٩- الخلق من عدم في نور الله (2/2)
إن المادة الدنيوية متماسكة إذن بأمر الله ليلا ونهارا في نور الكرسي، والتي في جنة المأوى الدنيوية ووسط سدرة المنتهى متماسكة ليلا ونهارا في نور جوانب العرش ( لأنها تحت فتحة الكرسي مباشرة ). والتي في جنة الخلد، جنة الآخرة، متماسكة على الدوام في نور وسط العرش. والملائكة أجسامهم متماسكة أيضا بالنور الذي خلقوا منه وتحته. فالذين حول العرش أجسامهم متماسكة بنور الحجب، والذين تحت العرش بنور العرش، والذين في الكرسي بنور الكرسي أو بجزء منه حسب مستوى السماء التي هم فيها. ولا يستطيع أحد من الخلائق أن يتجاوز درجته النهائية في الاتجاه الأعلى وإلا احترق ( ودليل ذلك في الحديث إذ لم يتجاوز جبريل عليه السلام مستوى معين يوم عرج بالنبي ﷺ ).
أما الإنسان فخلق في السماء السابعة تحت نور جوانب العرش. ربما لذلك عرج بالنبي ﷺ إلى سدرة المنتهى دون أن يقع له أي شيء. لقد رفعت تربة الأرض إلى مستوى جنة المأوى ومنها خلق آدم. وهذا التراب كان له نور خاص كاف لأن يرفع إلى ذلك المستوى حينها دون أن يتحطم ( بل الأرض كلها ستصل إليه يوم الفناء. وسنرى تفاصيل عن هذا وعن النور الخاص ). لكن بعد عصيانه أنزله الله إلى الأرض فنقص طوله. وهكذا نرى أن المادة في العالم الدنيوي ليست كالتي في العالم العلوي. فقبس من نار جهنم والتي توجد تحت جنة الخلد ربما لن يطفئه ماء الأرض لأن هذا الماء خلق تحت جزء من نور الكرسي فقط. أما نار جهنم فخلقت تحت نور وسط العرش وفضلت على نار الدنيا بتسعة وستين جزءا. وربما لا يطفئها إلا ماء الآخرة والله أعلم.
إن الله خلق السماوات والأرض من رتق. والرتق خلق بأمره من عدم في نور الكرسي. وصدرت عنه مواد خلقت من أجزاء رتقية مركبة بأشكال معينة. فكل شيء خلق من نور أو تحت نور معين. فالعرش خلق تحت نور الله عبر رداء الكبرياء. أما الكرسي فخلق تحت نور العرش الذي كان على الماء. وخلق الرتق ثم السماوات والأرض في جوف الكرسي تحت نوره المنقوص بوجود الحجب فوق جوانب العرش ( سنرى تفاصيل كثيرة عن ذلك في محله ). وخلق الإنسان بعد ذلك من شيء مركب وهو الطين. أما الملائكة فخلقوا من نور مباشرة بعد أمر الله سبحانه " كن" ( أنظر الفقرة ١٠ب).
إن الإنس في الأرض هم إذن في جزء من نور الكرسي. ولا يرون ذلك النور بسبب الغطاء الذي جعله الله على أعينهم. أما الملائكة فيرون النور العلوي. وبالتالي يرون ليله ونهاره.
إرسال تعليق