U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

قصة الوجود - الله في كل مكان -0013

   

٤- الله في كل مكان


قال تعالى﴿ وهو معكم أين ما كنتم ﴾(٤-٥٧)﴿ فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ﴾(١١٥-٢) وقال أيضا﴿ سبح اسم ربك الأعلى ﴾(١-٨٧)  

إنه سبحانه الأعلى بذاته فوق عرشه. أما بصفاته فهو في كل مكان. وكل نقطة في الوجود يتجلى فيها نوره. ونحن في جزء من نوره هذا الذي ينبثق من ذاته. وعندما ينزل إلى حيث يشاء فذلك لا يعني أنه يغادر مقامه. فهو دائما فوق عرشه وفي نفس الوقت في المكان أو الأماكن التي نزل إليها. وعندما ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ليبقى فيها ثلثها الأخير فهذا يعني أيضا أنه في كل لحظة ينزل لأن أوقات الأرض دائمة وتمر على أهلها بالتناوب. فصفة النزول إذن قائمة باستمرار على وجه أرضنا في ثلث ليلها الأخير والتي تدور دوما بين ليلها ونهارها بينما ذاته سبحانه دائما فوق عرشه. وقد تكون قائمة في كواكب وعوالم أخرى. أما الصفات الأخرى فهي متجلية في كل مكان إلا ما شاء الله. لا نحيط به علما وهو على كل شيء قدير. إن له القدرة مثلا على أن يكلم في آن واحد وبلغات مختلفة مخلوقات متعددة في أماكن عديدة متقاربة كانت أو متباعدة في السماوات والأرض في الدنيا والآخرة ويفعل كل ما يشاء في كل الكون في نفس الوقت. فصفاته لا ينفي بعضها بعضا في نفس اللحظة. وكذلك تنزيله إلى حيث يشاء إلى أماكن متعددة واستواؤه على العرش في نفس الوقت ( أنظر التفاصيل في الفقرة ٣٢ح ).

 

> ذلك من عجائب الله. لذلك أوصانا رسوله ﷺ بأن لا نتفكر في ذاته وإنما في خلقه. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

إنه الباطن: لا تدرك الأبصار بمحض إرادتها ذاته الكريمة. فهو محجوب بنفسه عما أراد. أما حجبه فتحجب فقط قسطا من نوره المباشر. في الحديث الصحيح عن أبي موسى قال ﷺ « حجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ». وفي الصحيحين عن عبد الله بن قيس الأشعري عن أبيه في حديث الجنة قال النبي ﷺ« ... وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ». وهذا الرداء أيضا لا يحجب ذات الله وإنما فقط قسطا كبيرا من نورها. وبالتالي فوق فضاء جنة الخلد لا يوجد إلا العرش طبعا ورداء الكبرياء والله سبحانه. أما الحجب والستور فهي حلقات فوق جوانب العرش. والله باطن أيضا بصفاته: روى الإمام أحمد حديثا يقف سنده عند أبي هريرة عن النبي ﷺ قال في آخر الحديث «(...) لو دليتم بحبل إلى الأرض السفلى السابعة لهبط على الله. ثم قرأ﴿ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ﴾(٣-٥٧)»

إنه الكبير: لا شيء أكبر منه. فتأمل في أن كرسيه يسع السماوات والأرض. وعرشه أكبر من كرسيه. حملته أقدامهم في تخوم الأرض السابعة.     

إنه اللطيف: لا حاجز يمنعه من أن تتجلى صفاته ( علمه وبصره وسمعه وقدرته ...) في باطن أي شيء كما أن اللطيف أيضا هو الذي يلطف بعباده ويرحمهم.

إنه الأعلى والظاهر: ظاهر بذاته فوق كل شيء في أعلى مكان فوق العرش العظيم وظاهر بصفاته ( ببصره وعلمه وسمعه وقدرته وقوته ونوره ورحمته ...الخ ) فوق أي شيء. قال تعالى﴿ تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾(٤-٧٠) ويعرجون فقط إلى جهة مقامه. ومقامهم هم في سدرة المنتهى. أما هو جل جلاله فدائما فوقهم وفوق المقربين الذين عنده كحملة العرش ومن حوله﴿ وله من في السماوات والأرض ومن عنده ﴾(١٩-٢١). أما ملائكة الدنيا الآن فهم في جوف الكرسي تحت العرش. أما المؤمنون من الناس فسيكونون أيضا من المقربين في جنة الخلد حسب درجة إيمانهم وأعمالهم لقوله تعالى﴿ والسابقون السابقون (١٠-٥٦) أولئك المقربون (١١-٥٦) في جنات النعيم ﴾(١٢-٥٦)


   



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة