولو لم يكشف الله حجبه. فشكله كما رأينا يجعل السماوات وهي تتوسع تدخل دائما في نور أقوى مما كانت فيه فتزداد حجوم كل ما فيها.
- حتى المركز العظيم ورتقه اللذان في جوف الكرسي يزدادان حجما مع أنهما لا يغادران مكانهما. وتظل دائما خمسمائة سنة بين سطح هذا المركز وأسفل الأرض السابعة. وهذا يدل قطعا على أن الكرسي يزداد عليه النور شموليا باستمرار. ولولا ذلك لظلت مكونات المركز على حجمها الأول تحت نفس نور لا يزداد. ولا يزداد النور على الكرسي إلا بازدياد نور العرش. ولا يزداد هذا الأخير إلا بكشف الله لحجبه.
- لقد خلق الله الآخرة تحت نور وسط العرش دون حجب فوقها باستثناء رداء الكبرياء. وخلق الدنيا أضعف منها في نور الكرسي الذي هو جزء من سبعين جزءا من نور جوانب العرش الذي هو جزء من سبعين جزءا من نور الحجب. وهي تتوسع ويزداد النور عليها بكشف الله لحجبه بينما جنة الخلد لا تتغير والنور الذي نزل عليها اليوم هو الذي سينزل عليها في الغد. ويوم الفناء ستكون السماوات والأرض قد توسعتا إلى أقصى ما يمكن. وسيتعادل حجمهما بنفس الكيلومتر مع حجم الآخرة إلا أن النور فيهما يومئذ سيبقى أضعف كثيرا من الذي في جنة الخلد رغم زوال كل الحجب حينها. ذلك لأن الدنيا في جوف الكرسي ونوره يبقى دائما جزء من سبعين جزءا من نور العرش ( وهذا يدل أيضا على أن ملائكة الدنيا سيكونون في جنة الخلد أقوى مما هم الآن في جوف الكرسي لكن طولهم فيها سيكون كالذي وصلوا إليه يوم الفناء. فالجنة عرضها السماوات والأرض بنفس الكيلومتر يوم الفناء. وكذلك طول ملائكة الدنيا فيها سيكون كطولهم فيهما حينها. وبما أنهم سيزدادون قوة فهذا يعني أنهم سيتقدمون هم أيضا إلى الرحمان فردا لأجل ذلك ). وبالتالي لن يدخل الخلق الجنة إلا بعد أن تمنحهم أنوارهم لكيلا يحطمهم نورها أو يحرقهم.
- ذكر " نور على نور " في المثل القرآني يعني زيادة في النور على كل ما في السماوات والأرض. أما نور الله الأعظم الذي ينبثق من ذاته فلا يزداد ولا ينقص. فهو نور كامل أزلي أبدي. أما الذي يزداد فهو نوره الذي مر على حواجز كرداء الكبرياء والحجب والعرش ...الخ. وهذا يقتضي أن شيئا ما يتغير فيها. ولا شك أنه نقصان الحجب باحتراق أعلاها والله أعلم.
- إن توسع السماوات والأرض بعجلة في تزايد مستمر بقوة إتيانهما كما سنرى يحتاج لزيادة عظيمة ومستمرة في النور.
- جاء في الحديث أن ما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن. فجنة الخلد ليس فوقها منذ خلقت إلا رداء الكبرياء والعرش. وحملة العرش ومن حوله وهم أعظم خلق الله لن يبقى فوقهم أيضا حجب يوم القيامة، وهي الآن على شكل حلقات، إلا رداء الكبرياء ( فلا يعقل أن تظل كل هذه الحجب فوقهم إلى الأبد بينما أهل الجنة وهم أضعف خلقا منهم لن يكون فوقهم إلا رداء الكبرياء والعرش. وأذكر أن أهل الدنيا الآن يأتيهم نور الله عبر هذه الحجب قبل العرش والكرسي والسماوات ). وهذا يدل على أنها تزول أو ستزول. والأرجح هو أنها تزول تدريجيا إلى يوم الفناء باحتراقها دائما من أعلاها ( أي أعلى الحجاب الأعلى ) والله أعلم.
- وجود حجب كثيرة يؤكد أيضا أن أعلى أعلاها يحترق. ولولا ضرورة احتراقها لكان حجاب واحد وكثيف كافيا لحجب النور بمقدار لا يتغير. لكن الهدف غير ذلك لأن النور يجب أن يزداد على الخلق.
> لكن كيف يتم هذا الاحتراق ؟ رأينا أن كل حجاب قد خلق تحت أضعف أنوار رداء الكبرياء. فعندما تزداد أنوار هذا الأخير تدريجيا على الحجاب الأعلى يحترق لأنه لا يتحمل نورا أقوى من الذي خلق تحته ( وغلظ كل حجاب إلى حين أن يحترق يحمي الذي تحته من الأنوار القوية ومن الاحتراق ). ورداء الكبرياء يدور فوقه بمختلف درجات أنواره كما يدور فوق جنة الخلد. وبالتالي توجد فوق جوانب العرش أنوار حلقات الحجب ( وفوقها حلقات الستور ) ونيران عظيمة في أعلى الحجاب الأعلى. ويدور الاشتعال بدوران رداء الكبرياء ( وسرعة دوران الاشتعال هي بلا شك عدة مليارات مرة سرعة الضوء لأن هذه الحجب توجد تحت جوانب رداء الكبرياء التي تدور كما رأينا بسرعة خيالية ). ربما لذلك جاء في حديث عن الله أن حجابه النور أو النار (أنظر الفقرة ٤) وبلا شك كلاهما موجودان فوق العرش. وبعد احتراق حلقة الحجاب الأعلى كليا يوقد الذي تحته مباشرة وهكذا إلى قيام الساعة. وباختفاء الحجب تدريجيا يزداد النور على الخلائق تدريجيا والله أعلم.
إرسال تعليق