U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

قصة الوجود - الروح والنفس والجسد والحياة -0058

   

١٩- الروح والنفس والجسد والحياة



١٩أ- الإنسان مكون من روح ونفس وعقل وجسد. فبالروح يكون موجودا وتحتاج إلى قالب يضمها وهو الجسد. به وبصفاته تتصل بالعالم المادي الذي يحيط بها. وأراد الله للإنسان أن يكون في حياته الأولى في قالب خلقه في الأول من تراب الأرض ثم أراد للمؤمن بعد موته أن يكون في جوف طائر يطير في جنة المأوى وللكافر أن يكون في جوف طائر لا يخرج من سجين إلى يوم الفناء. ثم أراد أن يبعثه مباشرة في قالب من تراب الأرض المبدلة ثم أراد للمؤمن أن يدخل جنة الخلد في قالب متين ومستنير على طول آدم وحسن يوسف. وأراد للكافر أن يلقى في جهنم في قالب منتن مسود ومظلم. وباتصال نفسه بروحه يشعر بوجوده. إن افترقتا نام أو غاب عن وعيه أو مات. والنوم يشبه الموت في هذا الباب. وبالعقل يعلم. إن ذهب عقله مثل المجنون نسي نفسه وإن كان يشعر.

الجسد إذن قالب للروح. ويوم نفخها في جوفه تمتد بسرعة لتحتل كل أطرافه ثم تتمدد بعد ذلك ببطء مع نموه. وبلا شك لها حد في التمدد بعده ربما تتفرق أجزاؤها لتنعدم والله أعلم. أي ربما سيقع لها ذلك إن أخرجت من جسد دون أن تكفن. وأكبر تمدد هو الذي كان لها يوم خلقت ربما في أعلى مستوى في جنة الخلد والله أعلم. فالناس ستمد أجسامهم كثيرا يوم دخولهم الجنة تلك لأن أرواحهم قابلة مسبقا لذلك.

والروح قالب للنفس " الواعية ". فإذا كان وجود الإنسان متوقفا على وجود روحه فهو لا يعي به إلا إذا كانت نفسه الواعية مستقرة على عرشها في قالبها الروحي. وليس لها لوحدها إلا إحساس بوجودها. ثم جعل لها سبحانه السمع والأبصار وأدوات العقل كما قال﴿ وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ﴾(٩-٣٢) فالعقل ليس إلا أداة لها ومستقل عنها ( فالمجنون له أيضا نفس وروح لكن دون عقل سليم أو بعقل مريض ). ويبدأ وظيفته الفعلية مع الولادة. أما قبلها ورغم وجوده فلا يعلم الإنسان شيئا لقوله تعالى﴿ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا﴾(٧٨-١٦). فالملك ينفخ الروح في الجنين لما يتكون قالبها، بلا شك حتى يكتمل معظم الجهاز العصبي الضروري لاستقرارها فيصبح الجسد به تحت سلطانها المباشر. وقبل نفخها يستمد الجنين حياته فقط من أمه. أما بعد ذلك فيستمدها من روحه مباشرة ولا يأخذ من أمه إلا التغذية. ثم يخلق الله النفس الواعية ويسويها من تلك الروح لكنها لا تعلم أي شيء حتى تخرج من ظلمة الرحم. ثم يبدأ تعليمها شيئا فشيئا فتعي أولا بحدود نفسها. فدرجة الشعور العقلاني بالوجود مرتبطة بدرجة العقل. وألهم الله النفس فجورها وتقواها. بالتالي عندما يكتمل وعيها تصبح قالبا للإيمان أو للكفر، أي قالبا لنور الله أو للظلمات.

ومسمى "الروح" في بعض الأحيان وحسب السياق قد يعني أيضا النفس أو كلاهما ومسمى" النفس" قد يعني في بعض الأحيان أيضا الروح أو كلاهما. والنفس هي الجزء الواعي من الروح أو الذي به يظهر الوعي إن استقرت في موضعها في الروح ( وسنسميها باختصار " النفس الواعية " لنميزها عن الروح اللاواعية ).

قد تكون الروح في قالب جامد لا حياة فيه كجسد آدم قبل أن ينفخ الله فيه من روحه ( فروح آدم كانت جامدة هي أيضا قبل نفخة الله ) أو كالكفن الذي يضع فيه الملائكة روح الميت ليسافروا بها إلى مصيرها ( لكن الروح هنا ليست جامدة بل حية وستظل كذلك إلى الأبد لأن حياتها من روح الله. والدليل في الحديث هو أنها ترى الجسد بعينيها بعد مفارقته ). أو ربما أيضا كشأن القوالب التي فيها الأرواح في السماء والتي صورها الله في أول الخلق ولم يخلق أجسام أصحابها في الأرض بعد. وهي أرواح طبعا دون أنفس واعية. وليست في نعيم ولا في عذاب لأنها لم تمتحن بعد لكنها حية. فقد خلقت من روح آدم بعد أن أحياها الله بنفخته.

   



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة