٦٧- المؤمنون في مرحلة الوحي
(7/13)
٥ص٢- غزوة أحد:
٥ص٢أ- كان النبي ﷺ هو من سوى الصفوف وأجلس الرماة في أماكنهم ( لكن هؤلاء خالفوا أمره بعد ذلك ): وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٢١-٣) إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمُ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٢٢-٣) حدث هذا في غزوة أحد لأن الآية التالية وهي منفصلة عن هذه تذكر المسلمين بما وقع ببدر: " ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ". غدوت: أي خرجت أول النهار. من أهلك: قيل من حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها. وهذا يعني أن النبي ﷺ ذهب مباشرة بعد خروجه من أهله إلى مقاعد القتال. فكان ذلك ضروريا لانتصار المؤمنين. فلو ثبتوا في تلك المقاعد لكان النصر حليفهم. تبوئ: تنزل. مقاعد: أي هنا أماكن ومواقف معينة ليثبتوا فيها. سميع عليم: أي سمع وعلم بما همت به الطائفتان كما هو مفسر في الآية التالية. طائفتان منكم: قيل هما بنو حارثة من الأوس وبنو سلمة من الخزرج هموا بالرجوع حين رجع عبد الله بن أبي فعصمهم الله. تفشلا: تجبنا. والله وليهما: أي كيف ستفشلان والله وليهما أي ناصرهما ؟ فصرف عنهما الفشل.
٥ص٢ب- وكان النصر في أول النهار عظيما: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ (١٥٢-٣) وعده: وعده على لسان رسوله ﷺ بقوله للرماة كما جاء في الرواية:" اثبتوا مكانكم ولا تبرحوا وإن رأيتمونا قد هزمناهم، فإنا لن نزال غالبين ما ثبتم مكانكم". فتحقق النصر في أول النهار. تحسونهم بإذنه: أي تقتلونهم أنتم بإذن الله تعالى. وهذا يبين أن القتل كان بيد المؤمنين بإذن الله. ولم يكن في غزوة أحد ملائكة يقاتلون كما وقع في غزوة بدر.
٥ص٢ت- لكنهم عصوا الرسول ﷺ وتنازعوا: حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ (١٥٢-٣) حتى إذا فشلتم: هذا الفشل الذي جعلهم لم يستمروا في قتل المشركين كان بسبب نزاعهم حول ثباتهم أو لا في مقاعدهم. وكان عصيانهم هو مغادرتها لأجل الغنائم معتقدين أنهم قد انتصروا. وتنازعتم في الأمر: من الرماة من أراد أن يلحق بالغنائم. ومنهم من فضل أن يثبت في مكانه كما أمره النبي ﷺ. وعصيتم: وعصيتم أمر النبي ﷺ بالثبات في أماكنكم. ما تحبون: وهو نصركم أول النهار في أحد مع وجود غنائم. منكم من يريد الدنيا: يعني بهم فريقا من الرماة يريدون الغنيمة فتركوا مواقعهم. ومنكم من يريد الآخرة: وهم الذين ثبتوا في أماكنهم.
ولاذوا بالفرار: إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٥٣-٣) ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ (١٥٤-٣) ← فصل محمد ﷺ ٣٩-٤٧ ت (١٤٤-٣) تصعدون: أي تبتعدون هربا في الوادي. وهذا توضيح لقوله تعالى: ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ (١٥٢-٣) ولا تلوون: لا تعرجون - لا تلتفتون. في أخراكم: أي من ورائكم. فأثابكم: فجازاكم. غما بغم: أي غمهم الله بما أصابهم كما غموا النبي ﷺ ( بمخالفتهم أمره مرتين. مخالفة الرماة لأمره ثم عدم استجابتهم له لما كان يدعوهم في أخراهم ). لكيلا تحزنوا: لكيلا تحزنوا لأن غمكم من ثواب الله وأمره. ما فاتكم: أي ما فاتكم من الغنيمة. ما أصابكم: أي ما أصابكم من الهزيمة.
٥ص٢ث- بعضهم كان يظن بالله غير الحق: وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمُ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١٥٤-٣) أهمتهم أنفسهم: أي لم يهتموا إلا بتنجية أنفسهم دون النبي ﷺ. فهؤلاء لم يناموا كالآخرين. وهم أهل شك ونفاق. يظنون أن الله تخلى عن المسلمين وأنهم سيبادون عن آخرهم في هذه المعركة. هل لنا من الأمر من شيء: أي هل نحن مسؤولون عن هذه الهزيمة ؟ يعني لم يكن لنا أمر في هذا. لم يكن الخروج إلى أحد من قرارنا نحن. قل إن الأمر كله لله: أي هو من ينصر ويخذل. من يعز ويذل. ولا يحتاج إلى أحد فيما يريد. ما لا يبدون لك: وهو أنهم لا يؤمنون بك ولا بنصر الله. وليمحص: وليميز.
٥ص٢ج- والشيطان هو الذي دفعهم إلى الفرار: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٥٥-٣) تولوا منكم: هربوا إلى المدينة وقت الهزيمة. الجمعان: المسلمون وكفار مكة بأحد. استزلهم: وهو ضد الثبوت. ببعض ما كسبوا: أي معصيتهم للنبي ﷺ حين تركوا أماكنهم يريدون الغنيمة.
٥ص٢ح- وكان ذلك ابتلاء من الله:
١- ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢-٣)
صرفكم عنهم: أي صرفكم عنهم بعد نصركم عليهم أول النهار. أي لم ينصركم عليهم في آخره ليبتليكم. وتوضيح انصرافهم هو في قوله تعالى: " إذ تصعدون ولا تلوون على أحد ". ذو فضل على المؤمنين: ومن فضله أنه عفا عنكم.
٢- ولتمييز المؤمنين عن المنافقين: وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦-٣) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (١٦٧-٣) الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٦٨-٣) نزلت في عبد الله بن أبي سلول لما رجع بثلث الناس من قومه أهل النفاق. وليعلم: ليميز. أي ليتميز المؤمن من المنافق أمام الكل. وقيل لهم: أي قيل للذين انصرفوا عن القتال وهم عبد الله بن أبي وأصحابه. قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا: أي أعينونا على قتال العدو أو كثروا سوادنا إن لم تريدوا القتال في سبيل الله. لو نعلم قتالا: أي لو نعلم أنه سيكون قتال. هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان: أي كان قربهم للكفر أكبر من قربهم للإيمان. الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا: أي الذين قعدوا عن القتال وقالوا لإخوانهم. وإخوانهم هنا في النسب والمجاورة. وكانوا يكلمونهم عن شهداء أحد. لو أطاعونا: أي لو أطاعونا في القعود. فادرءوا: فادفعوا.
٥ص٢خ- لم يستسيغوا هذه الهزيمة: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥-٣) أصبتم مثليها: مثليها لأن في أحد قتل من المسلمين سبعون. وكانوا قد قتلوا سبعين من الكفار ببدر وأسروا سبعين. وفوق ذلك قيل قتلوا قريبا من عشرين يوم أحد في أول النهار. أنى هذا: أي كيف نهزم وفينا رسول الله ﷺ ؟ من عند أنفسكم: يعني عصيانكم وهو مخالفة الرماة لأمر النبي ﷺ وعدم استجابتكم له لما كان يدعوكم في أخراكم هما سببا هزيمتكم. على كل شيء قدير: وقدير على نصركم أو خذلانكم.
٥ص٢د- قال تعالى لهم أيضا : وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣-٣) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤-٣) نزلت لما ضرب رسول الله ﷺ في رأسه يوم أحد واعتقدوا أنه قتل.الموت: يعني به هنا الشهادة. من قبل أن تلقوه: أي تلقوا القتل يوم أحد. رأيتموه: أي الموت. انقلبتم على أعقابكم: أي تخليتم عن القتال ورجعتم. بل من الناس من قد يعود إلى الكفر ويتخلى عن دينه. الشاكرين: الشاكرين نعم الله بالثبات على الجهاد وعلى دينه.
إرسال تعليق