U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

قصة الوجود - الرؤيا والحلم - تأويل الرؤى -0070

   

١٩- الروح والنفس والجسد والحياة (13/15)

 

 

الرؤيا والحلم:

الرؤيا من الله والحلم من الشيطان أو من حديث النفس. والحلم هو ما تراه الروح لوحدها وتظهر بعضه للنفس إن استقر بصر هذه على تلك. فالروح هي التي تحلم لأنها لا تنام ولا تموت ( أما النفس فهي التي تنام وتموت أي تفقد وعيها بانفصالها عن الروح التي تحييها ). والحلم كما قلت هو تخالط من الرموز تنبعث من ذاكرة الإنسان ومما سجل في محفوظاتها طوال حياته. وله أهميته في توازن الجسد والروح. كل شيء عند الله بمقدار. أما الرؤيا فهي ما تراه النفس لوحدها إما في السماء في الملأ الأعلى ( أي أثناء النوم العميق ) أو في داخل الجسد قبل يقظتها أو قبل خروجها منه ( أي أثناء النوم السطحي ). وتأتي من الله أي من خارج النفس والروح. وقد تحدث في وعي من النفس ( أي تظهر في سطح النفس الواعية ) كرؤيا الأنبياء الذين تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم. وقد تحدث في غير وعي منها ( أي تظهر فقط في درجة عميقة من درجات شعور النفس ) كرؤيا سائر الناس. والحق في الرؤيا جزء من ست وأربعين جزء من النبوة لأن معظمها تنبئي.

من علامات الرؤيا:

- الرؤيا قد تتكرر كما قال إبراهيم عليه السلام " إني أرى في المنام أني أذبحك " (١٠٢-٣٧) ولم يقل " إني رأيت " مما يدل على تكرار الرؤية. وأيضا السجينان اللذان كانا مع يوسف عليه السلام:" إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه (٣٦-١٢)" ورؤيا الملك:" وقال الملك إني أرى سبع بقرات ...." وتكرار الرؤيا ليس شرطا. فيبدو أن رؤيا يوسف لم تتكرر والله أعلم لقوله: " إني رأيت أحد عشر كوكبا ... "(٤-١٢). أي رآها مرة واحدة فحكاها لأبيه. لكن الحلم الذي من الشيطان قد يتكرر هو أيضا.

- الرؤيا يتذكرها الإنسان دائما بوضوح فور يقظته. فما أراها الله له إلا ليتذكرها. وإن تذكر أنه رأى شيئا دون أن يتذكر موضوعه أو تفاصيله فهو بلا شك ليس برؤيا. لكن في المقابل يمكن للإنسان أن يتذكر حلم الروح بوضوح أيضا. وهذا النوع من الحلم هو إما نتيجة هموم وأحزان أو أفراح طغت على صاحبها أو هو من الشيطان الذي يوسوس له بتذكره ولا يلهيه بشيء آخر حتى يتذكره. أما ما ينسى الإنسان من حلمه فهو بأمر الله.

- الحلم والله أعلم لا يحدث مباشرة بعد رؤيا لكيلا يختلطا. ثم إن بعدها عامة يوقظ الله الإنسان لينبهه إليها.

- وقد تكون الرؤيا بعرض مباشر دون رموز إن كان فيها أمر من الله كما وقع لإبراهيم عليه السلام. فكان يرى أنه يذبح ابنه إسماعيل فعلم أنها أمر من الله لأن الأنبياء لا تنام قلوبهم. ولو رأى أحد غيرهم كهذه الرؤيا لاعتبرها إما رؤيا مرموزة أو حلما من الشيطان أو أضغاث أحلام. 

- أو قد تكون برموز إن كانت تنبئية ككل الرؤى التي في قصة يوسف عليه السلام.

- وأخيرا ليس في الرؤيا من الله فاحشة أو ما يرمز إليها. وليس فيها أيضا ما يدعو إلى الكفر بالله والشر والمعاصي وظلم الناس ... بخلاف وساوس الشيطان.

تأويل الرؤى:

نلاحظ أن مضمون الرؤى المذكورة في القرآن لم يختلف عن تأويله في الواقع إلا في بعض الرموز بينما الأفعال فيها والأعداد لم تتغير. ففي رؤية يوسف نجد نفس العدد من الكواكب كعدد إخوته إضافة إلى أبويه وفعل سجودها يمثل فعل سجودهم. وكذلك رؤيا الفتيين اللذين دخلا السجن مع يوسف. فعل عصر الخمر نجده في الرؤية وفي تأويلها. كذلك فعل أكل الطير من فوق رأس الذي سيصلب. وفي رؤيا الملك نجد أيضا نفس العدد ونفس الأفعال ومعانيها. وحتى رؤيا النبي التي قيل فيها أن عدد الكفار في بدر سيكون أقل من عدد المؤمنين. وفعلا أيد الله المؤمنين أثناء المعركة وهم قلة بعدد من الملائكة فأصبح الكفار يرون أنفسهم أقل عددا. وبالتالي تأويل الرؤى ربما يحتاج فقط إلى التفكر في بعض رموزها بينما الأعداد والأفعال فيها لا تتغير عامة والله أعلم.


   



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة