١٩- الروح والنفس والجسد والحياة (12/15)
١٩ث- الوسوسة والوحي - الرؤيا والحلم:
إن الشيطان يوسوس في أغوار النفس في اليقظة أي في درجة عميقة من درجات شعورها. ربما كالتي تشعر بها من غير وعي تام أثناء حضورها في حلم. ثم تستقبلها النفس الواعية كأنها منها. كما يلقي لعنه الله خبثه لها أيضا أثناء النوم لكن فقط لما تكون حاضرة في حلم أي ليس أثناء النوم العميق لأن أثناءه تكون بعيدة عن الجسد وفي حماية ملك مكلف بأخذها إلى برزخها. لذلك جاء في الحديث أن الرؤية من الله والحلم من الشيطان. وهذا يدل على أن هذا اللعين عليم ببعض مداخل النفس السمعية والبصرية وببعض درجات شعورها. ولا يقدر أن يوسوس في سطح النفس الواعية بحيث تحس به لأن ذلك ممنوع عنه بأمر الله. ففتحت له فقط منطقة واحدة وعميقة من النفس البشرية ( وربما من جهة شمالها. فقد جاء في حديث من طريق عبيد بن أبي جعفر عن أبي سلمة: "فمن رأى شيئا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثا وليتعوذ من الشيطان فإنها لا تضره ") لإلقاء وساوسه سواء أثناء يقظة الإنسان أم أثناء نومه وهو يحلم. ومن عواقب وسوسته أنها تلهي اﻹنسان عما كان يجب أن يتذكره فتطلع إلى سطح النفس أفكار الشيطان فتحجب بحجمها ما كان على الإنسان تذكره. لذلك قال تعالى﴿ فأنساه الشيطان ذكر ربه ﴾(٤٢-١٢)﴿ وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ﴾(٦٣-١٨). لكن ذكر الله والاستعاذة به منه تنظف النفس من ذلك وتمنع الوساوس الجديدة.
أما الملائكة فيوحون إلى المؤمنين ربما في منطقة عميقة من النفس خاصة بهم ( ربما من جهة اليمين ) فيبشرونهم ويطمئنونهم فيحسون حينها بالسكينة. والله سبحانه يوحي للإنسان ( من أية جهة شاء وفي أية درجة من درجات الشعور ) إما في منامه عن طريق الرؤية ( أنظر الفقرة الموالية ) وإما في يقظته عن طريق الإلهام. فتصدر في النفس أفكار يعتقد الإنسان أنها من عقله.
أما الأنبياء فالله أو الملائكة يوحون لهم من الجهة التي تجعلهم يشعرون بذلك. جاء في الحديث أن الوحي كان ينزل على رسول الله ﷺ كصلصلة الجرس. وجاء فيه أيضا أن الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم، أي تنام أجسادهم ولا تنام أنفسهم. والله يريهم ما يشاء وهم في وعي تام. وربما إبراهيم ﷺ رأى ملكوت السماوات بهذه الطريقة والله أعلم ( أنظر الفقرة الموالية ).
إرسال تعليق