U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

قصة الوجود - الله نور السماوات والأرض -0180

   

٣٣- الله نور السماوات والأرض



 

قال تعالى﴿ الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم ﴾(٣٥-٢٤) أنظر كتاب تصنيف وتفسير آيات وفصول القرآن العظيم - فصل الله النور ١(٤٣)١

 

٣٣أ- الله نور الوجود. من ذاته الكريمة ينبثق النور الأعظم الأزلي الأبدي، أحسن الأنوار الذي لا نظير له. لا يزداد ولا ينقص. والفراغ أو الفضاء أو الهواء هو الحامل له. ولا يمكن أن نفرق بين نور الله وفضاء الله لأن لا يمكن أبدا لفراغ أن يكون موجودا إلا وفيه نور الله أو جزء منه. وبما أن الله لا بداية له فالفراغ المستنير كان دائما ولا حد له. ونوره دون حجب أو دون عرش ... لا ينقص مع طول المسافة. وإن خرج قسط منه من جسم مخلوق كما يحدث للأبدان التي تنزل من السماء في نور الله لنقص حجمه بتقلص الفراغ الذي فيه. وإن خرج كله لانعدم الجسم وبقي نور الله. وإن خرج من كل الكون لانعدم الكون وظل الفضاء مليئا بنور الله.

أما النور الذي نراه نحن البشر في دنيانا فهو نور مادي مخلوق ومتغير ينبثق من أشياء مخلوقة كالشموس رغم أن نور الكرسي الذي هو جزء من نور الله هو الذي يغذيه ويزيد في قوته كما رأينا سابقا. أما الذي يغمرنا ويثبت كياننا ويملأ ذراتنا ونحن لا نراه في نشأتنا الأولى بسبب الغطاء الذي جعله الله على أعيننا فهو جزء من نور الكرسي الذي هو جزء من نور جوانب العرش الذي هو جزء من نور الحجب الذي هو جزء من نور رداء الكبرياء الذي هو جزء من نور الله. والفرق بين نور الله والنور المادي هو أن الأول لا ينعدم أبدا في أية نقطة في الوجود إلى ما لا نهاية ولا يحبسه كليا أي شيء. بل الله أضعفه فقط لأجل خلقه بردائه وبحجبه وعرشه وكرسيه ومختلف سماواته لأنه قوي جدا ومحرق كما رأينا بينما ضوء النجوم له أجل متعلق بأجلها وامتداده محدود. أما سرعة نور الله فغير محدودة. فكل من في السماوات والأرض ومن عند الله  " ينزل " عليهم نوره في نفس الوقت بليله ونهاره ( ملاحظة: يجب أن ننتبه إلى أن الذي ينزل حقيقة هو الزيادة في النور من الذي حجبه الله في أول الخلق. أما نوره سبحانه فهو موجود في كل الفضاء إلى ما لا نهاية. فلما خلق حواجز لنوره ظل يكشف حجبه تدريجيا ليزداد النور على الذي فيه الخلق ). ولنتأمل فقط في معراج الملائكة ( وقد خلقوا من مختلف أجزاء أنوار الله ) في المعراج من الأرض إلى سدرة المنتهى في لحظات. ونور الله طبعا أقوى وأسرع. ولو كشف الله كل حجبه وأزال عرشه وكل شيء لانتشر نوره الكامل كما كان في الأزل بنفس القوة إلى ما لا نهاية في لحظة واحدة. فلنوره الأعظم قوة لا تضعف مع طول المسافة ( والدليل في الحديث: لو كشف الله كل حجبه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه. وبصره لا حد له ) لكن سبحانه شاء أن يكون خلقه درجات كما قال ﴿هم درجات عند الله﴾(١٦٣-٣) فخلق حواجز كرداء الكبرياء والحجب والعرش والكرسي ومختلف السماوات تضعف قوة النور دون أن تنقص من سرعته. فمروره على أي حاجز من هذه الحواجز يجعله يفقد بأمر الله خاصية عظيمة وهي قوته المطلقة إلى ما لا نهاية: فتنقص قوته تدريجيا مع طول المسافة لكن دون أن ينعدم تماما. كلما اقتربنا من العرش مثلا كلما كان النور قويا. والدليل هو أن جبريل عليه السلام لم يستطع تجاوز مستوى معين يوم عرج بالنبي . وسيرى الناس هذه الحقيقة في جنة الخلد. نور أعلاها أقوى من نور أدناها. وهذا يفسر لماذا خلق العرش. وكذلك الأمر في السماوات والأرض. نور كل سماء أعظم من نور السماء التي تحتها. وهذا النور الجزئي نور منقوص بخلاف نور الله الأعظم الكامل الذي فوق رداء الكبرياء. وبسرعته اللامتناهية فهو ممتد دائما إلى ما لا نهاية حتى ولو أضعف بحواجز متعددة غير متناهية. فلا يمكن والله أعلم لأي حجب مخلوقة مهما كان نوعها وعددها أن تحجبه كله وتحبسه تماما لأن فيها فراغات – وهي من صفات كل خلق جمادا كان أو من الأحياء - يمر عبرها جزء من نور الله الذي هو ممتد أصلا إلى ما لا نهاية.



   



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة