٣٤- خلق السماوات والأرض (34/50)
٣٤ج٦ت- خلق سدرة المنتهى وجنة المأوى:
كل ما يعني سدرة المنتهى وجنة المأوى ينطبق أيضا على سدرات السماوات كلها وجناتها بل قد تكون تلك السدرات كلها سدرة واحدة والجنات أيضا جنة واحدة بدرجات بعضها فوق بعض.
إن إتيان الأرض والسماء إلى الله قوة توسعية عظيمة غلبت تدريجيا قوة دوران المجرات حول المركز العظيم. فأتى يوم لم تعد تلك المجرات تدور حوله ولا الدخان الذي كان يحيط بها. وهذا اليوم صادف الذي استقرت فيه كل مجرة في حقلها أي في خط مسيرتها داخل الحلقة الأرضية. فأصبحت مجرات عن اليمين لا تغادر اليمين ومجرات عن الشمال لا تغادر الشمال ومجرات في الأعلى لا تغادر الأعلى ... الخ. وظلن فقط يبتعدن عن المركز العظيم في خطوط مستقيمة. والسماوات السقوف كانت دخانا قبل ذلك ثم تجزأ إلى سبعة مستويات بقوة الإتيان. ولما هيمنت هذه القوة ولم يعد الدخان يدور خلق الله السقوف منه تحت أنوار محددة. بعد ذلك خلق سدرة المنتهى في السماء السابعة، تماما في وسط أعلاها. وجعلها مرتبطة بها. فهي ترتفع بارتفاعها. وكذلك الأمر بكل سدرات السماوات الأخرى إن لم تكن كل هؤلاء كما قلت سدرة واحدة والله أعلم. وكان لا بد قبل خلقها هي أيضا من استقرار السماء السابعة وتصلبها. فكيف يمكن خلقها والسماء ما زالت دخانا يدور حول المركز خصوصا ويجب أن تخلق أغصانها التي في أطرافها تحت نور الطبقة العليا من الكرسي وأغصانها الوسطى تحت نور جوانب العرش مباشرة ؟ أما جنة المأوى الدنيوية فخلقت حولها في نفس الوقت وأخذت كثيرا من أغصانها.
وهكذا يتبين الترتيب الزمني لعمليات خلق السماوات والأرض وسدرة المنتهى وجنة المأوى الدنيوية. ونفهم أيضا أن إذ ذاك لم يكن ملائكة في الدنيا لأن مستقراتهم لم تكن موجودة بعد. ثم بعد ذلك استوى الرحمان على العرش وخلق من هناك جنة الخلد. وذلك بعد أن خلق الحملة ورفعوا عرشه عن الحلقة المائية التي بقيت من الماء الأول. فخلقت هذه الجنة في أنوار الشجرة النورانية كما رأينا. والدليل الغير مباشر على أنها لم تخلق إلا بعد خلق السماوات والأرض هو قوله تعالى﴿ وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ﴾(٧-١١) فكان العرش على الماء في الزمن الذي كان الله يخلق السماوات السبع. ولم تكن إذ ذاك جنة تحته مباشرة. وبالتالي خلقت حديثا وفي زمن قصير بعد خلق الدنيا الذي استغرق زمنا أطول. وهذه الجنة لا علاقة لها بالأيام الستة ولم تخلق أطوارا ولا تتطور إلى الفناء ولا تتوسع ولا ترتفع. فهي جنة الخلد، خلقت على هيأتها الأبدية. وهي عالم مستقل تماما عن العالم الدنيوي السماوي والأرضي. وخلقت تحت نور العرش الكامل بدون حجب فوقه باستثناء رداء الكبرياء.
إرسال تعليق