٤٣ج- عصيان إبليس:
إن إبليس من الجن لقوله تعالى﴿ إلا إبليس كان من الجن ﴾(٥٠-١٨). وخلق قبل الإنسان بزمن. وكان في جنة المأوى تشريفا له ربما لأن ذريته قدرت هي أيضا لتكون كما رأينا في أعظم مقام وأعظم ابتلاء في الحلقة الأرضية مع بني آدم. ولما عصى ربه طرده منها ( فصل الجن ٤٩ - ١٠-١١ ). وكل من يطرد منها يطرد من كل السماوات وجناتها وينزل إلى الأرض وتضعف بنيته وينقص من طوله وعمره. بل إبليس ربما أنزل إلى الأرض السابعة الصغيرة وأصبح صغيرا مذلولا كما قال سبحانه ﴿ فاخرج إنك من الصاغرين ﴾(١٣-٧). وجاء في رواية الحاكم وصححه أنه في تلك اﻷرض. وسأل الله أن ينظره فتركه إلى حين قيام ساعة الفناء.
لقد أمر الله إبليس بالسجود لآدم لقوله﴿ ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ﴾(١٢-٧) لكنه أبى وتكبر. وعصيانه كان طبعا في علم الله الأزلي. لذلك ابتلاه بما لا يحب ليخرجه من الجنة. فلا يحق لخبيث أو عاص أن يقيم فيها. وابتلي آدم هو أيضا ( بالشجرة ). فأقام الله الحجة عليهما وابتلاهما بما في طاقتهما لقوله تعالى﴿ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ﴾ (٢٨٦-٢). وربما لا يبتلى في الجنة إلا الذي سيخرج منها لعلم الله به. والتوبة بعد العصيان لا تجعل صاحبها يظل فيها أو يرجع إليها حيا قبل موته. ومعصية آدم ظهرت بوجود إبليس. وربما لولاه لما أكل من الشجرة ولظلت معصيته باطنة في نفسه إلا إن شاء الله أن يظهرها له بطريقة أخرى. ثم تاب وأصبح طاهرا كمن لا ذنب له. وكان الله يعلم بتوبته. ولولاها لما أسجد الملائكة له. أما إبليس فلم يكتف بالتكبر والعصيان بل تحدى الله سبحانه بأن يغوي بني آدم. وأعلن أمامه فعل الشر والعمل على انتشاره في الأرض رغم أن الله لا يحب ذلك. فمسخه إلى شيطان ولعنه إلى يوم الدين فنزعت منه صفة التوبة إلى الأبد.
إرسال تعليق