٢٧ث- الملائكة والجن وأمر الله:
• في حديث رواه ابن أبي حاتم قال رسول الله ﷺ « إذا أراد الله تبارك وتعالى أن يوحي بأمره تكلم بالوحي. فإذا تكلم أخذت السماوات منه رجفة - أو قال رعدة - شديدة من خوف الله تعالى فإذا سمع بذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدا فيكون أول من يرفع رأسه جبريل عليه الصلاة والسلام فيكلمه الله من وحيه بما أراد به فيمضي به جبريل عليه الصلاة والسلام على الملائكة كلما مر بسماء سماء يسأله ملائكتها ماذا قال ربنا يا جبريل ؟ فيقول عليه السلام قال الحق وهو العلي الكبير فيقولون كلهم مثلما قال جبريل فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله تعالى من السماء والأرض ».
• وفي حديث رواه الإمام أحمد: رمي بنجم فاستنار فقال رسول الله ﷺ« فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته ( كما كانوا يقولون في الجاهلية ) ولكن ربنا تبارك وتعالى إذا قضى أمرا سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح السماء الدنيا، ثم يستخبر أهل السماء الذين يلون حملة العرش فيقول الذين يلون حملة العرش لحملة العرش ماذا قال ربكم ؟ فيخبرونهم ويخبر أهل كل سماء سماء حتى ينتهي الخبر على هذه السماء وتخطف الجن السمع فيرمون. فما جاءوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يفرقون فيه ويزيدون ». ونلاحظ هنا مكانة مختلف الملائكة: فالذين في جوف الكرسي يسبحون قبل علمهم بأمر الله عندما يسمعون تسبيح من فوقهم. أما حملة العرش فالله يخبرهم بنفسه بأمره. وفي صحيح البخاري قال النبي ﷺ «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك فإذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم ؟ قالوا للذي قال الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترقو السمع مسترقو السمع هكذا واحد فوق الآخر. ووصف سفيان بيده وفرج بين أصابع يده اليمنى نصبها بعضها فوق بعض فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمى بها إلى صاحبه فيحرقه وربما لم يدركه حتى يرمى بها إلى الذي يليه إلى الذي هو أسفل منه حتى يلقوها إلى الأرض فتلقى على فم الساحر أو الكاهن فيكذب معها مائة كذبة ...الخ ».
ويتبين من هذه الأحاديث أن الشياطين موجودون في السماء الدنيا فقط. كان الجن قبل نزول القرآن وبعثة سيد المرسلين ﷺ يسمعون ما يقال في السماء. أما الشياطين وهم الجن المتمرد الذين طبع الله على قلوبهم فصاروا عن السمع معزولين منذ تمردهم إلا من استرقه فيتبعه شهاب ثاقب. لكن لما نزل القرآن حرم على كل الجن هذا السمع إلى الأبد فأصبح الجن والشياطين والإنس سواء في هذا الصدد لا يستطيعون الاستماع إلى الملأ الأعلى﴿ وإنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا ﴾(٨-٧٢)﴿وإنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا﴾(٩-٧٢) أي بعث الله حرسا من الملائكة فملأ بهم السماء الدنيا. وملئت أيضا بالشهب. والسماء هنا هي بدون شك الفضاء الذي بين الحلقة الأرضية الأولى والسقف الأول وأيضا كل عالم بيني بين كل أرض وأرض من الأرضين السبع. وإذا كان الآن من يعتقد أن بعض الناس في مقدرتهم معرفة بعض الغيب فلأنهم لا يدركون أن سبب اعتقادهم هذا هو بلا شك ما حدث في الماضي قبل نزول القرآن من علاقة الكهان بالشياطين لكن هذا الأمر قد انتهى.
٢٧ج- معراج أخبار الأرض:
رأينا في الحديث أن الله يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل. فيتبين هنا سرعة رفع أعمال الناس. وجاء في القرآن أن الكلم الطيب يصعد إلى الله في انتظار الجزاء عليه. وأما العمل الصالح فيرفعه الله مباشرة إلى درجة ثوابه. أو هذا العمل يرفع الكلم الطيب مصدقا له إلى درجة أعلى ( أنظر التفاصيل في كتاب تصنيف وتفسير آيات وفصول القرآن العظيم – فصل الكلمة الطيبة ٨٤ - ٣ ). قال ابن عباس رضي الله عنهما: تكتب الملائكة أعمال العباد ثم تصعد بها إلى السماء فيقابلون الملائكة الذين في ديوان الأعمال على ما بأيدي الكتبة مما قد أبرز لهم من اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر مما كتبه الله في القدم على العباد قبل أن يخلقهم فلا يزيد حرفا ولا ينقص حرفا ثم قرأ﴿ إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ﴾.
إرسال تعليق