آخر الكتاب (5/8)
توضيحات عن حرية الإيمان ومراحل القتال
الإسلام تجاه القتال يمر من ثلاث مراحل رئيسية. وعلى المسلمين أن يجتهدوا ليبلغوا المرحلة الثالثة.
- اﻹسلام حين يكون المسلمون في حالة ضعف كما كانوا في مكة في أوائل الدعوة: يكتفون بالدعوة إلى الإسلام بالكلمة والموعظة الحسنة وبالصبر والصفح والإعراض حتى عمن ظلمهم في الدين نظرا لقلة عددهم وضعفهم.
- الإسلام في حالة دفاع كما أذن الله للمسلمين وهم في المدينة بأن يقاتلوا ليسترجعوا حقوقهم أو يدافعوا عن أنفسهم. يكتفي المسلمون بالدفاع عن أنفسهم بقتال من ظلمهم في الدين. هذا لما تكون قوتهم كافية لذلك إضافة إلى دعوة الناس إلى الإسلام بالكلمة والموعظة الحسنة.
- الإسلام ونشر الحق بقوة السيف أي بالحرب إن لم تنفع الدعوة بالكلمة. ونزلت آيات تحث المسلمين على ذلك ( أنظر الفقرة الموالية ). هذا عندما تتقوى شوكتهم إضافة إلى استمرار نشر تعاليم الدين بالكلمة والموعظة الحسنة.
معنى نشر الحق بالقوة: إن الإسلام يرفض أن يجهر الناس بالشرك وبالكفر بالله ويأمر المسلمين بقتال كل من يفعل ذلك. وقد أمر الله ذا القرنين بنشر دينه وقتال كل من يعبد علانية غير الله من الأقوام التي كانت في طريقه. وسليمان أيضا كاد يقاتل أهل سبأ عبدة الشمس لولا دخولهم في الإسلام. وأمر الله المسلمين في القرآن إن تقوت شوكتهم بأن يقاتلوا الذين يلونهم من الكفار الذين يشركون علانية بعبادة الأصنام وغيرها حتى يسلموا أو يقتلوا. وأيضا الكافرين بالله وباليوم الآخر من الذين أوتوا الكتاب ( أي في حالة ما طغى الكفر والإلحاد والشرك فيهم كمثل الذين يقولون إن الله هو المسيح عيسى ابن مريم والذين يجعلونه ثالث ثلاثة والذين رسميا لا يلتزمون بفرائض شريعتهم ) الذين لا يدينون دين الحق المنزل عليهم في توراتهم وإنجيلهم حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون أو يسلموا إما بالرجوع إلى دينهم الأصلي دون شرك أو باعتناق الدين الخاتم وهو الأفضل لهم لو كانوا يعلمون. هذا بعد دعوتهم إلى كلمة سواء ألا يعبد إلا الله ولا يشرك به. هذا يعني أنهم لا يحارَبون في الدين إن كانوا موحدين ملتزمين بشريعتهم ( لا يجوز أن تقاتل بسبب الدين من يوحد الله وبشريعة من عنده ). فالشريعة الخاتمة لها دور الرقابة على كل الأديان. فأجاز الله للمسلمين أخذ الجزية من كفار أهل الكتاب ولم يجوز لهم أخذها من غيرهم لأن اليهود والنصارى لديهم كتاب من الله قد يرجعون إليه إن تابوا. هذا قد يعني أن الجزية تسقط عنهم في هذه الحالة لكن مع استمرار الرقابة عليهم. الجهاد والقتال ٨٥-١٤د (٢٩-٩)
كل هذا يدل على أن الناس في الإسلام ليسوا أحرارا جماعة في أن يعبدوا أيا كان من دون الله علانية. لا عبادة علانية إلا لله. لذلك أمر محمد ﷺ بأن يقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. فإن غلب المسلمون كفار البلد فأسلموا أصبحوا منهم. وإن لم يسلموا قتلوا أو أعطوا الجزية إن كانوا من كفار أهل الكتاب.
أما على مستوى الفرد فلا إكراه في الدين. وعلى سبيل المثال إن استجارك مشرك عليك أن تسمعه كلام الله ثم تبلغه مأمنه آمن أم لم يؤمن ( وهذا صريح في القرآن ). فإن أراد أن يكفر أو يشرك فليفعل ذلك في نفسه دون الإعلان برموز يراها الناس. فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر شريطة أيضا ألا يحارب الإسلام وألا يبدله. بل كل من بدل دين الله سواء من أهل الكتاب ( وتبديلهم له هو بالشرك وكل افتراء على الله بالزيادة أو بالنقصان أو بالتحريف ) أم من المسلمين وجب قتله إن لم يتب أو الجزية إن كان من أهل الكتاب. والتبديل هو تغيير ما جاء في الدين وليس رفضه كليا. كما قالت قريش للنبي ﷺ : " إئت بقرآن غير هذا أو بدله ". أي نقبله مع تغيير أشياء فيه طبقا لما نريد. يعني أن تعبد آلهتنا وتحترم. ومن التبديل مثلا أن تصلي وتمنع الزكاة كالذين حاربهم أبو بكر رضي الله عنه. فمن يفعل ذلك فهو كالذي يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض. وهو من الكافرين حقا. والذين قاتلهم أبو بكر لو أعلنوا كفرهم كليا لقاتلهم أيضا حتى يعودوا إلى الإسلام ( لأن المسلمين كانوا في مرحلة قوة كبيرة ). أي إما إعطاء الزكاة إن أرادوا البقاء على الإسلام لأنهم كانوا تحت إمرة خليفة رسول الله ﷺ . فهو من كان يوزعها على الفقراء. أو الموت إن كانوا مشركين وأرادوا البقاء على شركهم علانية. فالذي يعتنق الإسلام وجب عليه أن يأخذه كله أو يتركه كله مع عدم نشر الشرك بين الناس. فلا يقتل من المرتدين إذن ( بعد استتابتهم طبعا ) إلا الذين يشهدون شهادة الإسلام ويكفرون في نفس الوقت ببعض تعاليمه أو يغيرونها أو يرتدون لمحاربة الإسلام والمسلمين أو يعودون إلى الشرك علانية. فيدخل فيهم إذن المفارق للجماعة الذي يكفر بإمامه علانية دون حجة شرعية أو يحارب جماعته أو يخالفها في العبادات دون دليل لأن ذلك يؤدي إلى الفتنة والتباس الدين الصحيح على الناس.
إرسال تعليق