٢١- الخلق في السماوات والأرض (35/46)
وبنفس المنطق نقول أن الإنسان عندما يكفر أشد الكفر تنتقل نفسه إلى الجسد والروح اللذين في الأرض السفلى السابعة. وعندما يؤمن تنتقل إلى اللذين في الأرض الأولى. وعندما يشرك تنتقل إلى أرض من الأرضين الأخرى حسب نوع شركها. وبلا شك هذا الانتقال يتم أثناء النوم والإنسان فاقد لشعوره. فالله سبحانه هو من يتوفى الأنفس سواء في مماتها أم في منامها ثم يرسل التي لم تمت والله أعلم إلى المستوى من الأرض المخصص لها حسب إيمانها أو كفرها. ويكلف ملكا بذلك. ورفع عيسى عليه السلام ببدنه وروحه نائما ( لأنه لم يمت بعد ) إلى السماء الثانية يبين أن نقل الأنفس يكون أثناء النوم لقوله تعالى له﴿ إني متوفيك ورافعك إلي ﴾(٥٥-٣)
وعندما يموت المؤمن يجعل الله روحه في جوف طائر في جنة المأوى. وحجمه أكبر كثيرا من بدنه الذي تركه في الأرض. بالتالي ستكون روحه منشرحة في قالب كبير ولا يزيد إﻻ انشراحا مع مرور الزمن ﻷن الدنيا وما فيها يتوسعان إلى يوم الفناء. أما الكافر فيطرح في سجين تحت الأرض السابعة في أصغر قالب في هذه الدنيا. وستكون روحه في ضيق شديد. وسرعة انشراح قالبها هي اﻷصغر.
ويوم القيامة بعد الحساب ستمد كل الأجسام حسب درجاتها. جاء في حديث رواه الحافظ أبو بكر البزار « يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه ويمد له في جسمه ويبيض وجهه ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤة يتلألأ...الخ ». وأهل الدرك الأسفل من جهنم وهم المنافقون سيكونون أصغر حجما من الذين في سجين يوم الفناء أي حين يكون للسماء والأرض أكبر عرض. فسجين الدنيوي يقابله في الآخرة الدرك الذي فوق الدرك الأسفل من جهنم مباشرة. أما الدرك الأسفل فيقابله في الدنيا المركز العظيم الذي ليس سوى صخرة تحت سجين. وأهل الطبقة العليا من جهنم سيكون طولهم أصغر من طول الناس في الأرض الأولى يوم الفناء.
وهكذا نفهم لماذا توجد سبع أرضين داخل السماء الدنيا ولماذا جعل الله درجات في الآخرة وفي الدنيا بعضها فوق بعض. قال تعالى﴿ ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ﴾ (٣١-٢٢) أي مكان بعيد وعميق. ويرمز ربما إلى الأرض السفلى والله أعلم. وقد تمثل الطير هنا شياطين الأرضين السبع الذين يريدون أن ينقضوا على النفوس الكافرة التي ترسل إلى الأسفل وهي نائمة. وإن نجت منهم بأمر الله هوت إلى الأرض السابعة. وشياطينها أعظم من شياطين الأرضين التي فوقها. فمن يعش عن ذكر الرحمان يقيض له شيطانا فهو له قرين. ومن يحلل عليه غضبه فقد هوت نفسه في الدنيا وهو نائم دون أن يدري قبل أن يهوي في الآخرة في يقظة تامة ببدنه وروحه﴿ ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ﴾(٨١-٢٠). فلا يستوي مقعد الناس في حياتهم الأولى ولا بعد موتهم ولا في الآخرة. قال تعالى﴿ أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ﴾(٢١-٤٥). وهنا لا يقصد الله المساواة في أرزاقه المادية الدنيوية لأنه يمد هؤلاء وهؤلاء من عطائه. ولا يعلمون إلا ظاهرا مما يحدث ويبدو لهم في الدنيا ولا يعلمون ما يحدث لأرواحهم وأنفسهم﴿ يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ﴾(٧-٣٠)
إرسال تعليق