U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

قصة الوجود - كلام الله ووحيه -0149

   

٢٦- كلام الله ووحيه




 

إن الله يكلم مخلوقاته أو يوحي لها حسب درجتها وطبيعتها. ولا يكلم البشر في نشأتهم الأولى كما يكلم الملائكة. قال سبحانه﴿ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء ﴾ (٥١-٤٢). وقوله " أو يرسل رسولا " يبين أن ذلك يتعلق بالنشأة الأولى فقط. والآية لا تقصد رؤية الله وإنما سماع كلامه. فهو محجوب بذاته عن كل خلقه بما فيهم الملائكة باستثناء من في جنة الخلد. وطبقا للآية فالبشر لا يمكن لهم سماع صوت الله مباشرة وإنما من وراء حجاب فيحجبه بقدر معين. وهكذا كلم الله آدم وموسى عليهما السلام. ولو كان بشر بجوار موسى لما كان ربه يكلمه لما سمع كلامه لأنه سيكون محجوبا تماما عنه. والآية قد توحي أو لا تنفي أن الملائكة في نشأتهم الأولى يسمعون صوت الله لكنهم كغيرهم لا يرونه وإنما يتجلى لهم في ظلل من الغمام.

وجاء في الحديث أن آدم كلمه الله عيانا. بدون شك من وراء حجاب ( أو ظلل من الغمام ) لأنه بشر أيضا كما في الآية السابقة. وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد لما سأل أبو ذر رسول الله  عن آدم أنبي هو قال « نعم نبي مكلم ». وفي حديث آخر قال « نعم نبيا رسولا يكلمه الله قبيلا »( رواه ابن مردويه ) أي آدم قابله الله من فوقه بظلل من الغمام فرآها عليه السلام وسمع كلامه محجوبا بحجاب الصوت. أما موسى فسمعه دون أن يرى ظللا. وخطاب الله لآدم مذكور في القرآن﴿ وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ﴾(٣٥-٢)﴿ قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم ﴾(٣٣-٢).

ومحمد  لما عرج به إلى سدرة المنتهى تجلى الله له بلا شك في ظلل أيضا. جاء في الحديث أنه غشيته سحابة من نور فيها من كل لون ورأى من آيات ربه الكبرى. فأية آية أعظم منها باستثناء رؤية الله مباشرة ؟ لذلك قال تعالى﴿ إذ يغشى السدرة ما يغشى ﴾ (١٦-٥٣) فغشيها من نور الله ما غشيها.   

أما الكلام بالوحي فليس فيه صوت مسموع بالأذن المادية. فتارة يكون الموحى إليه على علم بذلك ويحس به كالأنبياء وتارة لا يشعر بأي شيء كسائر الناس.

أما الملائكة فالله يكلمهم إن شاء﴿ وإذ قال ربك للملائكة ... ﴾(٣٠-٢) أو يوحي لهم﴿ وإذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم ﴾(١٢- ٨)(  هذا في غزوة بدر ).

أما الجمادات والحيوانات فتارة يكلمها الله وتارة يوحي لها. قال تعالى﴿ فقال لها وللأرض ﴾(١١-٤١)﴿ وأوحى في كل سماء أمرها ﴾(١٢-٤١)﴿ وأوحى ربك إلى النحل ﴾(٦٨-١٦) ...الخ.

ورأينا في الفقرة ١٨ أن الله يكلم الأرواح والأموات وكل شيء ويوحي عندما يريد. في حديث رواه ابن أبي حاتم « إذا أراد الله تبارك وتعالى أن يوحي بأمره تكلم بالوحي. فإذا تكلم أخذت السماوات منه رجفة أو قال رعدة شديدة من خوف الله تعالى ».


   



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة