١٩- الروح والنفس والجسد والحياة (6/15)
١٩ب- ماذا يحدث أثناء النوم ؟
إن شعور النفس يختلف حسب درجة اتصالها بالروح التي هي مرتبطة بكل أطراف الجسد. فإن استقرت في كل أطرافها كان شعورها شعور اليقظان التام وأصبحت واعية بكل ما يجري حولها. فنسبة اتصالها بالروح تحيي نفس النسبة من أطرافها ( فالروح تحيي الجسد والنفس ). وإن انفصلت فقط عن المركز الروحي الذي يوعيها بالعالم الخارجي فقدت إرادتها ونقص شعورها كثيرا فأصبحت رغما عنها لا تعلم إلا بما تراه الروح في حلمها. وإن انفصلت عن كل أطراف الروح أخذها الملك إلى الملأ الأعلى. فهي لا يمكن أن تظل منفصلة داخل الجسد.
وكما رأينا في الفقرة السابقة عندما ينام الإنسان تخرج نفسه التي بها يشعر من جسده لقوله تعالى﴿ الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها ﴾(٤٢-٣٩) وتبقى روحه في الجسد دون وعي. ولا تخرج الروح بكاملها إلا أثناء الموت وتكفنها الملائكة. والنوم يشبه ما يقع للميت: روح هذا الأخير في جوف طائر ونفسه في مكان آخر. ولا تشعر النفس شعور اليقظان إلا إذا كانت مستقرة تماما في قالبها الروحي. ربما قد ترى لوحدها أشياء في الملأ الأعلى بكيفية لا علم لنا بها لكن شعورها هناك مختلف عن شعور اليقظان وهو أقرب من شعور الذي يحلم. ومباشرة قبل اليقظة ترد لتأخذ مستقرها في الروح والجسد فيفيق الإنسان. وإذا لم تستقر استقرارا كاملا حدث ارتباك في الإحساس. والمثال على ذلك ما يعرف بشلل النوم. تبقى الحركة والعضلات مشلولة عند اليقظة كما كانت طبيعيا أثناء النوم بانفصال الشعور عن الجسد فيشعر الإنسان بوجوده يقظانا لكن جسمه لا يستجيب. وعادة دخول النفس إلى الجسد ثم ظهور الوعي بارتباطها تدريجيا بالروح هما اللذان يزيلان الشلل الطبيعي. والنفس الواعية هي التي تأخذ بزمام كل حركات الجسد الاختيارية. وإذا لم تستقر أجزاؤها في قالبها بالضبط تأخر عن الاستجابة وأحست بشلله. ومن أسباب هذا الشلل عند بعض الناس اﻹسراف في الأكل قبل النوم أو في تغطية البدن أو في قلة تهوية المكان ... الخ. أي إذا كان البدن أو بعض أعضائه أو أطرافه في ظروف غير متوازنة صحيا كالإرهاق الجسمي أو الفكري المبالغ فيه أو العكس يعني الخمول وقلة الحركة والرياضة. فالنفس عند رجوعها بعد النوم لا تستقر بسرعة في البدن الغير متوازن.
إرسال تعليق