٤٤- الساعة (63/114)
٤٤ج١٣- القضاء بين الوحوش والبهائم:
سيبدأ الله بالقضاء بين كل الخلق إلا الجن والإنس. جاء في حديث الصور» حتى إنه ليقضي للجماء من ذات القرن. فإذا فرغ من ذلك فلم تبق تبعة عند واحدة للأخرى قال الله لها كوني ترابا. فعند ذلك يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا «. وعن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال » يقتص للخلق بعضهم من بعض حتى للجماء من القرناء، وحتى للذرة من الذرة «.
بعد بعث الحيوانات في القسم الأول من أرض المحشر سيتم حشرها هي أيضا لقوله تعالى﴿ وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ﴾(٣٨-٦). والكائنات الحية البحرية هي من دواب البحر وبعضها يدب أيضا فوق اليابسة وتدخل تغليبا في دواب كل الأرض ولا بد من إحضارها يوم القيامة ليتم القصاص بينها. وستحشر على أرض المحشر دون بحار وﻻ أنهار. فبعد بعث الحيوانات ستنصرف في طريق خاص بها إلى منطقة الحشر العام في القسم الثاني من أرض المحشر حيث ستكون بلا شك في صفوف بجانب الإنس الذين كانوا معها في نفس الكوكب ونفس القطر. روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما: « يجمع الله تعالى الخلق يوم القيامة في صعيد واحد الجن والإنس والبهائم والسباع والطير وجميع الخلق .... ». فما بين كل صفين من صفوف أنواع الجن والإنس صف من الحيوانات. أما دنو الشمس من العباد فلن يضر بها لأن لن يعذب بها إلا المذنبون. وبعد القضاء بينها ستعود ترابا وتصبح فراغات مكانها. مجموع هذه الفراغات ستساوي مساحته على الأكثر كما رأينا ثلث مساحة أعلى العالم البيني اﻷول. والثلثان اﻵخران سيعمرهما الجن واﻹنس من اليمين إلى الشمال باستثناء الفراغات التي وراء وبين صفوفهم والله أعلم.
إن الله سبحانه رب العالمين. الملك الديان والحكم العدل في كل شيء. فلا يجب أن يقع في الوجود ظلم أو اعتداء دون أن ترد الحقوق إلى أصحابها إما في الدنيا أو في الآخرة. فأعلم الله كل خلق بحدوده الطبيعية. لذلك سيقضي بين الحيوانات أيضا يوم القيامة. وإلا فما الداعي لحشرها يومئذ ؟ وبعد القضاء ستعود ترابا. وهذا يعني أنها لا تؤجر. فلن تدخل الجنة ولا النار. ولن يأخذ الأجر إلا من فاز ممن أعطاهم الله حرية الاختيار بين الكفر والإيمان وبين الطاعة والمعصية ككثير من الجن والإنس ومن تكرم الله عليهم كالأنواع المؤمنة. أما الحيوانات فتعبد الله دون اختيار كالجمادات. وإن من شيء إلا يسبح بحمده. لذا سيقضي الله بينها في ديوان خاص بها ليس بعده جنة ولا نار حتى لا تبقى تبعة عند واحدة للأخرى.
أما المحاسبون من الجن والإنس فسيمرون من دواوين مختلفة بعد ديوان المظالم التي كانت بينهم ليحاسبوا على إيمانهم وأعمالهم. ولولا الحرية التي منحنا الله في مجال الإيمان لما انتقلنا إلى تلك الدواوين. لكن نذكر هنا وجود أنواع مؤمنة من الجن واﻹنس ستؤجر فقط على درجة إيمانها وأعمالها ولا تدخل النار كما رأينا سابقا.
أما الجمادات فهي خاضعة لأمر الله لا تتنعم وليست لها حرية في مجال الدين. بالتالي لا قضاء بينها لأن قوانينها من الله. فالرياح وما تفعله والبحار وكل ما يحدث فيها من فعله ووحيه ... والنباتات رغم أنها من الأحياء تدخل في هذا الصنف ولا حساب عليها. ولن تبعث فوق الأرض المبدلة التي لن ترى فيها عوجا ولا أمتا ولا شجرا ولا وديانا ... الخ. وكل شجرة ماتت فقد ماتت إلى الأبد.
أما الملائكة فهم من جنود الله العقلاء يعلمون بوجوده ويؤمنون بالبعث. وليست لهم حرية الاختيار في مجال الإيمان ولا يتنعمون كالجن والإنس. ولا قضاء بينهم. وملائكة الدنيا سيدخلون الجنة لا ليتنعموا فيها كالإنس والجن وإنما ليقيموا فيها كما كانوا في السماوات.
إرسال تعليق