٤٦ث٢- حفر الوسط وحفر الأطراف:
إن أكبر حفرة من حفر جهنم ( وهي العليا ) أصغر من أصغر روضة من رياض الجنة ( وهي السفلى ) بنفس النسبة التي بين كل درجتين من درجات الآخرة. وكما بالنسبة للروضات فالحفر الوسطى أفضل من حفر الأطراف. فهذه الأخيرة تتلقى حميم وصديد الحفر الوسطى. والحفر العليا أفضل وأكبر من الحفر السفلى. والظلمة تزداد في اتجاه الأسفل. والنار في الأسفل أعظم وأحر من التي في الأعلى. ورأينا المادة التي تتكون منها جدر وأراضي جهنم. وكلما كان الإنسان أقل جرما كلما كان في جهنم في الحفر العليا والوسطى. وكلما كان أشد جرما كلما كان في الأسفل وفي الأطراف. والحميم الأول ينبع في أعلى حفرة في أعلى الطبقة الأولى من جهنم، أي في " ربوة " المستوى الأعلى منها أي في الوسط والأعلى تماما ليس فوقها إلا الحجاب الذي بين الجنة والنار. وينبع بأمر الله كن فيكون كما تنبع الأنهار بنفس الأمر في أعلى روضة في الجنة. ولا تنزل أية نقطة من أنهار الجنة إلى جهنم. ثم يجري الحميم في أودية مع أودية صديد أهل النار وغساق يوم دخولهم إليها ليخرج كما رأينا من زوايا الحفرة. وفي قعر كل حفر الحميم بئران. جاء في الرواية أن غي وآثام بئران في قعر جهنم ( رواه ابن جرير عن ابن أمامة الباهلي موقوفا ومرفوعا ). وفي الآبار يصب صديد أهل النار والحميم ثم يذهب ذلك في أودية إلى حفر أسفل منها ليذوق عذابهما من هم أكثر جرما. ثم يختفيان بأمر الله كن فيكون عندما يخرجان من حفر أطراف الدرك الأسفل.
وإذا كان العرش العظيم فوق روضات جنة الخلد وفوقه رداء الكبرياء والله سبحانه فوق الكل ففوق حفر جهنم يوجد الحجاب الذي بين الجنة والنار. فلن يرى أهل النار النور العلوي ولا ذات الله إلا ظلمات جهنم ذات ثلاث شعب كما سنرى.
إرسال تعليق