U3F1ZWV6ZTUwNDI4NTQwODIxODEzX0ZyZWUzMTgxNDY4NDE0OTg0Nw==

قصة الوجود - مشيئة الله -0020

   

٨- مشيئة الله (3/3)

- مشيئة الله في خلق جهنم:

العقاب بنار جهنم هو من مشيئة الله للكفار تعبيرا عن غضبه. وهو ليس غضب انفعال كالذي لا يغضب إلا حين يعلم سبب غضبه بل الله عليم بحكمه وبأهل النار قبل وجودهم ولا يفاجئه كفرهم ولا أعمالهم. وبخلق جهنم أراد أن يخوف عباده. وبالتالي أهل الجنة هم الخائفون من الله. ودرجة حبه لخلقه متعلقة قبل كل شيء بدرجة الخوف منه بالغيب التي هي متعلقة بدرجة الإيمان. لذلك نرى أن الحكمة في خلق جهنم هي لتنبيه المؤمنين إلى الخوف من الله ولقياس درجته وأن حقيقة الخلود الأبدي في النار تزيد كثيرا من خوفهم. ولو أظهرها سبحانه للناس لآمنوا كلهم دون تردد ولأصبح وجودها بلا فائدة. فجعل الخوف منه بالغيب هو المقياس الحقيقي لينالوا حبه وكرمه الأبدي. فليس لدى العباد ما يقدمون فعلا للتقرب إليه وما يتميزون به إلا هذا الخوف مصحوب طبعا بالرجاء في الثواب على الأعمال والقرب منه. أما حبهم له فلا يجوز أن ينفي ذلك. فالرسول ﷺ كان أشدا حبا لله ومع ذلك كان يخاف إن عصاه عذاب يوم عظيم. وبالتالي وجود جهنم والخلود الأبدي فيها وشدة عذابها الرهيب حقائق غيبية ضرورية ليترتب عنها فرار الناس خوفا بالغيب إلى رحمة الله. وهو سبحانه أرحم الراحمين. وتترجم رحمته في الدنيا في هذا المجال بأنه لم يترك أي شيء يعين الإنسان على الفوز بها إلا فعله حتى العقاب الدنيوي لعله يخاف من الحساب فينجو. أما في الآخرة فسيرحم المؤمنين وأيضا كل عاص دخل النار وفي قلبه مثقال ذرة من إيمان أو خوف منه بالغيب. وهذا القدر القليل من اﻹيمان الذي يخرج صاحبه من النار ويدخله الجنة يبين مدى رحمة الله وأنه فعلا أرحم الراحمين ( فقرة ٢٠ب١٨. كتاب الرحمة ). وحقيقة أرحم الراحمين ﻻ تنطبق في اﻵخرة على من رفض الله بقلبه مع أنه فطره على معرفة ربه. فهذا القلب الرافض لا يتغير بامتحان الغيب الذي جعله الله في الدنيا إلا إلى اﻷسوأ. ولا يؤمن بأي دليل أو معجزة. ولو رأى جهنم لآمن فقط ليتجنب العذاب لا ليؤمن بالله حقا. فهو لا يحب الله بالغيب بل يبغضه ويبغض مشيئته وقضاءه ويكره التذلل إليه إلا في العذاب اﻷليم. وإن أخرج منه عاد إلى ما كان عليه وإلى تكبره. لذلك رحمة الله لن تلين قلبه ولن تنبت إيمانا فيه. سيظل مسودا حتى لو أدخل الجنة. لذلك سيجعله الله في العذاب اﻷليم واﻷبدي لأن قلبه لن يتوب أبدا. وسيعذب فقط على قدر كفره وجرائمه. وسيجأر في النار من شدة اﻷلم يريد فقط الخروج منها. ولو أعيد إلى الدنيا لنفس الاختبار بالغيب لعاد إلى نفس طبيعته التي قبلها بإرادته مفتخرا. والله لا يريد من لا يخافه إلا بعد رؤية عذابه الشديد لأن كل خلقه سواء في ذلك.

بالتالي خلق الله الجنة لأحبائه. أما جهنم وأهلها فاستعملهم فقط لتمييز هؤلاء عن غيرهم. ولا حكمة لوجودهم إلا هاته. والله لا يريد لعباده الكفر ولا أن يدخلهم النار لأجل أنه خلق النار. وسيظل أصحاب الجحيم الكفار خالدين فيها أبدا لاستمرارية هذا المنطق وإعلاء مكانة أحباء الله عنده.

   



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة