٨٦- شريعة الله في العدل والعقاب
(3/4)
١٢- لما نعاقب
١٢أ - الرد على الظلم:
وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩-٤٢) كبغي الطغاة والمشركين كما حدث في زمن النبوة وظلم الكفار عامة للمسلمين. وهذه آية تخاطب الجماعة والفرد. فالانتصار هنا محمود لأنه من صفات المؤمنين كما في السياق. ومن عفا عن غير جبن فأجره على الله كما في الآية التالية. وآيات البغي والانتصار في القرآن تخص كثيرا العلاقة بين المسلمين والكافرين. ← فقرة ١٢أ
١٢ب- تطبيق العدل:
وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦-١٦) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا (٤٠-٤٢)
وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به: قيل نزلت في قتلى أُحُد حين مثلت بهم قريش. ولئن صبرتم: أي عن الانتقام. فصبر المسلمون وكفر النبي ﷺ عن يمينه لما حلف على أن ينتقم لحمزة رضي الله عنه الذي قتل ببشاعة. خير للصابرين: أي خير في الدنيا والآخرة. وجزاء سيئة سيئة مثلها: أي تسوء بالمثل من بدأ بالسوء. ولا تكتب لمن رد بالمثل كسيئة لأنها من شرع الله.
١٢ت- العفو والصبر خير: فقرة ١٤ت-١٤ج
وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦-١٦) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣-٤٢) فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (٤٠-٤٢) خير للصابرين: أي خير في الدنيا والآخرة. فمن عفا: من عفا عن ظالمه أي محا عنه تماما ما كان بينهما. وأصلح: أصلح الود بينه وبين ظالمه. فأجره على الله: أي تكتب له حسنة. فهو عفو وصلح. يعني التخلي عن القصاص وصلح مع المعفي عنه.
١٢ث- أمام القضاء:
لا سبيل على من أخذ حقه ممن ظلمه: وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١-٤٢) أي إن انتصر أحد بعد ظلمه قبل المثول بين يدي الحاكم أو القاضي فلا متابعة ضده شريطة أن يحضر البينة أو الشهود وكان الانتصار عادلا سواء كان المنتصر مسلما أو غير مسلم.
وإنما السبيل على من ظلم: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤٢-٤٢) إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ...: هنا يجب على أولي الأمر أن يمسكوا بالظلمة ويطبقوا العدل ويردوا الحقوق إلى أصحابها. السبيل: هي هنا المأثم والمحاسبة. ويبغون: يعتدون. عذاب أليم: عذاب في الدنيا والآخرة. أي بعقاب الناس لهم بما أمر الله وبعقابه سبحانه.
١٢ج- تجنب البغي على الذي عاقب بالعدل: ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠-٢٢) ذلك: أي سيكون الأمر كذلك يعني مصير الكافرين في العذاب المهين ومصير المؤمنين في الجنة ردا على قوله تعالى: " ليرزقنهم ... – ليدخلنهم ... ". ومن عاقب: العقاب هو الجزاء السيء على فعل ما. فقد عاقب المشركون المسلمين على إسلامهم وآذوهم كثيرا حتى أخرجوهم من ديارهم وأموالهم. ثم نزلت بعد ذلك آية تأذن لهم بقتالهم واسترجاع حقوقهم " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩-٢٢)". ومن عاقب من المسلمين مشركا بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه فالله سينصره.
والبغي هو الاعتداء ظلما من أي طرف. فالذي اقتص من مشرك ظالم قد يتعرض للبغي من الذين يقربون إليه من المشركين أو حتى من المسلمين. لينصرنه الله: أي في الدنيا أو في الآخرة برد الحق له. لعفو غفور: أي في كل الحالات الله يعفو عن كل مظلوم اقتص لنفسه بالعدل أو أعاد الكرة إن بغي عليه ( وإلا فهو ناصره عاجلا أو آجلا ). ومن صبر وغفر فهو خير له لقوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦-١٦)
إرسال تعليق