٤٤- الساعة (83/114)
٥- أصناف الناس أمام الميزان والحساب:
١- المؤمنون المتقون:
ستكون موازين المتقين ثقيلة بإيمانهم وبصلاتهم وصيامهم وزكاتهم وحجهم وإطاعة الله وسائر أعمالهم خالصة لوجه الرحمان. ذلك سيجعلهم من الخالدين في الجنة.
٢- المنافقون:
المنافقون سيخدعهم الله كما خدعوه لقوله﴿ إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ﴾(١٤٢-٤). فعندما يوزن "إيمانهم" الكاذب ستخف موازينهم بكفرهم ونفاقهم إلا أنهم سيدعون الإيمان ويحلفون لأنهم كانوا يصلون ويزكون ويحجون لقوله تعالى﴿ فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ﴾(١٨-٥٨). وبقسمهم هذا سيتركهم الله خدعة منه مع أصحاب اليمين إلى حين تقسيم النور بعد ذهاب أصحاب الشمال إلى جهنم. خصوصا والأشهاد لا يعلمون ما في نفوس الناس. لا يعلمون إن كانت صلاة المنافق وسائر أعماله لوجه الله أم لا. فلا يقدرون أن يشهدوا ضده في الديوان الأول الذي لا يقضي الله فيه إلا بحضور شهود مع أن شهادته كافية. لذلك جعل الله بعد هذا الديوان ديوانا آخر للإخلاص حيث سيقسم النور على قدر الإيمان والأعمال التي كانت فعلا لوجهه سبحانه. وبه سيتجاوز المؤمنون الصراط. وما جعل إلا للتمييز بين المخلصين والمنافقين. وفي ديوان الحساب سيبين الله لهم نفاقهم. ولن ينفعهم قسمهم وكذبهم في الديوان الثاني لأن أمرهم سيحسم عند تقسيم النور وضرب السور بينهم وبين المؤمنين. ثم يهوون إلى الدرك الأسفل من النار عند مرورهم على الصراط.
٣- الكافرون غير المنافقين:
أما الكافر غير المنافق فسيعترف بكفره أمام الميزان. وإن أنكر شهد عليه شهيد من الملائكة ومن الناس لأنه لم يصلي ولم يتصدق ...الخ. وبالتالي ستخف موازينه بكفره ولو جاء بحسنات الدنيا كلها. ثم يؤتى كتابه بشماله حاملا وزر كفره. ولا وزر أثقل منه إضافة إلى سيئاته الأخرى. قال تعالى عن الذي أعرض عنه﴿ من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا (١٠٠-٢٠) خالدين فيه ﴾(١٠١-٢٠)
٤- الموحدون العصاة:
الموحدون العصاة يوحدون الله لكن سيئاتهم أكثر من حسناتهم لتركهم فرضا من فرائض الإسلام أو لتعاطيهم كبيرة من الكبائر. ولحسن حظهم بطاقة لا إله إلا الله ثقيلة في الميزان. جاء في الرواية أن النبي ﷺ قال إنه لا يثقل شيء مع بسم الله الرحمن الرحيم ( رواها أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص ). وكل من قال لا إله إلا الله وشهد بها شهادة خالصة من قلبه خرج من النار بشفاعة الشافعين أو برحمة الله إن دخل النار. بالتالي لن تخف موازين هؤلاء وسينجون من الخلود الأبدي في جهنم. فمن خفت موازينه خلد فيها لكن سيؤتون كتبهم بشمالهم ( ولا يمكن أن يؤتوها باليمين لأن من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا ) وسيمضون مع أصحاب الشمال. ثم يمكثون في جهنم زمنا حسب درجة عصيانهم. والموحدون العصاة درجات. وفي نفس العصيان أفضلهم الذين من أمة محمد ﷺ. وسيدخلهم الله الطبقة الأولى أي العليا من جهنم كما جاء في بعض الروايات.
٥- الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم من المؤمنين:
هؤلاء سيتركهم الله مع أصحاب اليمين لكن خلفهم. وهم آخر من سيقضى فيهم. وهذا يدل أيضا على أن الحساب سيكون في ديوان آخر بعد الميزان. ولن يحملوا أي شيء بعده. ولن تكون لديهم حسنات وقتها إلا الإيمان بربهم. وهم أصناف كما سنرى. وسيكونون فوق الأعراف بعد المرور على الصراط. فبعد أن قرأوا صحفهم المنشورة في مختلف المواقف التي مروا منها لا شك أنهم لن يؤتوا كتبهم مجموعة لا في الديوان الأول ولا أيضا في الديوان الثاني لكون أمرهم لم يحسم بعد. لكن سيؤتون نورهم الضعيف الذي يتقد مرة وينطفئ مرة ثم يرجئهم الله إلى حين حتى يمروا على الصراط لاختبار إخلاصهم وينتظروا حكمه فيهم وهم فوق الأعراف.
٤٤خ٦ت- خلاصة:
في نهاية الديوان الأول فوق أرض المحشر من خفت موازينه تسلم كتابه بشماله ليكون من أصحاب الشمال خالدا في النار وسيئاته أكثر من حسناته. ومن كان منهم منافقا أبقي مؤقتا مع أصحاب اليمين ليمر على الصراط ويهوي إلى النار. ومن ثقلت موازينه تسلم كتابه باليمين وكان من أصحاب اليمين. ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته دون أن تخف موازينه لأن في قلبه قسط من الإيمان تسلم كتابه بشماله وكان من أصحاب الشمال دون أن يخلد في النار. وهذا شأن الموحدين العاصين. ومن استوت حسناته وسيئاته سيبقى دائما خلف أصحاب اليمين حتى يبلغ مكان الأعراف ينتظر حكم الله فيه.
أما من كان من أصحاب الشمال فسيدخل جهنم من أبوابها. فإن كان كافرا أو مشركا فلن يخرج منها أبدا. أما إن كان موحدا وهو في النار فلن يخلد فيها إلى الأبد. وسيظل فيها ليتطهر من ذنوبه إلى ما شاء الله. أما المنافقون فلن يدخلوا جهنم من أبوابها بل سيسقطون فيها من فوقها أثناء مرورهم على الصراط.
إرسال تعليق