آخر الكتاب (3/8)
ترتيب زمني ملخص للآيات عن قصة بني إسرائيل بعد نجاتهم من فرعون
نجى الله بني إسرائيل من فرعون ثم ساروا في اتجاه الأرض المقدسة. ولما جاوزوا البحر أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم فأرادوا أن يكون لهم هم أيضا صنم يمثل الإله فنهاهم موسى كما جاء في الآية: وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمُ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (١٣٨-٧)
وفي الطريق إلى الشام واعدهم الله بجانب الطور الأيمن فسبقهم موسى فاتبعوا أثره. لذلك قال تعالى: وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (٨٣-٢٠) قَالَ هُمُ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (٨٤-٢٠). ولما وصلوا إلى جانب الطور توقفوا هناك ينتظرون عودته من الجبل. فغاب عنهم أربعين ليلة يناجي ربه بينما أخبرهم أنه سيعود فقط بعد ثلاثين. واستغل السامري هذا التأخير فدفعهم إلى عبادة العجل. وفي مناجاة موسى تلك سأل الله أن يظهر له لكنه صعق لما تجلى للجبل كما جاء في قوله تعالى: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ... (١٤٣-٧) وهو ميقات الأربعين ليلة كما في الآية السابقة (١٤٢-٧). ولما أفاق كتب الله له التوراة في الألواح كما جاء في الآيات التالية وأخبره بشرك قومه في غيابه. وعاد إليهم عليه السلام غضبان أسفا. ثم بعد إحراق العجل ومعاقبة السامري اختار موسى سبعين رجلا من أخيار قومه ليصحبوه إلى ميقات الله ليستغفروه عسى أن يتوب على بني إسرائيل لما بدر منهم من عبادة العجل. فأماتتهم رجفة الجبل ولم ينج منها إلا موسى ثم رجع بأمر آخر من الله وهو أن يقتل بنو إسرائيل أنفسهم لكي تقبل توبتهم. ولما قتل منهم ما شاء الله تاب عليهم. بعد ذلك بدأ موسى يخبرهمبما كتب الله له في الألواح وفوجئوا حينئذبرفع الطور فوق رؤوسهم. فسجدوا وقبلوا الميثاق بأن يلتزموا بما أمروا. ثم غادروا طور سيناء في اتجاه الأرض المقدسة لكنهم أبوا أن يدخلوها ويقاتلوا الجبارين فعصوا أمر الله رغمتحذيرموسى لهم: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمُ إِذْ جَعَلَ فِيكُمُ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٠-٥) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (٢١-٥) ... فحرمت عليهم أربعين سنة وحكم عليهم بالتيه في الأرض مع تقطيعهم وتفريقهم فيها اثنتي عشرة فرقة. ويبدو أنهم لم يريدوا تصديق موسى في هذا الحكم بالتيه طويل المدى دون الاستقرار في أية قرية من القرى فطالبوا رؤية الله جهرة لتصديقه فأخذتهم الصاعقة ثم بعثهم الله. ثم أثناء تيههم أطعمهم بالمن والسلوى وظلل عليهم الغمام ليقيهم من حر الشمس. قال تعالى: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ (٥٥-٢) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦-٢) وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧-٢) وقال أيضا: وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا ... (١٦٠-٧) وضرب موسى بعصاه الحجر في مناطق مختلفة فانفجرت اثنتا عشرة عينا عين لكل سبط. قال تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ (١٦٠-٧) لكنهم قالوا: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ (٦١-٢) فأخبرهم موسى أنه من خرج من حكم الله بالتيه فقد عصى. فليذهب في هذه الحالة إلى أيةقرية ليجد ما يطلب ويستبدل الذي هو أدنى أي المأكولات المختلفة مع عصيان الله بالذي هو خير وهو رزقه المباشر من المن والسلوى مع رضاه. وظل بنو إسرائيل مقطعين في التيه أربعين سنة. وقصة موسى مع الخضر كانت في ذلك الزمن. ومات عليه السلام في التيه. وتجدد معظم الجيل وكان يوشع بن نون فتى موسى ونبي الله هو من جمع القوم بعد مضي الأربعين سنة وحارب العمالقة وانتصر. فأمرهم الله أن يدخلوا الأرض المقدسة سجدا ويقولوا حطة: وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ يُغْفَرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨-٢) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩-٢) قيل نزل عليهم الطاعون وقيل غير ذلك والله أعلم.
إرسال تعليق