١٣- نوح
(3/8)
فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠-٥٤) قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧-٢٦) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١١٨-٢٦) قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (٢٦-٢٣) أني مغلوب: أي لا حيلة لي ولا قوة على مقاومة قومي. فانتصر: فانتصر لي ولدينك. فافتح: احكم وافصل. أي بمعاقبة المشركين لأن قوله: " ونجني " يقتضي هذا المعنى. بما كذبون: أي بالعذاب الذي أخبرتهم به.
قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (٥-٧١) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَاءِي إِلَّا فِرَارًا (٦-٧١) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (٧-٧١) فرارا: أي يهربون من سماعه. واستغشوا ثيابهم: غطوا رؤوسهم ليبينوا نفورهم ولكيلا ينظروا ويسمعوا. وأصروا: أي على الكفر.
ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (٨-٧١) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمُ إِسْرَارًا (٩-٧١) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمُ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠-٧١) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١-٧١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمُ أَنْهَارًا (١٢-٧١) جهارا: أي بأعلى صوت. أعلنت: أي دعوتهم وهم مجتمعون. وأسررت: أي وأسررت لكل واحد منهم على حدة.
مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣-٧١) وَقَدْ خَلَقَكُمُ أَطْوَارًا (١٤-٧١) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥-٧١) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (١٦-٧١) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (١٧-٧١) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمُ إِخْرَاجًا (١٨-٧١) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (١٩-٧١) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (٢٠-٧١) أطوارا: أي من مرحلة تتطور إلى أخرى من النطفة إلى الشيخوخة. فالإنسان في تغير دائم. طباقا: كل سماء مطبقة على الأخرى. والسماوات حلقات كما بينت في كتاب قصة الوجود. وجعل القمر فيهن: أي في قلبهن. والمعنى: في السماء الدنيا لأنها الأدنى. ولا توجد الكواكب إلا فيها. وقد زينها الله بمصابيح. والقمر هو كل كوكب ليس بشمس ويعكس ضوءها بما في ذلك أرضنا وقمرها وكواكب المجموعة الشمسية. نورا: فالقمر منور للأرض يعكس النور. أنبتكم من الأرض: أي خلقكم ورزقكم منها فتنمون على ظهرها كما ينبت النبات. بساطا: فراشا منبسطا. لتسلكوا منها: فتبسيط الأرض يجعلكم تسيرون في سبل فجاج بين الجبال. سبلا فجاجا: طرقا واسعات.
قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (٢١-٧١) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (٢٢-٧١) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وُدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (٢٣-٧١) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (٢٤-٧١) قال نوح رب ...: أعيد ذكر اسم نوح هنا لأن خطابه تحول إلى مناجاة الله. واتبعوا من لم يزده ...: أي اتبع قومه كبراءهم وأغنياءهم الكافرين. خسارا: وهو الخسران في الآخرة أي لم يزده ماله وولده إلا عذابا وهبوطا أكثر في دركات جهنم. كبارا: أي عظيما في غاية ما يكون المكر. وقالوا لا تذرن: أي لا تتركوا. وهذا من قول كبرائهم لأتباعهم يقوله نوح لربه. وود وسواع ويغوث ويعوق ونسر أسماء لأصنامهم. قيل كانوا رجالا صالحين بين آدم ونوح. وقيل أولاد آدم عليه السلام والله أعلم. فلما ماتوا دفعهم الشيطان إلى عبادة صورهم. ويبدو أن هذا كله من كلام نوح: واتبعوا ... ومكروا ... وقالوا .. وقد أضلوا. وقد أضلوا: أي أضلوا بالأصنام. الظالمين: أي الظالمين أنفسهم بالشرك.
٩- طلب نوح العذاب لقومه ← أنظر الفقرة ٧
وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦-٧١) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧-٧١) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (٢٨-٧١) وقال نوح رب ...: أعيد ذكر اسم نوح هنا لأن الله أدخل بين كلامه خبرا عن مصير قومه الكافرين " مما خطيئاتهم أغرقوا ..." لا تذر: لا تترك. ديارا: أي صاحب دار. وربما المقصود هو أن لا تترك لا الكافر ولا داره أو كل كافر يتحرك في الأرض. إن تذرهم: أي إن تتركهم ولا تهلكهم. ولوالدي: قال ابن عباس: لم يكفر لنوحٍ أب ما بينه وبين آدم عليه السلام. ولمن دخل بيتي مؤمنا: أي من أصبح من أهل بيتي وهو مؤمن. فمنهم المؤمن ومنهم الكافر كامرأته. أما ابنه كنعان فأعلمه الله بكفره بعد غرقه. وأيضا من آمن من أصهاره وأحفاده لأنهم كانوا يدخلون بيته وركبوا معه سفينته. وللمؤمنين ...: أي من غير أهل بيته أيضا إلى يوم القيامة. الظالمين: وأعظمهم المشركون.
١٠- واستجيبت دعوته
وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ (٧٦-٢١) وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥-٣٧) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦-٣٧) إذ نادى: إذ نادى داعيا ربه كما في الآيات التالية: وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦-٧١) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠-٥٤) قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (٢٦-٢٣) قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧-٢٦) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١١٨-٢٦) من قبل: قبل زمن إبراهيم ولوط عليهما السلام. فلنعم المجيبون: فالله نعم المجيب الذي يجيب بالحق والعدل. الكرب: هو الطوفان الذي أحزن كل الناس يومئذ.
١١- وكان الله قد أعلمه بكفر قومه ( ربما ذلك هو الذي دفعه إلى الدعاء عليهم والله أعلم )
وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦-١١) فلا تبتئس: لا تحزن ولا تغتم.
١٢- وأمره ببناء السفينة ومنعه من أن يشفع لهم
فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا (٢٧-٢٣) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧-١١) الفلك: السفينة. بأعيننا: بمرأى منا وحفظنا. أي نحن الذين سنشرف على هذا العمل. والأعين بالجمع هنا لجمع تفخيم. ووحينا: أي بالتفاصيل التي سنوحيها إليك. الذين ظلموا: وهم المشركون. فالشرك ظلم عظيم في حق الله تعالى وللنفس إذ يصيرها الذي مات على شركه إلى العذاب الأبدي.
إرسال تعليق