١٩- الروح والنفس والجسد والحياة (15/15)
١٩خ - أرواح المخلوقات غير الإنس:
رأينا أن الروح هي التي بها يحيا جسم الإنسان. وبالتالي كل مخلوق حي كيفما كان نوعه فيه روح. فكل جان له روح ونفس أيضا. وقد يدخل النار أو الجنة. وروحه بعد موته تطرح في سجين أو ترفع إلى عليين حسب إيمانه وأعماله. فلا بد أن يتوفاها ملك مكلف بأخذها إلى مستقرها في البرزخ. أما الحيوانات فلها أيضا أرواح تجعلها حية في الأرض. لكن بعد موتها ليس لها أي مستقر لا في السماوات العلا ولا في سجين لأنها ستعود ترابا بعد بعثها ولن تدخل الجنة ولا النار. أي أرواحها لن تتعذب ولن تكون في نعيم لا بعد الموت ولا بعد البعث. فالبرازخ بعد الموت خاصة بأرواح العقلاء المحاسبين من الإنس والجن المنتشرين في مختلف كواكب السماء الدنيا ( مع العلم أن كثيرا منهم كما سنرى ليس فيهم كفار وبعض من هؤلاء لا يموت حتى تقوم الساعة ). وبالتالي أرواح الحيوانات لا يتوفاها أحد ولا تنتقل إلى عالم آخر بل بلا شك تعدم بقول الله كن فيكون كما خلقت بنفس الأمر. وسوف نرى أنها خلقت قبل الملائكة والجن والإنس بملايين السنين. ولم يكن إذ ذاك ملك مكلف بموتها. وهذا يؤكد أن الله هو الذي يميتها بعدمها حتى يبعثها ثم يعدمها مرة أخرى. ولها أنفس على قدر " عقولها " تستجيب فقط لغرائزها وتنام بلا شك دون خروجها من أجسادها وتحلم على قدر طبيعتها لتوازنها والله أعلم. ومن غرائب أرواحها أن بإمكانها أن تسمع ما يحدث لأرواح الإنس في قبورهم. عن أبي هريرة وفيما قال النبي ﷺ عن الأموات « أما الكافر فيضرب ضربة تسمعها كل دابة إلا الثقلين ». أما الملائكة فلهم أيضا أرواح وأنفس ولا يموتون حتى تقوم الساعة. وخلقوا بأمر الله كن فيكون. ويبدو أن ملك الموت سيكون له دور أثناء موتهم كما جاء في حديث الصور.
١٩د- أبعاد الأرواح في عالم السماء الدنيا:
في الوجود أو بالضبط داخل السماء الدنيا تحت السقف الأول أبعاد متداخلة. بعد للمادة التي خلقت من الرتق وأبعاد للكائنات الغير مادية أي للأرواح والملائكة والجن. وهذه الأبعاد توجد في نفس الفضاء الذي نحن فيه. ولماذا أبعاد وليس فقط بعدين ؟ لأن الجن لا يرون ولا يجب أن يروا الملائكة الروح الذين يستنسخون أعمالهم لأن كل نفس إلا عليها حافظ كما جاء في القرآن. ويرون الملائكة العاديين. ولا يسمعون صراخ أرواح الكفار في قبورهم بينما تسمعها الحيوانات أي كل دابة إلا الثقلين كما جاء في الحديث. أي روح الإنسان ليست في البعد الذي فيه الجن. فهم يوسوسون لها دون أن يروها، بينما الملائكة يرونها ويكفنونها. ويتعلق الأمر هنا بالملائكة الروح كجبريل وغيره كثير كعزرائيل مثلا وملائكة الموت. أما الملائكة العاديون فهم في نفس البعد الذي فيه الجن. وبلا شك هؤلاء لا يرون أرواح الناس.
أما الحيوانات فلها إذن أرواح في البعد الذي فيه أرواحنا وجعلها الله تسمع صراخها بإذنه تعالى. أي أعطاها هذه الميزة التي لم يعطها لنا ولا للجن لأن الإيمان بالغيب يقتضي ذلك.
والأبعاد هنا مصنفة من أعظمها إلى أدناها. ونحن نوجد في أدناها مع الحيوانات والجمادات ماديا فقط. أما أرواحنا ففي بعد أعظم. والجن يوجدون في بعد مباشرة أعظم من بعدنا لكن أرواحهم هي أيضا في بعد أعظم. والملائكة العاديون يوجدون معهم. أما الملائكة الروح فهم في بعد أعظم من هؤلاء جميعا ومع أرواح الجن والإنس والحيوانات. والله يوجد في البعد الأعظم الذي فيه كل الأبعاد ولا يعلم عددها وما فيها إلا هو. فهو من خلقها. وربما قد يكون الزمن في بعد من هذه الأبعاد والله أعلم. ولا يرى هذا الزمن إلا هو سبحانه. لذلك ما أوتينا من العلم إلا القليل. وكل من كان في بعد أعظم يرى من معه في بعده ويرى من في بعد أدنى منه. كما قال تعالى عن الجن تجاهنا ( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم)(٢٧ -٧) لكن هذا فقط في السماء الدنيا. أما في السماوات الأخرى فكل الخلائق يرى بعضها بعضا كما كان آدم يرى إبليس لما كانا في الجنة.
إرسال تعليق