٤٤- الساعة (51/114)
٤٤ج٥- الانتظار ودنو الشمس
أخرج الإمام أحمد حديثا عن ابن الأسود الكندي قال سمعت رسول الله ﷺ يقول« إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو ميلين. قال فتصهرهم الشمس فيكونون في العرق كقدر أعمالهم ومنهم من يأخذه إلى عقبيه ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه ومنهم من يأخذه إلى حقويه ومنهم من يلجمه إلجاما » ولا شك أنها أكبر وأعظم من شمسنا هذه التي في الدنيا. وسيزاد في حرها كما جاء في بعض الأحاديث وسيقع على منطقة الحشر العام ( وليس على كل الأرض المبدلة ) حيث سيكون الجن والإنس ( أي في القسم الثاني من أرض المحشر الذي فوقه ستنشق السماوات السبع ). وجاء في حديث أبي هريرة في شفاعة النبي ﷺ لأهل المحشر:« تدنو الشمس من رؤوس الخلائق فيشتدّ عليهم حرها فيقولون: لو استشفعنا إلى ربّنا حتى يريحنا من مكاننا » وعن سليمان الأعمش عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة وقيس بن سكن قالا قال عبد الله وهو يحدّث عمر قال: وجعل عمر يقول: ويحك يا كعب، ألا تسمع ما يقول عبد الله ؟ « إذا حشر الناس على أرجلهم أربعين عاما شاخصة أبصارهم إلى السماء لا يكلمهم بشر والشمس على رؤوسهم حتى يلجمهم العرق » والحشر على الأرجل يعني أنهم سيكونون قائمين على أرجلهم ليس لكل واحد منهم إلا موضع قدميه.
يتبين من هذه الروايات توقيت دنو الشمس من العباد مباشرة بعد حشرهم في القسم الثاني من أرض المحشر ( أي بعد بعثهم ومشيهم وتوقفهم فيه ). وبالتالي ستدنو قبل انشقاق السماوات ونزول الملائكة. ولن يبدأ دنوها حتى يجتمع الكل تحتها ( فالناس سيخرجون من قبورهم قاصدين بالرغم عنهم ذلك المكان ). ثم يستنجدون بالنبي ﷺ ليشفع لهم عند الله لكي يأتي لفصل القضاء بعد أن يشتد عليهم حر الشمس سنين عديدة.
مباشرة بعد بعث الناس في القسم الأول من أرض المحشر والسماء تطش عليهم سيذهبون مشاة إلى القسم الثاني من تلك الأرض تابعين صوت الداعي ليقفوا هناك في انتظار حسابهم. ولا شك أن في سماء هذا الموقف سيرون في الأعلى شمسا بعيدة عنهم وبضوئها يبصرون هناك. ثم يقفون مزدحمين ليس لكل واحد منهم إلا موضع قدميه. ومع مرور " السنين " سيلاحظون أن الشمس تدنو منهم شيئا فشيئا ويزداد حرها وهم يعرقون على قدر إيمانهم وأعمالهم ويبكون حتى تنقطع دموعهم فيبكون دما كما جاء في حديث الصور والشمس دانية عليهم أكثر فأكثر حتى تكون قدر ميل أو ميلين منهم ويلجم بعضهم العرق إلجاما. حينها عندما ترفع بصرك إلى السماء سترى أنها أصبحت كلها شمسا لقرب هذه الأخيرة من الناس. ولن تحرق العباد كما هو معلوم في الدنيا. فرغم قربها منهم فمنهم من يأخذه العرق فقط إلى عقبيه ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه ... الخ. أي سيحسون بالحر على قدر سيئاتهم بل منهم من سيظله الله بظله كما جاء في حديث أخرجه الطبراني» من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله فلييسر على معسر أو ليضع عنه « وحديث في الصحيحين« سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله » يذكر أصنافا أخرى من المحظوظين. أي سيبعث الله ظلا بقوله كن فيكون فوق من يشاء من عباده. وهذا النوع من الظل الرباني هو الوحيد يومئذ الذي يقي من حر هذه الشمس الدانية. فاللهم اجعلنا ممن تظلهم يومئذ.
سيقف الناس في هذا الموقف قبل انشقاق السماوات ونزول الملائكة أربعين سنة وقيل سبعين وقيل أكثر والله أعلم. وسيستنجدون بالأنبياء. ولا أحد منهم له القدرة يومئذ على فعل شيء إلا خاتمهم ﷺ. سيذهب في اتجاه الفحص ليشفع لهم عند الله ليأتي لفصل القضاء ثم يرجع فيقف معهم. ثم بعد ذلك تنشق السماوات وينزل أهلها.
إرسال تعليق