(3/4)
أ- وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِي لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (٢٠-٢٧) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢١-٢٧) وتفقد الطير: أي أراد أن يتفحص من كان حاضرا ومن كان غائبا من الطيور. بسلطان مبين: بحجة بينة أي بسبب مقنع لغيابه.
ب- فَمَكُثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢-٢٧) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (٢٣-٢٧) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (٢٤-٢٧) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا يُخْفُونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (٢٥-٢٧) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦-٢٧) فمكث غير بعيد: أي ظل الهدهد غائبا مدة غير طويلة. أحطت: علمت واطلعت. سبأ: هي مدينة باليمن. بنبأ: بخبر. تملكهم: أي ملكتهم وهي بلقيس. من كل شيء: أي من الجمال والسلطة والجنود والمال ... عرش عظيم: سرير. عظيم بهيأته الكبيرة وبما يحتوي من ذهب وغير ذلك مقارنة بعروش الملوك في ذلك الزمان. عن السبيل: أي سبيل الله الواحد. فهم لا يهتدون: أي إلى طريق الله. ولا يبحثون عنها. الخبء: هو المخبوء والمستور كالمطر والنبات والمعادن والكنوز ...
ت- قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٧-٢٧) اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (٢٨-٢٧) من الكاذبين: في ذلك إشارة إلى أن الهدهد يمكن له الكذب والحيلة. تول عنهم: أي تنح عنهم قليلا. فانظر: فانتظر. ماذا يرجعون: أي ماذا سيفعلون بعد ذلك وماذا سيكون ردهم.
١٣- ملكة سبأ تجاه رسالة سليمان
أ- شاورت قومها: قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩-٢٧) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠-٢٧) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١-٢٧) قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢-٢٧) قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (٣٣-٢٧) كريم: كريم لحسن شكله ومختوم من ملك. مسلمين: مسلمين لله وطائعين لي. حتى تشهدون: أي حتى تحضرون وتشيرون علي. وأولوا بأس شديد: أي أصحاب شدة في الحرب.
ب- فحاولت إغراء سليمان: قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (٣٤-٢٧) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (٣٥-٢٧) أفسدوها: أي بالتخريب أو بإفساد نظام عيشها. وكذلك يفعلون: هذا تأكيد لما قالت. أو في كل الأحوال الملوك مفسدون. أو وكذلك سيفعل سليمان. وهذا من قول الملكة. لذلك قالت مباشرة: وإني مرسلة إليهم ... أما سليمان فكان ملكا عادلا مسلما ونبيا. إليهم: أي إلى سليمان وجنوده. فناظرة: أي سأنتظر. بم يرجع المرسلون: أي إما بقبول الهدية أو رفضها يعني هل سيتركوننا وشأننا أم سيغزوننا ؟
١٤- سليمان تجاه هدية الملكة
فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (٣٦-٢٧) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (٣٧-٢٧) فلما جاء: أي الرسول ومن معه بالهدية. فما آتاني الله: أي النبوة والملك العظيم. بل أنتم بهديتكم تفرحون: أي تفرحون بالهدايا وتتفاخرون بها. ارجع إليهم: المخاطب هو الرسول الذي أتى بالهدية. لا قبل: لا طاقة. ولنخرجنهم منها: أي من سبأ. أذلة: أذلة بسلب عزهم وملكهم. صاغرون: ذليلون مهانون.
١٥- سليمان وعرش الملكة
أ- قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨-٢٧) قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (٣٩-٢٧) قال يا أيها الملأ...: هذا قول سليمان في مقام آخر. مسلمين: أي خاضعين لي أو مؤمنين بالله. ولا شك أن سليمان قال ذلك بعد أن وصله الخبر بقبولهم بأن يأتوه مسلمين. فلم يفصل القرآن رجوع الرسول وهدية الملكة وقرارهم أن يأتوا سليمان. عفريت من الجن: أي من أقويائهم ومردتهم. قبل أن تقوم من مقامك: أي من مجلسك. وكان يعلم وقت ذلك. أمين: أمين على ما فيه أي سأحضره كاملا دون نقص أو كسر.
ب- قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ (٤٠-٢٧) الذي عنده علم من الكتاب قيل اسمه آصف بن برخيا. وكان من بني إسرائيل والله أعلم. علم من الكتاب: علم من علم الله يخص به من شاء من أوليائه فيستجيب لهم بفضل ذلك العلم. بمعنى أنه منحهم استجابته مسبقا بفضل ذلك العلم. فبه تحدث المعجزة بإذنه كن فيكون. فالفاعل هو الله والداعي بأدعية علم الله يحفظ أسرار هذا العلم ويعلم حدوده. يرتد إليك طرفك: أي قبل أن ترمش بعينيك. وكان العرش باليمن وسليمان ببيت المقدس.
ت- فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (٤٠-٢٧) مستقرا: ثابتا. أم أكفر: أي بالنعمة. يشكر لنفسه: أي لدوام النعمة والمزيد منها في الدنيا أو في الآخرة. غني: غني عن شكر الناس. كريم: كريم بالتفضل على من يشكر ومن لا يشكر.
١٦- استسلام الملكة وإسلامها ( وهي بلقيس بنت شراحيل )
أ- قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (٤١-٢٧) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (٤٢-٢٧).وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (٤٣-٢٧) نكروا لها عرشها: أي غيروه بالقدر الذي تنكره ولا تعرفه. أتهتدي: أي إلى معرفته اختبارا لعقلها. أهكذا عرشك: فشبهوا فشبهت: كأنه هو. وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين: هذا من كلام سليمان. ففي الآية تقديم وتأخير: " ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين ". والعلم هنا علم بأمور الدين والدنيا والعلم الذي به أوتي العرش من اليمن. وصدها: أي عن العلم الحق والإسلام. ما كانت تعبد: فكانت تعبد الشمس. من قوم كافرين: فكل من أشرك بالله أتاه كتابه أم لم يأته فهو كافر لأنه رفض فطرته وكفر بوحدانيته ونعمه.
ب- قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٤-٢٧) قيل لها: أي من كانوا برفقتها. الصرح: وهو هنا القصر وقيل الصحن وساحة الدار. لجة: وهي الماء الكثير. وكشفت عن ساقيها: ذلك لكيلا يبتل ثوبها بالماء. قال: أي قال سليمان. ممرد: مملس. قوارير: أي زجاج. ظلمت نفسي: أي ظلمتها بالشرك. قيل دخولها الصرح الزجاجي كان حيلة من سليمان لتكشف عن ساقيها ليرى هل فيها عيب في رجلها ( كما قيل له ) أم لا والله أعلم. وأسلمت: أي خضعت لله ولأمره. مع سليمان: أي على دين سليمان.
إرسال تعليق