٤٤- الساعة (92/114)
الحشر الثالث للكفار على وجوههم عميا وصما وبكما عند انطلاقهم إلى الأمام مرة أخرى:
بعد إتمام حساب الكفار سينتظرون عميا في صفوفهم حتى يبعث الله ظلمة ويقسم النور على المؤمنين. ثم على الكل أن ينطلقوا إلى جهنم ليقتربوا منها أكثر. أما المؤمنون فسيسعون في اتجاهها وراء نورهم. أما انطلاق الكفار تحتهم فسيكون أثناءه حشر آخر لكي ينقسموا إلى سبعة أجزاء كل جزء سيكون في نفس الطبقة من جهنم. الأشد كفرا هم الأوائل الذين سيتقدمون. أما الموحدون العاصون فسيكونون خلف الكل. ما بين كل جزء والذي يليه ستصبح مسافة معينة لتمييزهما. وسيحشرون إلى جهنم أي في اتجاهها على وجوههم عميا وبكما وصما. أي سيفقدون أيضا السمع والتكلم. فإذا كان المؤمنون سيؤتون بعض نورهم في أيمانهم كأول أجر لهم ليرشدهم في الظلمة التي سيبعثها الله فالكفار لا نور لهم. بل سيسلب الله منهم في ذلك الوقت كل حواسهم لكيلا يستعينوا بها أثناء مسيرتهم وسيوثقون فجأة بالوثاق. وذلك هو بعض جزائهم في ذلك الموطن. وبما أن أقدامهم مقيدة حينها فسيحشرون على وجوههم ( وهي جهة أجسادهم التي من أمامهم وليس فقط وجوههم التي في رؤوسهم. أي ستجرهم الملائكة مستلقين على جهتهم الأمامية ) ويعذبون بأمر الله كن فيكون﴿ فيومئذ لا يعذبه عذابه أحد (٢٥-٨٩) ولا يوثق وثاقه أحد ﴾(٢٦-٨٩). أي لا أحد سيتكلف بذلك إلا أمر الله. قال تعالى أيضا في هذا المقام﴿ الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم ... ﴾(۳٤-۲٥) ﴿ ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما ﴾(٩٧-۱٧) وربما سيعميهم الله في ذلك المقام لكيلا يروا بأنوار الملائكة الذين سيظلون معهم يسوقونهم. فالسائق والشهيد مثلا لن يفارقا صاحبهما حتى يلقياه في حفرته في جهنم. أما المؤمنون فلن يظل معهم ملائكة حين يبعث الله ظلمة. والسائق والشهيد سيغادران صاحبهما المؤمن مباشرة بعد مروره من الديوان اليسير لأن مهمتهما قد انتهت. ولن يبصر المؤمنون بعد ذلك إلا بنور أعمالهم وإيمانهم الذي سيمنحهم في ذلك الديوان.
أما المنافقون فلن يفقدوا أبصارهم كالكفار الذين ليسوا منافقين. وقولهم للمؤمنين ﴿انظرونا نقتبس من نوركم ﴾(١٣-٥٧) يؤكد ذلك. وربما سيؤتون نورا زائفا يزول عند اقترابهم من جهنم. وإن منحهم ففقط ليتمكنوا من السير في اتجاهها. ولن يكون معهم ملائكة ليقتبسوا من نورهم. وعندما يقتربون من موقفهم سيسلب منهم ذلك النور وسيطلبونه كما سنرى دون جدوى من المؤمنين الذين سيسبقونهم إلى موقف الصراط. وسيصبحون قبله كالعمي في ظلمة شديدة. أما نور المؤمن فلن يراه إلا هو ( والنبي ﷺ سيعرف المؤمنين بنورهم يسعى بين أيديهم ).
وفي ختام مسيرة وحشر الكافرين ستكون خلف جهنم سبعة أجزاء من الكفار والظالمين. كل جزء في موقفه لوحده وراء الذي يليه. وسيظلون هناك في العذاب الشديد حتى يحين وقت الخسف. ولن يخسف بهم حتى ينتهي تعذيبهم في ذلك الموقف وتعذيب المنافقين أيضا فوقهم. ولن ينتهي تعذيب المنافقين حتى يحين المرور على الصراط.
إرسال تعليق