٤٤- الساعة (60/114)
∙ نزول الكروبيين:
الذين حول العرش هم أشراف الملائكة لكن أصغر حجما وطولا من حملة العرش. ما بين أخمص قدم أحدهم إلى محسه مسيرة ثلاثة آلاف سنة ( وقد رأينا أن طولهم هذا لا يمكن أن يكون صحيحا إن كان عددهم ضعف أو ثمانية أضعاف الذين في جوف الكرسي من الملائكة والجن والإنس. لكن ربما يمكن الاحتفاظ بأن جهنم فعلا محسهم لأن ذلك تدقيق غير عادي في الرواية لا يخطر على بال والله أعلم ). ولهم قرون كأكعب القنا كما جاء في الحديث الذي رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس» وينزل ربنا عز وجل في ظلل من الغمام وحوله الكروبيون وهم أكثر من أهل السماوات السبع ومن الجن والإنس وجميع الخلق. لهم قرون كأكعب القنا وهم تحت العرش لهم زجل بالتسبيح والتهليل والتقديس لله عز وجل ما بين أخمص قدم أحدهم إلى كعبه مسيرة خمسمائة عام وما بين كعبه إلى ركبتيه مسيرة خمسمائة عام وما بين ركبتيه إلى حجزته مسيرة خمسمائة عام وما بين حجزته إلى ترقوته مسيرة خمسمائة عام وما بين ترقوته إلى موضع القرط مسيرة خمسمائة عام وما فوق ذلك مسيرة خمسمائة عام وجهنم محسه » وفي رواية " جهنم مجنبته ".
وبعد هبوط العرش مع حملته إلى مستوى معين سينزل الذين حوله ليكونوا عن يمين أرض المحشر المستطيلة وعن شمالها. وأقدامهم في الهواء وهم تحت العرش كما في الحديث السابق ليقتربوا أكثر من أهل الدنيا. وجهنم محسهم أي مستوى أدناها مباشرة فوق مستوى رؤوسهم. أما أفقيا فهي دائما في الوسط تحت جنة الخلد التي تحت وسط العرش. ولا يجوز أن يحيطوا باﻷرض المبدلة من كل جهة لكيلا يكون بعضهم بأجسامهم الضخمة أمام الجن والإنس وملائكة الدنيا لأن الله هو من سيكون وحده أمام الكل. وهو سبحانه سينزل وقت نزولهم إلا أنه سيتجه وحده إلى الأمام على بعد عن العرش ليس وراءه ولا بجانبه أحد. وبعد الحساب قال تعالى عنهم ﴿ وترى الملائكة حافين من حول العرش ﴾(٧٥-٣٩). أي بعد ارتفاع الله سيعودون إلى مواقعهم من حول العرش الذي سيكون منفصلا عنهم سواء أفقيا أم عموديا كما هو الآن. أفقيا لأن حملة العرش بأجسامهم الضخمة سيكونون بينه وبينهم. وعموديا لأنهم دائما تحت مستواه لا تتعدى قمة رؤوسهم الرسم الأفقي الذي فيه مستوى أدنى جهنم كما جاء في الرواية. وأيضا الحديث الذي فيه أن ليس فوق روضة الوسيلة في الجنة إلا الملائكة الذين يحملون العرش لا ينفي ذلك والله أعلم.
حملة العرش:
هؤلاء أكبر حجما وطولا من الذين حول العرش ومن كل الملائكة. وسينزلون أيضا يوم القيامة مع هبوط العرش إلا أنهم لن يغادروا أماكنهم منه وسيظلون حامليه. قال تعالى﴿ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ﴾(١٧-٦٩). وسيهبطون به إلى أن تصل أقدامهم مرة أخرى إلى تخوم الأرض السابعة، أي إلى المستوى الذي ستكون فيه تلك الأرض وهي ممدودة يومئذ ( أذكر أن السماوات والأرضين يوم الفناء سيدحوهما الله إلى الأسفل ليخرجهما من الكرسي من فتحته السفلى. بالتالي ستبتعدان أكثر مما كانتا عن العرش بمسافة لا تقل عن غلظ الكرسي من أسفله إلى أعلاه ). وهم لا يحتاجون إلى مستقرات. وستكون الأرض والسماوات إلى حجزهم كما جاء في حديث الصور. ولهم زجل من تسبيحهم أيضا كما ذكر في نفس الحديث » حتى ينزل الجبار عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة ولهم زجل من تسبيحهم ( سبحان ذي الملك والملكوت. سبحان ذي العزة والجبروت. سبحان الحي الذي لا يموت. سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت. سبوح قدوس، رب الملائكة والروح، سبوح قدوس، سبحان ربنا الأعلى، سبحان ذي السلطان والعظمة سبحانه سبحانه أبدا أبدا) «.
< بعد استقرار كل الخلق في أماكنهم سيكون ما تحت العرش مليئا بهم باستثناء بعض المناطق خصوصا كاﻷماكن الأمامية فوق أرض المحشر التي ستتقدم إليها خلائق الدنيا شيئا فشيئا. فهؤلاء سيكونون أولا في منطقة الحشر العام في الخلف. أما الذين حول العرش فسيكونون يومئذ تحت جوانبه عن يمين أرض المحشر وعن شمالها. وسيرى الناس هذا العدد الهائل من الملائكة كما قال تعالى للكفار﴿ فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا ﴾(٢٤-٧٢)﴿ فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ﴾(٧٥-١٩). وعندما يرتفع جل وعلا فوق عرشه بعد الحساب سيرتفع الكل إلى مكانه باستثناء أهل النار الذين سيخسف بهم إلى الأرضين السفلى. وستمد أجسام المؤمنين حسب أنوارهم.
إرسال تعليق