٤٥- شكل جنة الخلد وجنات الدنيا وشكل الكون (34/39)
جاذبية الآخرة:
لا شك أن جاذبية الرتق الأبدي تحت الدرك الأسفل من النار هي التي تؤثر على مختلف طبقات الآخرة وما فيها ( وربما كما قلت سابقا يوجد أيضا رتق صغير في باطن كل روضة خاص بما عليها وأيضا في كل حفرة من حفر النار كما في كواكب الدنيا ). هذا إن لم يكن الله قد جعل جاذبية هناك دون رتق لكن كما قلت كل ما هو موجود في الدنيا موجود في الآخرة. وبما أن في الدنيا رتق ففي الآخرة أيضا والله أعلم. أما الكواكب في الدنيا فتسبح في أفلاكها لكيلا تسقط على مراكزها. أما في الجنة فالروضات ثابتة بأعمدة وجسور ومستقرة على أغصان شجرة الخلد. وذلك يمنعها من أن تسقط في اتجاه الرتق. وكذلك الشأن بحفر جهنم وهي مستقرة على أغصان شجرة الزقوم كما سنرى. وطبعا هذه الأعمدة ليست ضرورية لذلك. فالله قادر على تثبيتها فقط بأمره كن فيكون لكن جعل أنهار الآخرة تمر منها وتجري بفعل الجاذبية. أما المؤمن فبالنور الذي سيمنحه سيجذبه العرش إليه لأن جاذبية هذا اﻷخير تجذب كل من له نور من نور الله. وبالتالي سيتغلب على جاذبية الرتق الأبدي ويرتقي إلى الطبقة المخصصة له. أي لا يعرج الناس في الجنة إلا بقوة نورهم كمن يحفظ القرآن يقال له وهو في طبقة معينة من الجنة حسب إيمانه وأعماله: " اقرأ فارتق ". ولا يقدر أحد على تجاوز درجته تقصر به أعماله كما جاء في الحديث وﻷن العرش لم يعد يجذبه في تلك الدرجة. فنوره تحول إلى زيادة في حجمه. وقوة جاذبية " النار " ( وربما أيضا جاذبية روضة المعني بالأمر ) فيها تعادلت مع جاذبية العرش.
وكلما ارتقى الإنسان إلى درجته كلما دخل نوره في كيانه وازداد حجمه. فهو صراع بين النور الذي به يجذبه العرش إليه وجاذبية الرتق الذي في أسفل جهنم. والمرور على الصراط هو أيضا مرور على جاذبية النار. والمنافقون سيهوون منه إلى الدرك الأسفل بسرعة فائقة إذ ليس لهم أي نور ليقاوموا به سقوطهم داخل جهنم فيصطدمون بأرضها بألم شديد. أما أثناء نزول الناس في الجنة من طبقة إلى أخرى لزيارة من يحبون فحجوم أجسامهم ستنقص وكذا سرعتهم وسيزداد الفرق بين جاذبية العرش وجاذبية النار. وبالتالي لن يصطدموا بالروضات التي قصدوها لأنهم سينزلون وجاذبية العرش ماسكة بهم كأنهم ينزلون بالمظلات. إضافة إلى ذلك ليس لأجسامهم حواس للألم كما لأهل النار.
أما الملائكة الذين يحملون العرش فهم أقرب إليه من غيرهم. والعرش يجذبهم إليه وهم ماسكوه. ونورهم أعظم من نور الذين حوله. وكلهم الآن تحت كل الحجب وتحت الحجاب الأسفل ( أما كلما ابتعد الخلق كثيرا عن العرش في الاتجاه الأفقي كلما قل عدد الحجب فوق رؤوسهم. لذلك الذين حول العرش هم كلهم تحت الحجاب الأسفل خصوصا وحملة العرش تحته وهم أعظم منهم ). وهكذا نرى أن كل الخلق يخضع لجاذبية ما: جاذبية القطع الرتقية التي في قعر الكواكب أو المراكز. وجاذبية نور كل سماء من السماوات السبع بالنسبة لملائكتها حسب أنوارهم. وجاذبية المدرجات في جنة الخلد الخاصة بهم أيضا. وجاذبية الرتق الأبدي في أسفل الآخرة بالنسبة لأهلها غير الملائكة ( وبلا شك جاذبية الروضات أو الحفر عليهم أيضا ). وجاذبية نور العرش بالنسبة لكل من له نور من نور الله.
إرسال تعليق