٣٤- خلق السماوات والأرض (2/50)
٣٤ب- الرتق وعملية الفتق ودوران الضغط ودوران التفكك:
إن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقهما الله. وهذه أول مرحلة ذكرت في القرآن عن خلق السماوات السبع وليست آية الدخان كما قيل ( فالأرض كانت قد خلقت لما استوى الله إلى السماء وهي دخان. وسنرى التفاصيل ).
٣٤ب١- خلق الرتق:
إن أصل المادة الدنيوية كلها من " رتق " أي من المصدر الذي ظهرت منه السماوات والأرض. وهو ليس كالمادة التي نعرفها والتي هي عند علماء الذرة تتركب من إلكترونات تدور حول بروتونات وبين مكوناتها فراغات كبيرة بالنسبة لحجمها بل ويوجد فراغ أيضا في داخل جزيئاتها. أما الرتق فليس فيه إلكترونات ولا بروتونات ولا دوران لكن في مكوناته فراغ قليل ضروري لوجودها. فكما رأينا لا يوجد مخلوق ليس فيه فراغ لأن نور الله منتشر في كل الكون وفي قلب كل الأشياء وفي كل الوجود إلى ما لا نهاية. وبدون فراغ ينعدم المخلوق لأنه هو الحامل لنور الله الذي به يكون الخلق. والرتق الأول كانت إذن أجزاؤه ملتصقة بعضها بعضا وليس في داخل مكوناته إلا الكمية الأدنى من الفراغ المملوء بأضعف أنوار الله لأنه خلق في مركز الكرسي الذي هو أبعد مكان عنه في جوفه. والذي يجعل الرتق رتقا هو التصاق أجزائه دون دوران وأيضا دون أعمدة بينها. أما بعدما فتق فالفراغ الذي في قلب مكوناته قد يكون كبيرا أو صغيرا حسب موقعها في نور الله. ونضيف هنا للمقارنة أن العرش والكرسي أيضا ليس فيهما دوران لمكوناتهما وإنما هي ملتصقة فيما بينها بأمر الله. ولهما بالتالي نفس الصفة التي للرتق فيجذبان كل شيء حسب مقدار نوره وبعده عنهما. والعرش يجذب إليه حملته ومن حوله كما يجذب من في جنة الخلد حسب أنوارهم. أما المادة فيها وفي جهنم فليس في مكوناتها وذراتها دوران وإنما هي ملتصقة فيما بينها بأعمدة. وكذلك بين الروضات وبين الحفر لكيلا يجذبها رتق الآخرة أو العرش والله أعلم.
وجعل الله للرتق جاذبية عظيمة بين أجزائه. وكل جاذبيات الدنيا منها. وعلماء الفلك يتحدثون حاليا عن ثقوب سوداء لا يعلمون بالضبط أسرارها. فيتعلق الأمر دون شك بهذه الأجزاء وهي ليست ثقوبا. وتسميتها كذلك غير صحيحة. أما الإلكترونات والبروتونات فصدرت عن أجزاء رتقية صغيرة ومكونة هي الأخرى من أجزاء رتقية أصغر منها. والأجزاء الرتقية هي التي ليس فيها دوران لجزيئاتها. وفي قعر كل الكواكب والشموس وكل الذرات وكل المراكز قطع رتقية على قدر حجمها كالرتق الأول الأعظم إلا أنها تحتوي نسبيا على فراغات أكبر من التي كانت في ذلك الرتق الأول لأنها ابتعدت منذ بداية الكون عن مركز الكرسي وانتفخت بنور الله المتزايد ( ويتبين هنا أن الرتق يظل رتقا حتى وإن ازداد فيه الفراغ طالما ليس فيه دوران لمكوناته ). ومن صفاتها أيضا أنها لا تتأثر بالحرارة الحممية البالغة ولا تحترق. وما المادة في عالمنا إلا مشتقات من أجزاء رتقية مركبة تركيبا ربانيا بأشكال معينة يدور بعضها حول بعض بأمر الله. وهذا الدوران الرباني يمنعها من أن تعود رتقا قبل أن يأمر الله بذلك.
إرسال تعليق