٤٦ح٢- التعذيب داخل حفرة النار:
قال تعالى﴿ لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ﴾(١٦-٣٩) سيكون الكافر في حفرة الجحيم بين ظلل النار، من فوقه ومن تحته. ستسلكه الملائكة الزبانية في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا بحيث سيكون معلقا بها وسط حفرته، تلفح وجهه النار. أي سيكون مرفوعا عن قعر الحفرة الذي فيه طبقات من النار وتحت سطحها الذي فيه أيضا طبقات من النار. وسيصلاها كلها. ستحرقه الظلتان الأقرب منه من فوقه ومن تحته حتى إذا خبتا جاءته اللتان تلياهما أشد منهما حرا حتى تحرقه كل الظلل. قال تعالى﴿ يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ﴾(٥٥-٢٩) وقال أيضا﴿ كلما خبت زدناهم سعيرا ﴾(٩٧-١٧). وأصل النار كلها في الأسفل سواء التي في قعر الحفرة أم التي في سطحها. فالنيران تتسرب في جوف جدر الحفرة الأربعة عبر مسالك مخصصة لها. فهي تأتي من أرض جهنم ثم تتفرع. كل فرع يخرج ظلتين: ظلة في قعر الحفرة وظلة في سطحها. والظلل بعضها فوق بعض. ومسالك النيران في جوف جدر الحفرة الأربعة: فهي نار مؤصدة على الكافر كما قيل في القرآن. وهذه المسالك هي امتداد للأعمدة المذكورة في قوله تعالى﴿ إنها عليهم مؤصدة (٨-١٠٤) في عمد ممددة ﴾(٩-١٠٤) وتوجد أعمدة بين الحفر الكبرى الجماعية وقناطر كما رأينا. وقال أيضا﴿ إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها ﴾(٢٩-١٨) ولسرادقها أربعة جدر كما في الحديث. فالأعمدة الممددة إذن هي التي توصل النار إلى كل الحفر أي من أسفل جهنم الكبرى إلى أعلاها وتمر داخل أراضيها وأراضي حفرها وتتفرع كالشجرة. الفروع الكبيرة ثم الصغيرة ثم الأصغر منها...الخ حتى تدخل في كل حفر الجحيم عبر أراضيها وأعمدة جدرها. ويلقى الكافر في حفرته في سلسلته مقرونا بشيطانه كما قال تعالى﴿ وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين ﴾(١٣-٢٥) ويصممه الله فيها فلا يسمع أي شيء ما دام في حفرة النار كما قال سبحانه﴿ لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون﴾(١٠٠-٢١)
وستقلب وجوه الكافرين في النار ( وهذا دليل قرآني على أنهم سيكونون معلقين في حفر النار )، مرة ستكون مستقبلة قعر الحفرة ومرة سطحها. وفي كليهما ظلل من النار. وظلل القعر قد تكون أحر شيئا ما من ظلل السطح لأن النار في الأسفل أعظم. قال سبحانه﴿ لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون ﴾(٣٩-٢١) وسترمي بشرر كبيرة كالقصر في اتجاه الكافر وهو في حفرة النار كأنه جمالات صفر أي كحبال السفن. وهي حبال من نار ﻻ يفلت من أي منها ولا من أجزائها. كلما نضج جلده كلما بدل غيره. وفي وسط الحفرة توجد شجرة الزقوم المرعبة. ومنها سيأكل مادام هناك. وإذا استغاث أغيث بماء كالمهل يشوي الوجوه. ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه.
وإذا أحرقته كل الظلل أخرج بسلسلته من الحفرة لينزل إلى حفرة الحميم. وسيمر عبر أودية وشلالات الحميم والصديد حاملا أوزاره. ويعلم الله كم سيصادف في طريقه من ثعابين وعقارب وحيات وما خلق الله من أقبح ما نعرف في الأرض وما لا نعرف. وسيضرب بمقامع من حديد. وسيأكل من ضريع ويسقى من عيون آنية.
إرسال تعليق