U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

قصة الوجود - الصراط -0371

   

  ٤٤- الساعة (100/114)



٤٤ر- الصراط ( أنظر الرسم ٢٨ )

كل نوع محاسب من الجن أو من الإنس غير بني آدم سيسعى هو أيضا يوم القيامة في طريق خاص به منذ بعثه إلى أن يدخل الجنة أو النار. سيكون له ميزانه ودواوينه وأصحاب يمينه وأصحاب شماله. أما الصراط فلن يكون كما بينا سابقا إلا للمؤمنين من بني آدم وفيهم المنافقون. أما الجن فليس فيهم منافقون ولا يعنيهم. وأشدهم كفرا سيكون في أسفل الطبقة الثانوية العليا من الطبقة السابعة كإبليس لعنه الله. هذا قد يعني أيضا أن المنافقين من بني آدم لن يكونوا مقرونين بشياطين الدنيا في الدرك اﻷسفل من النار مثل باقي الكفار والله أعلم. سيهوون من الصراط لوحدهم. ويتبين هنا أنهم أخبث من أخبث الشياطين الذي هو إبليس. وسيكون مقعدهم قرب مصدر حر جهنم وحممه بجوار رتق اﻵخرة وجاذبيته الهائلة. ولا يوجد منافقون في الأنواع الأخرى من الإنس لأن الدرك الأسفل كما رأينا سابقا لن يكون إلا تحت بني آدم وهم تماما في الوسط مثله. وسيكون لكل نوع غيرهم قنطرة فوق جهنم خاصة به لا يمر منها إلا مؤمنوه. ولا أحد منهم سيسقط منها لأنها ليست كصراط بني آدم وإنما ممر فقط ليس فيه أي اختبار للإخلاص. أما أصحاب شماله فسيكون قد خسف بهم إلى أرض من الأرضين السفلية حسب جرائمهم وأيضا حسب موقعهم الآن في الحلقة الأرضية. ومنها سيساقون إلى أبواب جهنم وقد ذرأها الله لكثير من الجن والإنس. ستكون مرصادا لهم في طريقهم وهم يسعون إلى الأمام. وستكون مئابا فقط للطاغين. وقد يقصد بالكثرة هنا كما رأينا كثرة أنواعهم وليس فقط كثرة عدد الأفراد في نفس النوع. ورأينا أن ثلثي سكان الحلقة ارضية من الجن وانس الذين هم ان في يمينها وشمالها لن تكون جهنم في ممرهم ﻷن طولها لا يمتد إليه وسيتابعون مسيرتهم مباشرة إلى الجنة. وثلثا سكان الثلث الباقي سيمرون فقط فوق " طرفيها المسدودين " بلا شك. أي فوق ثلثها المسدود الذي عن اليمين ومثله الذي عن الشمال ( ففي هذين الثلثين من جهنم لا توجد حفر ولا مدرجات كما سنبين. وسنرى مصيرهما عند انزواء جهنم ). أما سكان الثلث اوسط الباقي من الجن والإنس فستكون جهنم لهم بالمرصاد ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا. وهؤلاء سيدخلونها من أبوابها الخلفية ( بعد أن يجتازها المؤمنون من فوقها كالمرور على الصراط بالنسبة لبني آدم كما يتبين من القرآن: " يوم نحشر المتقين إلى الرحمان وفدا (٨٥-١٩) ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا (٨٦-١٩) " وحشر المؤمنين هذا سيكون بعد الصراط ) ثم يحبسون جثيا فوق قناطرها كما كانوا جثيا حولها أيضا لتحديد دركتهم في الطبقة التي دخلوها على حسب جرائمهم ثم يلقون في حفرها. وهذه القناطر تحت الصراط. قال الحسن وقتادة في قوله﴿ إن جهنم كانت مرصادا ﴾ يعني لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز بالنار فإن كان معه جواز نجا وإلا احتبس »﴿ فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ﴾(١٨٥-٣). أما الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم ونجوا من الصراط فلا جواز لهم بعد بدخول الجنة. وسيحبسون فوق الأعراف إلى ما شاء الله بعد دخول أهل الجنة الجنة. والذين خلصوا من النار سيبعدون عنها﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾(١٠١-٢١). وإبعادهم سيكون بعد رفعهم فوقها ومرورهم على الصراط. فهم لن يخسف بهم كالكافرين إلى مستويات طبقاتها الساخنة. وسيبعدون بعد ذلك أفقيا إلى جهة الرحمان وفدا ثم عموديا عندما يرفعون إلى أبواب طبقات الجنة المخصصة لهم.

في حديث الصور« ثم يأذن الله لهم فيرفعون ويضرب الله الصراط بين ظهراني جهنم كحد الشفرة أو كحد السيف...الخ » ولن يمر منه إلا المؤمنون ثم المنافقون. قال ابن مسعود في قوله﴿ يسعى نورهم بين أيديهم ﴾ قال على قدر أعمالهم يمرون على الصراط منهم من نوره مثل الجبل ومنهم من نوره مثل النخلة ومنهم من نوره مثل الرجل القائم وأدناهم نورا من نوره في إبهامه يتقد مرة ويطفأ مرة »( رواه ابن أبي حاتم وابن جرير ) وقال الضحاك ليس أحد لا يعطى نورا يوم القيامة فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين. فلما رأى المؤمنون ذلك أشفقوا أن يطفأ نورهم كما طفئ نور المنافقين فقالوا ربنا أتمم لنا نورنا » وقال تعالى﴿ يهديهم ربهم بإيمانهم ﴾(٩-١٠) سواء في الدنيا أم في مواطن يوم القيامة حتى يدخلهم الجنة.

إن الصراط إذن لا يخص إلا المؤمنين من بني آدم وفيهم المنافقون. وسيكون بالتالي في الوسط تماما. وسيضربه الله بين ظهراني جهنم. ويدل ذلك على أنه ممر مؤقت » فهو كحد الشفرة أو كحد السيف عليه كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان دونه جسر دحض مزلة فيمرون كطرف العين أو كلمح البرق أو كمر الريح أو كجياد الخيل أو كجياد الركاب أو كجياد الرجال فناج سالم وناج مخدوش ومكدوس على وجهه في جهنم «( حديث الصور). قال الحافظ أبو يعلى في مسنده وعن أبى بن كعب رضي الله عنه قال: إن رسول الله قال» يعرفني الله تعالى نفسه يوم القيامة فأسجد سجدة يرضى بها عني ثم أمدحه مدحة يرضى بها عني ثم يأذن لي في الكلام ثم تمر أمتي على الصراط مضروب بين ظهراني جهنم فيمرون أسرع من الطرف والسهم وأسرع من أجود الخيل حتى يخرج الرجل منها يحبو وهي الأعمال، وجهنم تسأل المزيد حتى يضع فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط وأنا على الحوض « وفي حديث رواه الإمام أحمد عن عائشة أن النبي قال في حديث» ولجهنم جسر أرق من الشعر وأحد من السيف عليه كلاليب وحسك يأخذان من شاء الله، والناس عليه كالبرق وكالطرف وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب والملائكة يقولون : يا رب سلم سلم، فناج مسلم، ومخدوش مسلم، ومكور في النار على وجهه«. وأول الأمم مرورا عليه أمة محمد ثم أمم الرسل الأخرى ( وأمة كل رسول هنا هي كل الذين اتبعوه على شريعته ). في حديث طويل متفق عليه من حديث أبي هريرة:« ينصب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجيز بأمته من الرسل. ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل. ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم اللهم سلم ». أما أصحاب الشمال فسيدخلون جهنم من أبوابها.

والصراط بين ظهراني جهنم سيكون بالضبط بين قنطرتين. كيف ذلك ؟ إن الذين سيسقطون منه سيهوون إلى الدرك الأسفل من النار. وهذا الأخير يوجد في الأسفل والوسط. لذا لن يكون الصراط بين حافتي أو جداري جهنم ( فالمسافة بين هاذين الجدارين هائلة وتساوي عرض أعلى العالم البيني الذي فوق الأرض الثانية يوم الفناء، أي حين يكون للدنيا أكبر عرض ). فالناس سيسيرون بعد اجتياز جدارها الخلفي أولا فوق قنطرة خلفية طويلة حتى يصلوا إلى المكان الذي تحته عموديا الدرك الأسفل. وهنا سيرون الهاوية ليس فيها كممر إلا الصراط طوله كعرض الدرك الأسفل. وبعد اجتيازه سيضعون أقدامهم على قنطرة أمامية طولها كطول القنطرة الخلفية ثم بعدها سيمرون على الجدار الأمامي لجهنم ثم على أرض الآخرة. وبالحسابات ( تفاصيل حسابية ١٦ ) يتبين أن بين حافتي جهنم مسافة مقدارها ٦٦٥ , ١٢٦٢ مرة عرض الدرك الأسفل من الأمام إلى الخلف. وطول القنطرة الخلفية كطول القنطرة الأمامية ويساوي ٨٣٢ , ٦٣٠ مرة عرض الدرك الأسفل. وهاتان القنطرتان هما ظهرانا جهنم المذكوران في الحديث.

والصراط كحد الشفرة عليه كلاليب وخطاطيف وشوك كحسك السعدان. ولن يستنير الإنسان إلا بنور إيمانه وأعماله. والمقربون هم الأوائل وسيمرون عليه كطرف العين أو كالبرق. وآخر من سيمر وينجو أقل الناس نورا. يخرج منه يحبو. وهو الذي استوت حسناته وسيئاته. فمن ثقلت موازينه خرج سالما. ومن استوت حسناته وسيئاته نجا مخدوشا. أما المنافقون فسيمرون بعد المؤمنين. وسيهوون كلهم في النار: بعضهم في أول الصراط وبعضهم في وسطه وبعضهم في آخره حتى يظن أنه سينجو. وذلك لتوزيعهم على حفر الدرك الأسفل من النار والله أعلم. وجاء في الحديث أن تحت الصراط جسر دحض أي زلق وسنرى لماذا.

إن لجهنم قناطر بعضها فوق بعض. كل قنطرة أكبر طولا وعرضا من التي تحتها لأن كل طبقة أكبر من التي دونها. وجعل الله تحت الصراط قنطرة زلقة. وبما أنها في الأعلى فهي عريضة أكبر من اللاتي تحتها. وستمنع بالتالي أن يسقط المنافقون على القناطر السفلى. وجعلها سبحانه زلقة لكيلا يبقى هؤلاء فوقها بعد سقوطهم من الصراط. فسيزلقون ويهوون إلى الدرك الأسفل. ولن يتصدى لسقوطهم أي شيء آخر. أما القناطر التي تحت القنطرة تلك فليست زلقة وإنما ممرات لأصحاب الشمال بعد دخولهم من الأبواب الخلفية كما رأينا. ويعلم الله كم ستدوم رحلة المنافقين في الهاوية، أي من الصراط إلى الدرك الأسفل. وهي نفس المسافة بين مركز الدنيا والعالم البيني الذي تحت الأرض الأولى يوم الفناء. وهنا أيضا ستطوى المسافات وتقصر بأمر الله لأنها هائلة جدا. أما الذين دخلوا جهنم من أبوابها بعد أن تم الخسف بهم إلى الأرضين المستوية مع طبقاتها، ويعلم الله كم سيدوم الخسف بكل منهم، سيلقون من قناطرها إلى حفرها. أي سيهوون مرة أخرى إلى مستقراتهم الرهيبة. فمن خفت موازينه فأمه هاوية. 



   



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة