٤٥- القرآن والعلم
(7/10)
٢٢أ- لقد أعلم الله الإنسان من أي شيء خلقه:
كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (٣٩-٧٠).وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ (٦٢-٥٦) بمعنى رأيتموها وعرفتموها. كلا: ردع. لن يدخل جنة نعيم كافر. مما يعلمون: أي من نطفة من ماء مهين. هذا تذكير بشأن خلقهم وعلمهم بقدرة الله في الخلق. فكيف يكفرون ببعثهم من طرف خالقهم هذا دون دليل ودون خوف ؟ فسبحانه كما جاء في الآية التالية قادر على أن يستبدلهم بخير منهم في الإيمان والطاعة فيخسرون هم الدنيا والآخرة. النشأة الأولى: وهي شكل أجسامنا وصفاتها في حياتنا الدنيا. فلولا تذكرون: أي فهلا تذكرون قدرة الله على بعثكم من جديد !
٢٢ب- ولم يكن شيئا قبل ذلك: فصل الناس ٥٠-١ث
أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (٦٧-١٩) وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (٩-١٩)( من كلام الله لزكريا )
وخلق بفعل الله وإرادته: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥-٥٢)
أم خلقوا من غير شيء: أي تلقائيا دون خالق ؟ أم هم الخالقون: أي أخلقوا أنفسهم ؟
٢٢ت- خلق من الأرض: هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ (٦١-١١) إِذْ أَنشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ (٣٢-٥٣) أي ابتدأ خلقكم منها أي من تربتها.
وتبقى قصته مرتبطة بها:
مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (٥٥-٢٠) منها: من الأرض أي من تربتها. تارة: مرة.
ونموه أيضا. فهو ينمو على وجه الأرض ومن خيراتها كما ينمو النبات: وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (١٧-٧١)
٢٢ث- خلق الناس كخلق نفس واحدة: مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمُ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨-٣١) وسيكون البعث مماثلا لبعث فرد واحد كما حدث في الخلق الأول. سميع بصير: يسمع أقوالكم ويبصر أعمالكم. فاحذروه لأن بعثكم هين كبعث نفس واحدة !
∙ ومصدرهم نفس واحدة: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ (٦-٣٩) أي من آدم عليه السلام. وخلق الله أرواح الناس من روح أبيهم.
∙ والمرأة خلقت من آدم: ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا (٦-٣٩)( أي خلق جسد حواء من جسد آدم ) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمُ أَزْوَاجًا (١١-٣٥) ← فصل الرجل والمرأة ٨٨-١
ولا يمكن تفسير وجود الزوجين إلا بما قال به القرآن الكريم.
٢٢ج- خلق الإنسان من تراب: فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ (٥-٢٢) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ (١١-٣٥)
بفعل الله المباشر وإرادته لأن التراب لا يتحول وحده إلى بشر: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩-٣) هذه الآية عن الأجساد وليست عن الأرواح. فمثل خلق جسد عيسى في بطن أمه دون أب كمثل خلق جسد آدم من تراب دون أب وأم. أما الأرواح فخلقت قبلهما في عالم خفي. فالمقصود إذن هو المعجزة في خلق جسديهما من غير الأسباب المعروفة لدى البشر. خلقه من تراب: وذكر الخلق من تراب هنا فقط لتمييز آدم عن عيسى الذي خلق في بطن أمه. كن: هو أمر الله في كل شيء أراد تحقيقه. حتى الأشياء التي يخلقها بيديه يقول لها كن فتكون. فيكون: ولم يقل " فكان " لاستحضار تحول التراب إلى جسد آدم. والتشبيه هنا ليس تماما بين عيسى وآدم لأنهما مختلفان في طريقة خلقهما وإنما بين مثليهما وحقيقة كن فيكون. فلا يصح أن تقول" إن عيسى كآدم خلقه الله من تراب ثم قال له كن فكان " لأن في هذه الحالة سيكون عيسى خلق هو أيضا من تراب مباشرة. لذا شبه الله مثل خلق عيسى بمثل خلق آدم بأنهما خلقا بنفس الأمر "كن" ونفس الاستجابة له "فيكون".
وذلك من آيات الله: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ (٢٠-٣٠) أي في الأرض. وذلك من علامات الله على وجوده. فعلى الإنسان أن يتفكر: لا تفسير لتحول التراب إلى بشر إلا وجود الخالق سبحانه.
٢٢ح- وخُلق أطوارا سواء في خلق النوع البشري أم في بطن الأم: وَقَدْ خَلَقَكُمُ أَطْوَارًا (١٤-٧١) وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِنْ طِينٍ (٧-٣٢) يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ (٦-٣٩) أطوارا: أي من مرحلة تتطور إلى أخرى من النطفة إلى الشيخوخة. والأجساد تنمو كل لحظة. يخلقكم: فعل مضارع يدل على الحاضر المستمر. أي يخلق أجساد الجنس البشري في بطون أمهاتهم في الأرض. خلقا من بعد خلق: أي يخلقكم مرحلة بعد أخرى كالنطفة والعلقة والمضغة ... الخ.
٢٢خ- لقد بدأ خلق الإنسان من طين:
١- وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِنْ طِينٍ (٧-٣٢) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ (٢-٦)
٢- من سلالة من طين : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢-٢٣) وعناصر الطين موجودة في الإنسان. سلالة: خلاصة. أي استل آدم من الطين.
٣- وأوصاف هذا الطين ومراحل تغيره هي كما يلي: إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ (١١-٣٧).وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦-١٥) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤-٥٥) لازب: ملتزق بعضه ببعض. كالفخار: والفخار هو الطين المطبوخ بالنار.
٢٢د- وجعل نسله في نطفة:
١- (....) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (٤٦-٥٣) أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (٣٧-١٨) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ تُمْنَى (٣٧-٧٥) سواك رجلا: أي عدلك وكملك فصيرك رجلا.
٢- ما بين الصلب والترائب حقيقة علمية قرآنية: فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥-٨٦) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦-٨٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧-٨٦) دافق: أي مصبوب بدفع وشدة. والماء هنا هو المني ماء الرجل. ولا يصل إلى مبتغاه إلا إذا كان دافقا. وأيضا ماء المرأة الذي يخرج من المبيض متدفقا أيضا فيلتقيان فيكون منهما الولد. يخرج من بين الصلب والترائب: الصلب هو العمود الفقري. والترائب هي عظام الصدر. والماء الدافق يخرج من خصية الرجل ومن مبيض المرأة وكلاهما مرتبطان أشد ارتباط بموقع في الجسم يوجد تماما بين الصلب والترائب سواء بالنسبة للرجل أم بالنسبة للمرأة. أي من هناك تأتي شريانهما المغذية ولمفهما وأعصابهما وهناك تصب أوردتهما. ذلك لأنهما نزلا من هناك في مرحلة من مراحل تكوين الجنين مع امتداد ما يربطهما بذلك الموقع. أي لم ينفصلا عنه. وما أنزلا إلا لتسهيل عملية الجماع بين الرجل والمرأة. بل أخرجت معظم الأعضاء التناسلية للرجل من جسمه لأجل ذلك. وهذا إعجاز علمي واضح.
٣- من سلالة من ماء مهين: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨-٣٢) نسله: ذريته. سلالة: خلاصة.
٤- من نطفة أمشاج فيها عناصر الأب والأم: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ (٢-٧٦)
أمشاج: أخلاط أي من ماء الرجل وماء المرأة.
٢٢ذ- ثم هيأ لها الله قرارا مكينا في رحم الأم: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠-٧٧) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (٢١-٧٧) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢-٧٧) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣-٢٣) ماء مهين: حقير وهو المني. قرار مكين: أي مكان حريز متمكن وهو الرحم. قدر معلوم: وهو وقت مقدر مسمى في اللوح المحفوظ. أو عامة معروف أجله عند الناس إن تم الخلق.
واستقرارها فيه شبيه بعملية الحرث: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمُ أَنَّى شئتُمْ (٢٢٣-٢)
حرث لكم: أي محل زرعكم الولد. أنى شئتم: في هذه الآية أيضا حرية اختيار عدد الأطفال. " وأنى" قد تعني كيف شئتم ومتى شئتم، لكن من حيث أمر الله. وحرثكم في قوله تعالى "فأتوا حرثكم" الذي يعني محل زرع الولد هو الرحم. وبالتالي "أنى شئتم" لا تعني هنا إلا متى شئتم.
٢٢ر- وفي النطفة قدر الله جميع تحولاتها:
١- مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨-٨٠) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩-٨٠) فَقَدَّرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (٢٣-٧٧) فقدرنا: سوينا بقدر وهيئنا. أي بعد أن جعلنا الماء المهين في قرار مكين. فنعم القادرون: أي كل ما يقدره الله حسن. ولا يقدر إلا الخير. فنعم القادر المخطط.
٢- وقدر نوع الجنس في هذه المرحلة أيضا: وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٤٥-٥٣) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (٤٦-٥٣) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمُ أَزْوَاجًا (١١-٣٥) فيتم تحديد الجنس مباشرة بالتقاء النطفتين.
٢٢ز- أما المرحلة التالية فهي مرحلة العلقة- وتشبه التي توجد في بعض البحيرات شكلا وفي امتصاصها للدم: ( واختيار هذا اللفظ يبين إعجاز القرآن وأنه كلام الله العليم بأسرار الخلق )
خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢-٩٦) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً (١٤-٢٣) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً ... (٣٨-٧٥)
السورة رقم ٩٦ تحمل اسم" العلق "
٢٢س- وبعد مرحلة العلقة تبدأ أعضاء جنس الإنسان تتكون:
أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ تُمْنَى (٣٧-٧٥) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨-٧٥) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (٣٩-٧٥) نطفة: قطرة. مني: ماء الرجل. تمنى: تراق في الرحم. علقة: أي تعلق في الرحم وتمتص الدم كالعلقة. فخلق: أي فخلق ربك الذي في قوله تعالى: إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (٣٠-٧٥). فسوى: أي سوى بين الأعضاء فأصبحت خلقا متكاملا معتدلا لا يطغى طرف منها على آخر. فجعل منه الزوجين: أي من المني لأن الإنسان نفسه كان نطفة من مني. واكتشف حديثا أن الجنس يحدده ماء الرجل.
بالطبع كل خلايا العلقة تحمل نوع الجنس وخصائصه. فذلك يتم بالتقاء النطفتين. ولا يبقى إلا التمييز الظاهري للأعضاء الجنسية. وهذا يبدأ تكوينه بعد مرحلة العلقة إلى أن تصبح سوية تماما مع تطور الجنين. فيبدأ الخلق الفعلي للأعضاء في مرحلة المضغة.
٢٢ش- المرحلة التالية هي مرحلة المضغة: (واختيار هذا اللفظ أيضا يبين إعجاز القرآن)
فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً (١٤-٢٣) العلقة: أي تعلق في الرحم وتمتص الدم كالعلقة. وشكلها أيضا كالدم الجامد. مضغة: أي حجمها كالمضغة التي نضع في الفم وكأن عليها أثر أسنان.
٢٢ص- وتتطور على الشكل التالي: ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ (٥-٢٢) نطفة: قطرة. أي التقاء ماء الرجل بماء المرأة. مضغة: أي حجمها كالمضغة التي نضع في الفم وكأن عليها أثر أسنان. مخلقة وغير مخلقة: ففي نفس المضغة أجزاء تتخلق وأخرى تنتظر دورها. فمن يستطع قول هذه الحقيقة المذهلة غير الله سبحانه الخلاق العليم ؟ وقيل أيضا في قوله " مخلقة وغير مخلقة " هل سيكون منها خلق أم لا لكن هذا المعنى ضعيف لأن لا يمكن أن يخلق الإنسان من مضغة لا يكون منها خلق والآية تؤكد أننا خلقنا منها. لنبين لكم: أي لنبين أن من نزل القرآن هو من خلقكم ويخبركم بمراحل خلقكم. فتحققوا من ذلك لتؤمنوا بكلامنا وتعرفوا قدرتنا في الخلق !
٢٢ض- ثم يأتي الاستقرار النهائي للجنين في الرحم إلا ما شاء الله : وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى (٥-٢٢) وأكثر الإجهاضات تقع قبل هذه المرحلة أي في الثلاثة أشهر الأولى.
٢٢ط- تسوية الإنسان ونفخ الروح في جسد آدم : ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ (٩-٣٢) أي بعد أن خلق الله الإنسان من طين كما ذكر في آية قبل هذه سواه أي سوى بين أعضائه لا يطغى طرف على آخر. ونفخ فيه من روحه: أي نفخ الله الحياة من روحه في روح آدم. وورثها بنوه. أما أرواحهم التي تميزهم فموضوع آخر ستجده مفصلا في كتاب قصة الوجود.
٢٢ظ- بعد مرحلة المضغة: العظام وما يكسوها من لحم وعضلات: فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤-٢٣) فهنا يبين الله لنا مرحلة ظهور العظام ثم بعدها العضلات. فهذا إعجاز بلا شك ! فخلقنا المضغة عظاما: أي بعد مرحلة المضغة. وحجمها كالمضغة التي نضع في الفم وكأن عليها أثر أسنان. أنشأناه خلقا آخر: فالإنسان يمر خلقا بعد خلق كما جاء في الفقرة التالية. وبنفخ الروح واكتماله يصبح خلقا آخر. فتبارك الله: أي تعاظم وتعالى. والبركة هي الكثرة والاتساع.
قيل للذي بعث بعد موت دام مائة عام: وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا (٢٥٩-٢) ننشزها: نرفعها. واللحم هنا هو العضلات.
٢٢ع- إذن عدة مراحل لخلق وتطور الجنين كما أن ثلاث ظلمات تحيط به وتحميه من النور الخارجي- وكأن الظلمة ضرورية لتكوينه: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦-٣٩)
وقد تكون هذه الظلمات: المشيمة وهي غشاء يحيط بالجنين ثم الرحم ثم بطن الأم. فسبحان من نبهنا إلى أهميتها. يخلقكم: فعل مضارع يدل على الحاضر المستمر. أي يخلق أجساد الجنس البشري في بطون أمهاتهم في الأرض. خلقا من بعد خلق: أي يخلقكم مرحلة بعد أخرى كالنطفة والعلقة والمضغة ... الخ. فأنى تصرفون: أي كيف تعرضون عن الحق المبين ؟
٢٢غ- الولادة: ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا (٦٧-٤٠)
٢٢ف- تعاقب مراحل الضعف ومراحل القوة: ← فقرة ٢٧أ
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضُعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضُعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضُعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (٥٤-٣٠) وإخراج القوة من الضعف والضعف من القوة من دلائل وجود الله. العليم القدير: العليم بالخلق القدير على كل شيء.
قال تعالى أيضا: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نَنْكُسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٦٨-٣٦) نعمره: أي نطل عمره. ننكسه في الخلق: أي نجعل خلقه يتراجع ويضعف ويهرم إلى أن يصل إلى أرذل العمر. فذلك يذكر الناس من حوله باقتراب الموت. أفلا تعقلون: أفلا تعقلون أن عليكم أن تستغلوا قواتكم وأوقاتكم في عبادة الله كما أمر قبل أن تضعفوا ولا تعلموا بعد علم شيئا ؟
٢٢ق- وخلق الإنسان لا شيء أمام خلق السماوات والأرض:
← فصل الله والخلق ٤٠-٥٠ع (١١-٣٧)(٢٧-٧٩)(٥٧-٤٠)
٢٢ك- وعندما يولد لا يعلم شيئا: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا (٧٨-١٦)
السمع والأبصار والأفئدة: وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ (٧٨-١٦) والسمع هو أول حاسة يستعملها المولود ثم البصر ثم الأفئدة. والسمع واحد لأن الأذن تلتقط الأصوات الآتية من جميع النواحي. أما الأبصار فهي متعددة حسب اتجاه البصر. أما الأفئدة فهي كثيرة منها الذاكرة والعقل وأدواته.
- في النوم تبقى حاسة الأذن تلتقط الأصوات- لذلك قال تعالى عن أهل الكهف: فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (١١-١٨) أنظر الفقرة ٢٤
إرسال تعليق